للشاعر الحجازي الكبير مصطفى زقزوق قصة عشق طويلة مع السياحة والأسفار، فحياته كلها لا تعرف للراحة سبيلا، وعمره كله نذره للسفر والترحال من بلد إلى بلد، ومن مكان إلى آخر، إلا أن القاهرة كان لها الحظ الأكبر، والنصيب الأوفر من رحلاته السياحية، لذلك اتخذ له مقراً بالقاهرة، وآخر بالإسكندرية!
والشاعر مصطفى زقزوق شاعر بالسليقة، أي شاعر مطبوع، لأنه ينتمي إلى أرض الحجاز، تلك البقعة الثرية التي أنجبت شعراء كبارا أمثال: عمر بن أبي ربيعة، والعرجي، والبهاء زهير، وأبي محجن الثقفي، وغيرهم ممن أثروا الحياة الأدبية في القرنين الأول والثاني الهجري.
التقت (عكاظ) بالشاعر الحجازي مصطفى زقزوق ليسرد جانباً من خواطره مع الأسفار والسياحة، وما يستهويه منها، وأهم المعالم التي تستوقفه، وما إلى ذلك ... فإلى التفاصيل:
عاشق الدنيا كلها
يقول الحقيقة أنني أحب النزاهة والتنزه، وأحب الناس –كل الناس- وأفتح قلبي وبيتي لمن أعرفه ولمن لا أعرفه ... ومنذ صغري وأنا عاشق للدنيا، أنفق كل ما لديّ من أجل الاستمتاع بالأدب والفن والموسيقى وزيارة المتاحف والمناطق الأثرية .. إلى الحد الذي يجعلني أزور المتحف أو الأثر مرات ومرات!
ولا أخفي سراً أنني أتخلى عن كثير من مشاغل الحياة وأعمالي الخاصة في سبيل حضور ندوة شعرية بمكان ما، أو زيارة متحف في بلد بعيد! فالمتاحف –من وجهة نظري- تظل رمزاً من رموز المزارات السياحية في أي بلد من بلدان العالم، ولا يتخطاها السائح بأي حال من الأحوال، لأنها تعكس تاريخ وثقافة الشعوب وتراثها، بما تحمله من ذكريات ثقافية وتاريخية.
وفى مصر تتعدد أشكال وأنواع هذه المتاحف ومنها على سبيل المثال المتاحف الثقافية: مثل "كرمة بن هانئ" وهو منزل أمير الشعراء أحمد شوقي الذي تحول بعد وفاته إلى متحف يضم مقتنيات شوقي الخاصة، إلى جانب قاعات للإطلاع وإلقاء الشعر، وتوزع فيه جائزة الإبداع في الشعر الكلاسيكي من كل عام.
بيت عميد الأدب العربي
وهناك متحف "رامتان" وهو بيت عميد الأدب العربي طه حسين الذي يضم أهم مقتنياته، ومنها نظارته السوداء الشهيرة التي كان يرتديها دائماً، ومكتبته بما تحويه من عشرات الكتب العربية والفرنسية وكذلك الإنجليزية، حيث عرف بثقافته الواسعة، إلى جانب مكتبة خاصة للنشء الصغير، وقاعات يمارس فيها الشباب العديد من الأنشطة الثقافية والفنية وقاعة للندوات المختلفة وأخرى للفن التشكيلي والنحت.
ومما أسعدني أن وزارة الثقافة المصرية قد اهتمت بهذه المتاحف بشكل ملحوظ مؤخراً لما لمسته من دور فعال في دعم الثقافة والفن العربي الأصيل الذي يمنح المواطن العادي انتماء إلى هذا البلد بتاريخه الطويل الذي يمتد كامتداد نهر النيل على أرضه، وكذا تعمل ثقافة المتاحف على اجتذاب نخبة عظيمة من السواح العرب والأجانب من شتى بلدان العالم للاستمتاع بالتراث المعبق بروائح الشرق وثقافاته التي تضرب في أعماق التاريخ كأبجدية تبدأ ولا تنتهي.
اليوبيل الماسي
ويستطرد أذكر أنني قد دُعيتُ من قِبل وزارة الثقافة المصرية خلال الاحتفال باليوبيل الماسي للمتحف المصري بمناسبة مرور 100 عام على إنشائه، والذي يقع على خريطة أعرق المتاحف العالمية بما يحتويه من آثار فرعونية قديمة تمثل العصور القديمة وتمثل كافة الأسر، والمتحف يقع عل ضفة النيل في أشهر ميادين القاهرة على الإطلاق، وهو ميدان الشهيد عبد المنعم رياض ليلقى بشموخه إطلالة على أهم منجز حضاري جديد وهو مبنى الإذاعة والتليفزيون الذي أنشئ في أوائل القرن الماضي، وقد لاقى حدث الاحتفال اهتماماً إعلامياً كبيراً من قبل دول العالم أجمع.
كما كنتُ ضمن الوفود التي حضرت مع وزير الثقافة المصري فاروق حسنى بافتتاح (بيت العود العربي) الذي يقع في بيت السيحمي الأثري بالقاهرة الفاطمية والذي يترأسه الموسيقار وعازف العود العراقي "نصير شمة" ويضم البيت أكثر من 50 دارسا للعود من مختلف أنحاء الوطن العربي.
متحف كوكب الشرق
ومن أهم الأحداث الثقافية والفنية التي شهدتها بالقاهرة افتتاح (متحف كوكب الشرق أم كلثوم) والذي ضم كافة الاسطوانات القديمة التي شدت بها أم كلثوم وأشهر فساتينها التي ارتدها في الحفلات سواء في مصر أو الدول العربية أو الأجنبية التي غنّت بها، والمتحف تم إلحاقه بقصر المانستري في الركن الجنوبي الغربي من نهاية جزيرة الروضة، ، وقد تم تصميم (متحف أم كلثوم) على الطراز العربي الأصيل ليشكل سيمفونية معمارية تتناغم مع الطراز الذي صمم به القصر . كما شهدتُ من قبل افتتاح متحف موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وقد تم إلحاقه بمعهد الموسيقى العربية، وترميم الزخارف الإسلامية للمسرح بأسلوب الحقن وتطوير نظام الصوت والإضاءة بأسلوب تبع أحدث الوسائل التكنولوجية العالمية المتطورة، ويضم متحف موسيقار الأجيال صالة عرض لمقتنيات عبد الوهاب الخاصة توضح مشوار حياته الفني . وتم تخصيص جناح آخر يضم ملامح خاصة من حياته الذاتية، ومنزله ويعرض من خلاله جزء من حجرة مكتبه التي تحتوى مكتبه الخشبي الصغير، ومجموعة من البدل التي ارتداها في أفلامه السينمائية التي قام ببطولتها في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، ونظارته الشخصية، وجواز سفره الدبلوماسي، والبيانو الخاص به، وكذلك الكرسي الخشبي الذي كان يفضل الجلوس عليه، وهو من النوع الهزاز، وهو نفس الكرسي الذي توفي عليه جالساً! و قدم رموز الفن والموسيقى حفلات عديدة بالمتحف ومعهد الموسيقى العربية بالقاهرة.
مركز المسرح والموسيقى
ومن الأماكن الجميلة التي لفتت انتباهي بالقاهرة: المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، حيث المتحف الذي يضم أهم مقتنيات رموز الفن في تاريخ مصر، حيث يقوم الدكتور أسامة أبو طالب -رئيس المركز- بالاتصال بورثة العديد من الفنانين للاتفاق معهم على ضم هذه المقتنيات إلى المتحف الذي تم إنشاؤه بمقر المركز للحفاظ على التراث العربي الخاص بهم، ومن بين هؤلاء الرموز: يوسف وهبي، جورج أبيض، سناء جميل، محمد فوزي، نجيب الريحاني، زكريا أحمد، وغيرهم .
الأمسيات الثقافية
والحمد لله، أنني مازلتُ على تواصل مع كثير من الإخوة والأصدقاء الأدباء والشعراء والكتاب والفنانين المصريين، أشاركهم في أمسياتهم الأدبية والثقافية أينما كانت، خاصة في فترة الصيف التي أحب قضاءها بالقاهرة والإسكندرية ... فكثيراً ما يدعونني في رابطة الأدب الحديث بالقاهرة، ونادي القصة، ودار الأدباء، وجمعية المنفلوطي الأدبية، وغير ذلك من المنتديات الثقافية ... وأنشر كثيراً من قصائدي ومقالاتي في الصحف المصرية، كما أنني نشرت دواويني الأخيرة بالقاهرة ... كل هذا من حسنات الأسفار وفوائد السياحة والتنقل بين البلدان والأقطار المختلفة!
والشاعر مصطفى زقزوق شاعر بالسليقة، أي شاعر مطبوع، لأنه ينتمي إلى أرض الحجاز، تلك البقعة الثرية التي أنجبت شعراء كبارا أمثال: عمر بن أبي ربيعة، والعرجي، والبهاء زهير، وأبي محجن الثقفي، وغيرهم ممن أثروا الحياة الأدبية في القرنين الأول والثاني الهجري.
التقت (عكاظ) بالشاعر الحجازي مصطفى زقزوق ليسرد جانباً من خواطره مع الأسفار والسياحة، وما يستهويه منها، وأهم المعالم التي تستوقفه، وما إلى ذلك ... فإلى التفاصيل:
عاشق الدنيا كلها
يقول الحقيقة أنني أحب النزاهة والتنزه، وأحب الناس –كل الناس- وأفتح قلبي وبيتي لمن أعرفه ولمن لا أعرفه ... ومنذ صغري وأنا عاشق للدنيا، أنفق كل ما لديّ من أجل الاستمتاع بالأدب والفن والموسيقى وزيارة المتاحف والمناطق الأثرية .. إلى الحد الذي يجعلني أزور المتحف أو الأثر مرات ومرات!
ولا أخفي سراً أنني أتخلى عن كثير من مشاغل الحياة وأعمالي الخاصة في سبيل حضور ندوة شعرية بمكان ما، أو زيارة متحف في بلد بعيد! فالمتاحف –من وجهة نظري- تظل رمزاً من رموز المزارات السياحية في أي بلد من بلدان العالم، ولا يتخطاها السائح بأي حال من الأحوال، لأنها تعكس تاريخ وثقافة الشعوب وتراثها، بما تحمله من ذكريات ثقافية وتاريخية.
وفى مصر تتعدد أشكال وأنواع هذه المتاحف ومنها على سبيل المثال المتاحف الثقافية: مثل "كرمة بن هانئ" وهو منزل أمير الشعراء أحمد شوقي الذي تحول بعد وفاته إلى متحف يضم مقتنيات شوقي الخاصة، إلى جانب قاعات للإطلاع وإلقاء الشعر، وتوزع فيه جائزة الإبداع في الشعر الكلاسيكي من كل عام.
بيت عميد الأدب العربي
وهناك متحف "رامتان" وهو بيت عميد الأدب العربي طه حسين الذي يضم أهم مقتنياته، ومنها نظارته السوداء الشهيرة التي كان يرتديها دائماً، ومكتبته بما تحويه من عشرات الكتب العربية والفرنسية وكذلك الإنجليزية، حيث عرف بثقافته الواسعة، إلى جانب مكتبة خاصة للنشء الصغير، وقاعات يمارس فيها الشباب العديد من الأنشطة الثقافية والفنية وقاعة للندوات المختلفة وأخرى للفن التشكيلي والنحت.
ومما أسعدني أن وزارة الثقافة المصرية قد اهتمت بهذه المتاحف بشكل ملحوظ مؤخراً لما لمسته من دور فعال في دعم الثقافة والفن العربي الأصيل الذي يمنح المواطن العادي انتماء إلى هذا البلد بتاريخه الطويل الذي يمتد كامتداد نهر النيل على أرضه، وكذا تعمل ثقافة المتاحف على اجتذاب نخبة عظيمة من السواح العرب والأجانب من شتى بلدان العالم للاستمتاع بالتراث المعبق بروائح الشرق وثقافاته التي تضرب في أعماق التاريخ كأبجدية تبدأ ولا تنتهي.
اليوبيل الماسي
ويستطرد أذكر أنني قد دُعيتُ من قِبل وزارة الثقافة المصرية خلال الاحتفال باليوبيل الماسي للمتحف المصري بمناسبة مرور 100 عام على إنشائه، والذي يقع على خريطة أعرق المتاحف العالمية بما يحتويه من آثار فرعونية قديمة تمثل العصور القديمة وتمثل كافة الأسر، والمتحف يقع عل ضفة النيل في أشهر ميادين القاهرة على الإطلاق، وهو ميدان الشهيد عبد المنعم رياض ليلقى بشموخه إطلالة على أهم منجز حضاري جديد وهو مبنى الإذاعة والتليفزيون الذي أنشئ في أوائل القرن الماضي، وقد لاقى حدث الاحتفال اهتماماً إعلامياً كبيراً من قبل دول العالم أجمع.
كما كنتُ ضمن الوفود التي حضرت مع وزير الثقافة المصري فاروق حسنى بافتتاح (بيت العود العربي) الذي يقع في بيت السيحمي الأثري بالقاهرة الفاطمية والذي يترأسه الموسيقار وعازف العود العراقي "نصير شمة" ويضم البيت أكثر من 50 دارسا للعود من مختلف أنحاء الوطن العربي.
متحف كوكب الشرق
ومن أهم الأحداث الثقافية والفنية التي شهدتها بالقاهرة افتتاح (متحف كوكب الشرق أم كلثوم) والذي ضم كافة الاسطوانات القديمة التي شدت بها أم كلثوم وأشهر فساتينها التي ارتدها في الحفلات سواء في مصر أو الدول العربية أو الأجنبية التي غنّت بها، والمتحف تم إلحاقه بقصر المانستري في الركن الجنوبي الغربي من نهاية جزيرة الروضة، ، وقد تم تصميم (متحف أم كلثوم) على الطراز العربي الأصيل ليشكل سيمفونية معمارية تتناغم مع الطراز الذي صمم به القصر . كما شهدتُ من قبل افتتاح متحف موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وقد تم إلحاقه بمعهد الموسيقى العربية، وترميم الزخارف الإسلامية للمسرح بأسلوب الحقن وتطوير نظام الصوت والإضاءة بأسلوب تبع أحدث الوسائل التكنولوجية العالمية المتطورة، ويضم متحف موسيقار الأجيال صالة عرض لمقتنيات عبد الوهاب الخاصة توضح مشوار حياته الفني . وتم تخصيص جناح آخر يضم ملامح خاصة من حياته الذاتية، ومنزله ويعرض من خلاله جزء من حجرة مكتبه التي تحتوى مكتبه الخشبي الصغير، ومجموعة من البدل التي ارتداها في أفلامه السينمائية التي قام ببطولتها في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، ونظارته الشخصية، وجواز سفره الدبلوماسي، والبيانو الخاص به، وكذلك الكرسي الخشبي الذي كان يفضل الجلوس عليه، وهو من النوع الهزاز، وهو نفس الكرسي الذي توفي عليه جالساً! و قدم رموز الفن والموسيقى حفلات عديدة بالمتحف ومعهد الموسيقى العربية بالقاهرة.
مركز المسرح والموسيقى
ومن الأماكن الجميلة التي لفتت انتباهي بالقاهرة: المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، حيث المتحف الذي يضم أهم مقتنيات رموز الفن في تاريخ مصر، حيث يقوم الدكتور أسامة أبو طالب -رئيس المركز- بالاتصال بورثة العديد من الفنانين للاتفاق معهم على ضم هذه المقتنيات إلى المتحف الذي تم إنشاؤه بمقر المركز للحفاظ على التراث العربي الخاص بهم، ومن بين هؤلاء الرموز: يوسف وهبي، جورج أبيض، سناء جميل، محمد فوزي، نجيب الريحاني، زكريا أحمد، وغيرهم .
الأمسيات الثقافية
والحمد لله، أنني مازلتُ على تواصل مع كثير من الإخوة والأصدقاء الأدباء والشعراء والكتاب والفنانين المصريين، أشاركهم في أمسياتهم الأدبية والثقافية أينما كانت، خاصة في فترة الصيف التي أحب قضاءها بالقاهرة والإسكندرية ... فكثيراً ما يدعونني في رابطة الأدب الحديث بالقاهرة، ونادي القصة، ودار الأدباء، وجمعية المنفلوطي الأدبية، وغير ذلك من المنتديات الثقافية ... وأنشر كثيراً من قصائدي ومقالاتي في الصحف المصرية، كما أنني نشرت دواويني الأخيرة بالقاهرة ... كل هذا من حسنات الأسفار وفوائد السياحة والتنقل بين البلدان والأقطار المختلفة!