-A +A
حامد خلف العمري
يروي الشيخ العلامة عبد القادر شيبة الحمد (المصري المنشأ, والمدرس بالمسجد النبوي)، في حلقات عن حياته على إحدى القنوات (1)، ما عايشه في الفترة التي سبقت عملية إلغاء المحاكم الشرعية في مصر بموجب القانون رقم 462 سنة 1955، فيقول: إن هذه المرحلة سبقها تصعيدٌ متزايد في الصحف في ذلك الوقت ضد القضاء الشرعي وضد القضاة، بل وأصبحت القصص المكرورة عن أخطاء القضاة أخبارا أساسية في اغلب الصحف، حتى كانت القصة المكذوبة عن ضبط قاضيين في شقة مشبوهة! فكانت هي الشماعة التي علق عليها قرار إلغاء المحاكم الشرعية!
والحقيقة أن المتأمل في هذه القضية يتبين له أن ما قامت تلك الصحف في تلك الفترة كان من قبيل خلق رأي عام ضد القضاء الشرعي وتشويهه لدى الناس حتى يسهل استبداله بالقانون الوضعي، وهذا ما حدث بالفعل!
تذكرت هذه القصة وأنا أتابع خلال الأسابيع الماضية ارتفاع وتيرة النقد لجهاز القضاء في السعودية على خلفية قصص متعددة لا يبدوأنها تختلف في أهدافها عن القصة التي أوردها الشيخ, ورأينا كيف أن العديد من القنوات والمواقع والصحف انشغلت بهذه القصص وركزت عليها بشكل ملفت، بل أن إحدى الصحف المحلية وأخرى عربية أفردتا مساحة واسعة على صدر صفحتيهما الأولى والأخيرة لخبر اتهام شخص يُزعم انه قاضي جرى توقيفه في إحدى الدول المجاورة، بالرغم من نفي كل من ديوان المظالم ووزارة العدل أن يكون الشخص الموقوف من المنتمين إلى أي منهما! (2)
وفي هذا الصدد يتذكر الجميع الحملات المنظمة ضد جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتضخيم الإعلامي لأخطاء أفراده، ما حدا بالرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى القول:” أخشى بهذه الطريقة الفجة والسيئة من بعض الصحفيين والإعلاميين أن ينشأ جيل جديد من الشباب في بُغضةٍ شديدة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من كثرة الضرب على هذه الوتيرة وتلمس الأخطاء” (3).
على أن بعض المتابعين يرى أن جهاز الهيئة قد نجح وبشكل كبير في امتصاص تلك الضربات المؤلمة والاستفادة من النقد بنوعيه، مما ساعده على تطوير أدائه وكسب ثقة المجتمع من خلال الإنجازات الملموسة التي يحققها وكذلك تعاطيه الجيد مع الإعلام والذي مكنه من تفويت الكثير من محاولات التشويه.
والواقع، ومع علمنا أن هناك من يفرح بالأخطاء التي تحدث هنا وهناك، ناهيك عن من يقوم باختلاق القصص ونشرها بغرض التشويه وزعزعة ثقة الناس والمسؤولين في القضاء الشرعي، إلا أن الجميع يتفق على أن جهاز القضاء في المملكة بحاجة إلى مزيد من الإصلاح والتطوير، شأنه في ذلك شأن جميع أجهزة الدولة.
وخلاصة ما أريد قوله هنا، هوأنه ينبغي على الجهات العدلية أن تسعى إلى تطوير أداء أجهزتها خاصة بعد إقرار “مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء” وتخصيص ميزانية خاصة لهذا المشروع تبلغ (7) مليارات ريال، وكذلك ينبغي على هذه الجهات الاستفادة من النقد أيا كان مصدره، بل أرى أكثر من ذلك وهو دعوة المتخصصين وعقد ورش عمل لبحث آليات التطوير الممكنة، كذلك أرى أنه من الواجب أيضاً ونحن نقع اليوم تحت مجهر الإعلام،لا المحلي فحسب بل والعالمي، أن تسعى هذه الجهات إلى تطوير آلية التعامل مع الإعلام خاصة، فقد رأينا في فترات سابقة العديد من القضايا الكبيرة والتي شغلت الرأي العام، يتحدث ويكتب عنها الكثير من غير المتخصصين، وأحيانا يتم استغلال عدم وجود توضيحات سريعة من هذه الجهات في التشويش والتلبيس على الناس.

1) برنامج صفحات من حياتي _ قناة المجد.
2) http://www.moj.gov.sa/newsresult.aspx?id=1158
3) http://www.hesbah.gov.sa/index.php?option=com_content&task=view&id=4165&Itemid=58


Hamid.alumary@gmail.com