في مقالي السابق «أوهام القبة الحديدية» تناولت قضية الصراع العربي الإسرائيلي، وكيف تعتقد إسرائيل أن استراتيجية القوة المدعومة بالأسلحة الذكية المتطورة يمكنها أن تحميها، وأن ذلك سيؤمن لها السلام وسط محيط عربي يزداد نفوراً منها يوماً بعد يوم لاعتمادها على تفوقها العسكري المدعوم أمريكياً وغربياً، ومن الملاحظ أن هذه الاستراتيجية ليست جديدة أو وليدة الصدفة، بل هي استراتيجية متجذرة في السياسة الإسرائيلية منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، ودون شك كانت السبب الجوهري في عدم استقرار المنطقة واندلاع الصراعات والنزاعات بشكل شبه دائم بين كل فترة وأخرى.
في واقع الأمر، تعتمد إسرائيل على وجودها في المنطقة على عنصرين واضحين؛ أولهما هو عنصر التفوق العسكري، وثانيهما هو عنصر الدعم السياسي الغربي، وهذان العنصران للأسف الشديد لا يمكن لدولة الاعتماد عليهما إن أرادت الاستقرار على المدى البعيد لأسباب عديدة، لعل أهمها أن التفوق العسكري لا يمكن أن يدوم على نحو أبدي، وأن الآلة العسكرية لا تحسم صراعاً دون خسائر حتى للطرف الأقوى، خاصة أن الصناعة العسكرية الحديثة تعتمد على التفوق الإلكتروني، وهي صناعة لا تنفرد بها إسرائيل ولا حتى الولايات المتحدة نفسها، فالمنافسة الشديدة بين كافة الدول المنتجة للسلاح يجعل المراهنة على حيازته أمراً محفوفاً بالمخاطر.
من ناحية أخرى، يعد الاعتماد على القوى الخارجية سلاحاً متذبذباً، فالاعتماد على الدعم الخارجي يرتبط بالظروف الداخلية لهذا الداعم، وفي حالة إسرائيل فإن الإدارات الأمريكية تتفاوت في مدى دعمها لإسرائيل طبقاً للبرنامج الانتخابي لكل حزب ورئيس أمريكي على حدة، وعلى الرغم من أن إسرائيل تتلقى فعلياً دعماً أمريكياً قوياً من كافة الإدارات الأمريكية على اختلافها، إلا أن ذلك مرهون بقوة التيارات المناصرة لها بصورة عامة داخل دوائر القرار الأمريكية، لكن الاعتماد على مثل هذا الدعم يمثل مجازفة قوية بحد ذاتها لا تلجأ لها سوى الدول غير القادرة على إدارة سياساتها الخارجية بشكل صحيح، مما يجعل مستقبل تلك الدول في مهب الريح.
لقد وعى بعض زعماء إسرائيل السابقين هذه الحقيقة، مما دفعهم للسعي لعقد اتفاقيات سلام مع بعض الدول العربية، ولأسباب عديدة عقدت بعض الدول العربية اتفاقيات سلام متبادل مع إسرائيل فرضته بعض الظروف الراهنة، وتعد هذه العلاقات الدبلوماسية أمراً فرضته الظروف الأمنية والاقتصادية، وعلى الرغم من كل الوقائع المؤسفة على الأرض فإن إسرائيل هي دولة عضو في المنظمة الأممية، ولها ممثلوها داخل غالبية المؤسسات الدولية، وهي عضو مشارك في جميع الفعاليات العالمية، ووجودها داخل عمق المنطقة العربية يتطلب من بعض الدول المحيطة بها التنسيق معها لإدارة بعض الملفات الأمنية والاقتصادية.
وعلى الرغم من أن العلاقات الدبلوماسية الفاترة بين العرب وإسرائيل كانت قابلة للتحسن، إلا أن إسرائيل لم تحسن اغتنام الفرصة، فالعرب خلال موافقتهم على السلام مع إسرائيل كانوا دوماً يضعون في مقدمة مطالبهم ضمان الحقوق الفلسطينية، ويشترطون على إسرائيل إقامة السلام مع الفلسطينيين أيضاً، فالقضية الفلسطينية حاضرة دوماً في ذهن كل دولة عربية اضطرتها ظروف الأمر الواقع لأن تقيم علاقات سلام مع إسرائيل، كما أن حق الفلسطينيين في حياة كريمة مستقرة آمنة كان حاضراً بقوة مع بداية كل جلسة مفاوضات، وكان من أوائل البنود في أي اتفاقية سلام تم تطبيقها مع الجانب الإسرائيلي، فالقضية الفلسطينية كانت ولا تزال قضية كل المسلمين، وحقوق الفلسطينيين هي حق كل مواطن مسلم.
تخطئ إسرائيل تماماً إن اعتقدت أن العلاقات الدبلوماسية التي أقامتها مع بعض الدول العربية تعني التنازل أو التخلي عن الحقوق الفلسطينية بصورة أو بأخرى، كما أنها تخطئ تماماً إن اعتقدت أن سياسة التعسف والقوة المفرطة التي تنتهجها لن تنهي تلك العلاقات الدبلوماسية ذاتها، فاستخدام إسرائيل لآلتها العسكرية الغاشمة بهذه القسوة لضرب الفلسطينيين أمر لا تقبله شعوب العالم كافة وليس الدول الإسلامية والعربية فحسب، والشعوب العربية جميعها تتابع في حالة من الغليان العمليات العسكرية القاسية ضد الفلسطينيين، وهذه العمليات العسكرية الغاشمة -وإن انتهت على الأرض- محفورة تماماً في ذاكرة كل مسلم وعربي، وهي إرث ثقيل ستتركه القيادات الإسرائيلية الحالية للأجيال القادمة.
رغم مضي عقود طويلة إلا أن جراح دير ياسين وصبرا وشاتيلا وجنين وغيرها لا تزال تدمي القلوب، ولو أدركت إسرائيل هذه الحقيقة لعملت على تخفيف الذكريات بدلاً من أن تسعى لتعميقها وتضخيمها، ولو تفكّر قادة إسرائيل بعض الشيء لأدركوا أن سياسة التعسف والتباهي بالتفوق العسكري والاعتماد على الدعم الخارجي لن يمنحاها الحياة المستقرة التي تطمح لها، والحل الوحيد لكي تعيش إسرائيل في سلام واستقرار هو أن تظهر حسن النوايا، والسلام الحقيقي لا يكمن في العلاقات الدبلوماسية، السلام الحقيقي هو أن تمنح الفلسطينيين حقوقهم وتقبل بمبدأ الدولتين دون تعدٍّ على الحقوق الفلسطينية المشروعة، وأن تؤمن بحق الفلسطينيين في الحياة أولاً وقبل كل شيء، فالعلاقات الدبلوماسية التي تعول عليها إسرائيل معتمدة في الأساس على وجود سلام حقيقي وليس وهمياً، قائم على الشراكة والتعاون واحترام حقوق الطرف الآخر، ولو انعقدت كل اتفاقيات السلام في العالم دون وجود مفهوم حقيقي للسلام فإنها ليست أكثر من مجرد حروف مطبوعة على ورق.
في واقع الأمر، تعتمد إسرائيل على وجودها في المنطقة على عنصرين واضحين؛ أولهما هو عنصر التفوق العسكري، وثانيهما هو عنصر الدعم السياسي الغربي، وهذان العنصران للأسف الشديد لا يمكن لدولة الاعتماد عليهما إن أرادت الاستقرار على المدى البعيد لأسباب عديدة، لعل أهمها أن التفوق العسكري لا يمكن أن يدوم على نحو أبدي، وأن الآلة العسكرية لا تحسم صراعاً دون خسائر حتى للطرف الأقوى، خاصة أن الصناعة العسكرية الحديثة تعتمد على التفوق الإلكتروني، وهي صناعة لا تنفرد بها إسرائيل ولا حتى الولايات المتحدة نفسها، فالمنافسة الشديدة بين كافة الدول المنتجة للسلاح يجعل المراهنة على حيازته أمراً محفوفاً بالمخاطر.
من ناحية أخرى، يعد الاعتماد على القوى الخارجية سلاحاً متذبذباً، فالاعتماد على الدعم الخارجي يرتبط بالظروف الداخلية لهذا الداعم، وفي حالة إسرائيل فإن الإدارات الأمريكية تتفاوت في مدى دعمها لإسرائيل طبقاً للبرنامج الانتخابي لكل حزب ورئيس أمريكي على حدة، وعلى الرغم من أن إسرائيل تتلقى فعلياً دعماً أمريكياً قوياً من كافة الإدارات الأمريكية على اختلافها، إلا أن ذلك مرهون بقوة التيارات المناصرة لها بصورة عامة داخل دوائر القرار الأمريكية، لكن الاعتماد على مثل هذا الدعم يمثل مجازفة قوية بحد ذاتها لا تلجأ لها سوى الدول غير القادرة على إدارة سياساتها الخارجية بشكل صحيح، مما يجعل مستقبل تلك الدول في مهب الريح.
لقد وعى بعض زعماء إسرائيل السابقين هذه الحقيقة، مما دفعهم للسعي لعقد اتفاقيات سلام مع بعض الدول العربية، ولأسباب عديدة عقدت بعض الدول العربية اتفاقيات سلام متبادل مع إسرائيل فرضته بعض الظروف الراهنة، وتعد هذه العلاقات الدبلوماسية أمراً فرضته الظروف الأمنية والاقتصادية، وعلى الرغم من كل الوقائع المؤسفة على الأرض فإن إسرائيل هي دولة عضو في المنظمة الأممية، ولها ممثلوها داخل غالبية المؤسسات الدولية، وهي عضو مشارك في جميع الفعاليات العالمية، ووجودها داخل عمق المنطقة العربية يتطلب من بعض الدول المحيطة بها التنسيق معها لإدارة بعض الملفات الأمنية والاقتصادية.
وعلى الرغم من أن العلاقات الدبلوماسية الفاترة بين العرب وإسرائيل كانت قابلة للتحسن، إلا أن إسرائيل لم تحسن اغتنام الفرصة، فالعرب خلال موافقتهم على السلام مع إسرائيل كانوا دوماً يضعون في مقدمة مطالبهم ضمان الحقوق الفلسطينية، ويشترطون على إسرائيل إقامة السلام مع الفلسطينيين أيضاً، فالقضية الفلسطينية حاضرة دوماً في ذهن كل دولة عربية اضطرتها ظروف الأمر الواقع لأن تقيم علاقات سلام مع إسرائيل، كما أن حق الفلسطينيين في حياة كريمة مستقرة آمنة كان حاضراً بقوة مع بداية كل جلسة مفاوضات، وكان من أوائل البنود في أي اتفاقية سلام تم تطبيقها مع الجانب الإسرائيلي، فالقضية الفلسطينية كانت ولا تزال قضية كل المسلمين، وحقوق الفلسطينيين هي حق كل مواطن مسلم.
تخطئ إسرائيل تماماً إن اعتقدت أن العلاقات الدبلوماسية التي أقامتها مع بعض الدول العربية تعني التنازل أو التخلي عن الحقوق الفلسطينية بصورة أو بأخرى، كما أنها تخطئ تماماً إن اعتقدت أن سياسة التعسف والقوة المفرطة التي تنتهجها لن تنهي تلك العلاقات الدبلوماسية ذاتها، فاستخدام إسرائيل لآلتها العسكرية الغاشمة بهذه القسوة لضرب الفلسطينيين أمر لا تقبله شعوب العالم كافة وليس الدول الإسلامية والعربية فحسب، والشعوب العربية جميعها تتابع في حالة من الغليان العمليات العسكرية القاسية ضد الفلسطينيين، وهذه العمليات العسكرية الغاشمة -وإن انتهت على الأرض- محفورة تماماً في ذاكرة كل مسلم وعربي، وهي إرث ثقيل ستتركه القيادات الإسرائيلية الحالية للأجيال القادمة.
رغم مضي عقود طويلة إلا أن جراح دير ياسين وصبرا وشاتيلا وجنين وغيرها لا تزال تدمي القلوب، ولو أدركت إسرائيل هذه الحقيقة لعملت على تخفيف الذكريات بدلاً من أن تسعى لتعميقها وتضخيمها، ولو تفكّر قادة إسرائيل بعض الشيء لأدركوا أن سياسة التعسف والتباهي بالتفوق العسكري والاعتماد على الدعم الخارجي لن يمنحاها الحياة المستقرة التي تطمح لها، والحل الوحيد لكي تعيش إسرائيل في سلام واستقرار هو أن تظهر حسن النوايا، والسلام الحقيقي لا يكمن في العلاقات الدبلوماسية، السلام الحقيقي هو أن تمنح الفلسطينيين حقوقهم وتقبل بمبدأ الدولتين دون تعدٍّ على الحقوق الفلسطينية المشروعة، وأن تؤمن بحق الفلسطينيين في الحياة أولاً وقبل كل شيء، فالعلاقات الدبلوماسية التي تعول عليها إسرائيل معتمدة في الأساس على وجود سلام حقيقي وليس وهمياً، قائم على الشراكة والتعاون واحترام حقوق الطرف الآخر، ولو انعقدت كل اتفاقيات السلام في العالم دون وجود مفهوم حقيقي للسلام فإنها ليست أكثر من مجرد حروف مطبوعة على ورق.