-A +A
فارس خضر- مصر
خنَاجِرِي

لا تكفي لصدرِكَ


يا.. ​

أيُّها الحُزن.

أنا ابْنُ الْبُكَاءِ

صامِتٌ بلا أذُنَيْنِ

ولا إيقاعاتٍ مُوسيقيَّةٍ

ولا دُمُوع.

أجْهَشْتُ بِدَمٍ وسكاكِينَ

واخْتَزَلْتُ آلاتِ التعذيبِ كُلَّها

في هَوَاءٍ منغَّمٍ

يَخْرُجُ مِنْ فَمِي

أطْلَقَنِي أبي في الْعَرَاء

بعدَ أن فقَدَ صَوْتَهُ

في جِنَازة.

ثم وزَّعَ نفسَهُ

في السَّوَاقي والطواحينِ

في صَفِيرِ الرِّيحِ

وهْيَ تَجْلِدُ البُيُـوتَ

وقالَ لي:

اُتْـرُكْ دُمُوعي لِلْمَطَر

اُتْـرُكْ دُمُوعي للينابيع.

تعَلَّقْتُ بِجِلْبَابِهِ المشروخِ

مِنْ كَثْرَةِ النَّحِيبِ

وصَحَوْتُ

وأنينُ أَسْمَالِهِ

مَحْشُورٌ بينَ أظَافِرِي.

أنا ابْنُ الْبُكَاءِ

أَجْمَعُ أشْلاءَهُ

مِنْ أفْوَاهِ الْيَتَامَى،

وأنامُ

بِأَحضانِ الأرَامِلِ

ودَمُهُ عَلَى صَدْرِي.

رأسُهُ مَطْهُوٌّ

على مَوَائِدِ الْجُوعِ،

ويداهُ تُهَيِّجَانِ

أَسِرَّة الحنينِ

في ليالي الشتاءِ الحزينة،

قدَمَاهُ تتَحَرَّكانِ بِخِفَّةٍ

بينَ غَدْرِ حَبِيبَةٍ والظلام،

وصدْرُهُ

مُوَزَّعٌ مَعَ الأنْفَاسِ

«يبكي ويَضْحَكُ

لا حُزْنًا ولا فَرَحًا»

أنا ابْنُ الْبُكَاءِ

ابْنُكَ يا أبي

سأحْرِقُ جُثَّتَكَ

وأُكَفِّنُ رَمَادَكَ بِالصَّمْتِ

سأَدْفِنُكَ إلى الأبَدِ

بَيْنَ جَفْنَيْنِ

بِلا رَجْفَةٍ

ونظرةٍ مَيِّتَة.