تحار حين تقرأ قصائد الشاعر فهد عافت مثل حيرتك أمام المعري أو المتنبي هل تصنفه شاعرًا بين الفلاسفة أم فيلسوفًا بين الشعراء؟
ويُحيِّرك ملمحٌ آخر، لكنَّه في شخصيته هذه المرة: فبعض المبدعين يسخو في عطائه الإبداعي، ويبخل بدفء دواخله على الناس، أو تستشفُّ شيئًا من الحُجُب الرقيقة تحيط بعلاقاته، في حين تكادُ كفَّتا الكرم والسخاء أنْ تتعادلا بين الفضاءين في شخصية عافت.
منذ أكثر من ثلاثة عقود ونحن ننهل من كرم وجود مشاعره قبل شعره. وأحياناً من عطاء قريحته قبل مشاعره. وفي الحالتينتعلمنا منه قيمة المشاعر الدافئة وغمرتنا أحاسيسه المفعمة حبًّا.. لقد كان صوتنا في كل الأحوال.
في الشعر أحدثَ ثورة في كتابة القصيدة، وأطال الوقوف بها على الجسر بين الفلسفة والفن، أو بين العقل والوجدان. ومن يقرأ ويسمع ويتأمل قصائده يجد نفسه مشدودًا بين الصورة والفكرة، حيث تتحرر العبارة من سجنها وتُصبحُ ذاتَ جناحين، تطير وتستقر حيث شاءت المخيلة. وكثيرًا ما يفاجئني التساؤل: هل ثمة اختراق لبنية الشعرية أكثر؟
ذات السمة الشخصية تفيض بها مقالاته التي تُعمِّق المعرفة، وتختصر الطريق وتمنحك جوهرَ ما تريد، بل وما لا تتوقع بكرم حاتمي وبعفوية وبساطة وكأنه لا يُحدثُ شيئًا، وبسخاء لا يستغرب منه؛ فهو ابن القبيلة ذاتها، القبيلة التي أنجبت حاتما في الجاهلية، وأنجبت فهد عافت في هذا العصر واحدًا من أهم المثقفين عطاءً، وتنوعًا في عطاءَيه: الشعريِّ والنثريِّ.
عافت في شعره ونثره يطرح نصًا لا يُشبه إلا نفسه، أصيلٌ في تمرُّده على الحواجز بين الأشكال التعبيرية المتعارف عليها، يتجاوزها ويقفز عليها، يختزل الفكرة التي يحتاج كشف أبعادها كتابًا كاملًا، في سطرٍ أو سطرين، مستعينًا على كشف غموضها برشاقة تصويرية تُشبه حركات ريشة الرسام. وتجد نفسك في كل سطر من أسطر نَصّهِ أمامَ حقيقة من حقائق الحياة العميقة، تتناولها وكأنك تأخذ رشفة من فنجان قهوة عالية التركيز. ولهذا يسائلني كثير من الأصدقاء عن سرِّ استعانتي بما (استلفه) من تلك الرَّشَفات في حديثي معهم؛ فأحيلهم إلى مقالاته التي يعيد فيها تعريف المعروف على نحوٍ يكشف لك مجهولَ المعروف وغامِضه. وتلك واحدة من المَيْزات التي ينفرد بها، حيثُ يُعيدُ تشكيلَ المفاهيم والمصطلحات فَتولَدُ خلقًا جديدًا. وهذا ما أميل إلى تسميته شعريه النص النثري.
عطاءُ فهد عافت وكرمُه الحاتميُّ لا نكاد نحيط به حصرًا. وستحفظ ذاكرة الثقافة أنَّه كان ناشطًا فاعلًا مخلصًا في مشهدنا الثقافي؛ فقد كان أحد َمؤسِّسي مجلات: المختلف، وفواصل، وقُطوف. وهي مجلات شعرية وفنية لعبت دورًا كبيرًا في نشرالشعر الشعبي. وكانت منابرَ تنويرية وعلى صفحاتها دارَ العديد من المعارك المُحتدمة، والحوارات والمناقشات التيأشاعت الحيوية في الجسد الثقافي.
بعضُ الشعراء والكتاب والمبدعين يشدُّكَ إليهم إنتاجهم الثقافي وما فيه من إبداع، وبعضهم يأسرك حِـسُّهُ الإنساني الغامر وما يتمتع به من أريحية وسماحة، وبعضهم تؤخذ بذكائه، ونادرون أولئك الذين تجتمع فيهم كل هذه الصفات والخصائص والميزات، وواحد منهم الشاعر فهد عافت.
نال جائزة رائد الشعر الشعبي، وتسلمها من يدي الأمير خالد الفيصل، وسيظلُّ علامة تُضيء جبينَ الإبداع.
ويُحيِّرك ملمحٌ آخر، لكنَّه في شخصيته هذه المرة: فبعض المبدعين يسخو في عطائه الإبداعي، ويبخل بدفء دواخله على الناس، أو تستشفُّ شيئًا من الحُجُب الرقيقة تحيط بعلاقاته، في حين تكادُ كفَّتا الكرم والسخاء أنْ تتعادلا بين الفضاءين في شخصية عافت.
منذ أكثر من ثلاثة عقود ونحن ننهل من كرم وجود مشاعره قبل شعره. وأحياناً من عطاء قريحته قبل مشاعره. وفي الحالتينتعلمنا منه قيمة المشاعر الدافئة وغمرتنا أحاسيسه المفعمة حبًّا.. لقد كان صوتنا في كل الأحوال.
في الشعر أحدثَ ثورة في كتابة القصيدة، وأطال الوقوف بها على الجسر بين الفلسفة والفن، أو بين العقل والوجدان. ومن يقرأ ويسمع ويتأمل قصائده يجد نفسه مشدودًا بين الصورة والفكرة، حيث تتحرر العبارة من سجنها وتُصبحُ ذاتَ جناحين، تطير وتستقر حيث شاءت المخيلة. وكثيرًا ما يفاجئني التساؤل: هل ثمة اختراق لبنية الشعرية أكثر؟
ذات السمة الشخصية تفيض بها مقالاته التي تُعمِّق المعرفة، وتختصر الطريق وتمنحك جوهرَ ما تريد، بل وما لا تتوقع بكرم حاتمي وبعفوية وبساطة وكأنه لا يُحدثُ شيئًا، وبسخاء لا يستغرب منه؛ فهو ابن القبيلة ذاتها، القبيلة التي أنجبت حاتما في الجاهلية، وأنجبت فهد عافت في هذا العصر واحدًا من أهم المثقفين عطاءً، وتنوعًا في عطاءَيه: الشعريِّ والنثريِّ.
عافت في شعره ونثره يطرح نصًا لا يُشبه إلا نفسه، أصيلٌ في تمرُّده على الحواجز بين الأشكال التعبيرية المتعارف عليها، يتجاوزها ويقفز عليها، يختزل الفكرة التي يحتاج كشف أبعادها كتابًا كاملًا، في سطرٍ أو سطرين، مستعينًا على كشف غموضها برشاقة تصويرية تُشبه حركات ريشة الرسام. وتجد نفسك في كل سطر من أسطر نَصّهِ أمامَ حقيقة من حقائق الحياة العميقة، تتناولها وكأنك تأخذ رشفة من فنجان قهوة عالية التركيز. ولهذا يسائلني كثير من الأصدقاء عن سرِّ استعانتي بما (استلفه) من تلك الرَّشَفات في حديثي معهم؛ فأحيلهم إلى مقالاته التي يعيد فيها تعريف المعروف على نحوٍ يكشف لك مجهولَ المعروف وغامِضه. وتلك واحدة من المَيْزات التي ينفرد بها، حيثُ يُعيدُ تشكيلَ المفاهيم والمصطلحات فَتولَدُ خلقًا جديدًا. وهذا ما أميل إلى تسميته شعريه النص النثري.
عطاءُ فهد عافت وكرمُه الحاتميُّ لا نكاد نحيط به حصرًا. وستحفظ ذاكرة الثقافة أنَّه كان ناشطًا فاعلًا مخلصًا في مشهدنا الثقافي؛ فقد كان أحد َمؤسِّسي مجلات: المختلف، وفواصل، وقُطوف. وهي مجلات شعرية وفنية لعبت دورًا كبيرًا في نشرالشعر الشعبي. وكانت منابرَ تنويرية وعلى صفحاتها دارَ العديد من المعارك المُحتدمة، والحوارات والمناقشات التيأشاعت الحيوية في الجسد الثقافي.
بعضُ الشعراء والكتاب والمبدعين يشدُّكَ إليهم إنتاجهم الثقافي وما فيه من إبداع، وبعضهم يأسرك حِـسُّهُ الإنساني الغامر وما يتمتع به من أريحية وسماحة، وبعضهم تؤخذ بذكائه، ونادرون أولئك الذين تجتمع فيهم كل هذه الصفات والخصائص والميزات، وواحد منهم الشاعر فهد عافت.
نال جائزة رائد الشعر الشعبي، وتسلمها من يدي الأمير خالد الفيصل، وسيظلُّ علامة تُضيء جبينَ الإبداع.