اقتصاد خفي، وتحويلات مشبوهة، وأنشطة مالية غير مشروعة، تشكل رافداً لغسل الأموال، ودعماً للإرهاب، يقف خلفها طامعون في الثراء ومتورطون آثروا التكسب السريع ليصبحوا شركاء متورطين في جرائم كبرى تراوح عقوبتها بين السجن والغرامة التي لا تزيد على 5 ملايين ريال، أو بكلتا العقوبتين. وتستمر الجهود المتواصلة والقوانين الرادعة وتغليظ العقوبات لمحاربة جرائم الاقتصاد الخفي التي تعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، وتضافرت الجهود لمكافحة تلك الجرائم وملاحقة مرتكبيها والمتواطئين معهم.
الطرف الثالث.. لحل الأزمة
كشفت وزارة التجارة عن منشآت تجارية استفادت من الفترة التصحيحية لمخالفي نظام مكافحة التستر لتصحح وضعها وتعود بنظامية إلى السوق منها شركة متخصصة في المواد التموينية بالأحساء تأسست منذ 15 عاماً، وتتجاوز إيراداتها السنوية 30 مليون ريال سنوياً.
وأوضحت الوزارة أن تقدم ملاك المنشأة وتجاوبهم مع الفترة التصحيحية لمخالفي نظام مكافحة التستر نتج عنه الاستفادة من مزايا الفترة للتصحيح من خلال إتمام عملية نقل ملكية الشركة لشخص آخر (طرف ثالث)، وبالتالي الإعفاء من ضريبة الدخل بأثر رجعي وتجنب تطبيق العقوبات النظامية الرادعة التي تصل إلى السجن 5 سنوات وغرامة 5 ملايين ريال؛ وفقاً لنظام مكافحة التستر وأصبحت أعمالها الآن نظامية بشكل كامل.
وفي واقعة أخرى بينت الوزارة استفادة شركة متخصصة في قطع غيار السيارات بمكة المكرمة تأسست قبل 13 عاماً، وتتجاوز إيراداتها السنوية 9 ملايين ريال سنوياً، وتقدم ملاك المنشأة وتجاوبوا مع الفترة التصحيحية.
المصححون يقطفون الثمار
استعرضت وزارة التجارة تجربة شركة متخصصة في بيع الكماليات بالقصيم، صححت وضعها بالاستفادة من الفترة التصحيحية بعد أن ظلت تعمل بالتستر لمدة 25 عاماً، وصححت وضعها عبر خيار الشراكة في المنشأة بين المواطن والمقيم. ونوهت التجارة إلى أن إيرادات الشركة السنوية تتجاوز الـ30 مليون ريال وفي واقعة أخرى أفصحت التجارة عن شركة متخصصة في بيع الملابس الجاهزة في مدينة نجران تعمل منذ 9 سنوات، وتتجاوز إيراداتها السنوية 7 ملايين ريال سنوياً.
وأوضحت الوزارة أن تقدم ملاك المنشأة وتجاوبهم مع الفترة التصحيحية لمخالفي نظام مكافحة التستر نتج عنه الاستفادة من مزايا الفترة والإعفاء من ضريبة الدخل بأثر رجعي وتجنب تطبيق العقوبات النظامية الرادعة التي تصل إلى السجن 5 سنوات وغرامة 5 ملايين ريال.
كيف تتم المتابعة ؟
المستشار القانوني سيف بن أحمد الحكمي أكد أن نظام مكافحة التستر الجديد مكَّن عدداً من الجهات الحكومية من ضبط جرائم ومخالفات التستر إلى جانب وزارة التجارة، كما منحها صلاحيات الاستعانة بالأدلة الإلكترونية، إضافة إلى طرق الإثبات الأخرى بما في ذلك الأدوات غير النظامية لتصرف غير السعودي المطلق في المنشأة.
وبيّن الحكمي الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي لإثبات حالات التستر وضبط مخالفي ومرتكبي جرائم النظام وتطبيق العقوبات بحقهم وفقاً لنظام مكافحة التستر ويعد تقدماً ذلك في العمل الحكومي لمحاربة التستر.
وتضمن نظام مكافحة التستر الجديد عقوبات مغلظة تصل إلى السجن 5 سنوات، وغرامة مالية تصل إلى 5 ملايين ريال، وحجز ومصادرة الأموال غير المشروعة لمرتكبي الجريمة بعد صدور أحكام قضائية نهائية في حقهم، وإغلاق المنشأة وتصفية النشاط وشطب السجل التجاري ومنع المدان من ممارسة أي نشاط اقتصادي لمدة 5 سنوات، وإبعاد المتستر عليهم عن المملكة وعدم السماح لهم بالعودة إليها للعمل.
الملاحقة بالذكاء الاصطناعي
الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية للبنوك السعودية سابقاً، طلعت حافظ، كشف حجم الاقتصاد الخفي في المملكة، مشيراً إلى أن الاقتصاد الخفي الناتج عن التستر التجاري يمثل ما يقارب 20% من الناتج المحلي،
وأشار إلى تسبب التستر التجاري في ارتفاع البطالة، خصوصاً أن المتستر يلجأ لتوظيف أشخاص من الذين يتستر عليهم من جماعته.
وكشف البرنامج الوطني لمكافحة التستر مرحلةً جديدةً من العمل الرقابي المشترك تعتمد على استعانة 20 جهة رقابية بتقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والمعلومات لرصد الاشتباه بحالات التستر وضبط المخالفين وإيقاع العقوبات النظامية عليهم. وأوضح المتحدث باسم وزارة التجارة عبدالرحمن الحسين، أن أسلوب العمل الرقابي لضبط مخالفي نظام مكافحة التستر اختلف بشكل كبير بعد أن كان يعتمد على الجولات الرقابية ومباشرة البلاغات، مشيراً إلى أن المرحلة الحالية شهدت عملية ربط البيانات مع 20 جهة حكومية واستنتاج أكثر من 120 دلالة على الاشتباه بالتستر وبعد القراءة الإلكترونية وتحليل البيانات يتم توجيه الفرق الرقابية للمنشآت المخالفة في مختلف مناطق المملكة لضبط المتورطين وإيقاع العقوبات النظامية عليهم.
200 مليار ريال مبيعات
الرئيس التنفيذي للبرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري أحمد السويلم، أكد أن المرحلة الثانية عقب تطبيق الفاتورة الإلكترونية كمرحلة أولى ستكون منصة تجمع كافة البيانات، وبعدها تبدأ المؤشرات في تخفيض نسبة التستر المشتبه فيه، الذي يصل إلى 200 مليار ريال كمبيعات مالية لتلك المنشآت المشتبهة في تسترها، وتمثل 15 إلى 20% من نسبة الناتج المحلي.
وبين السويلم أن للمواطن دوراً كبيراً في الإبلاغ عن المخالفات في التستر الذي ينهش الاقتصاد السعودي، ويضر بالقطاع الخاص الملتزم بوجود المنشآت المتسترة والمخالفة، التي تحتكر سلاسل الإمداد وتشكل صعوبة لدى الملتزمين، والفاتورة الإلكترونية تحد من الاحتكارات وتكشف التلاعب ومحاربة المتسترين بالأنظمة والعقوبات المقررة.