يمثل معرض القاهرة الدولي للكتاب حدثا ثقافيا سنويا كبيرا تنتظره فئات عديدة من المجتمعات المصرية والعربية والإسلامية، لأهمية ما تحتويه أجنحته من كتب معروضة، ورغم الإقبال الكبير على المعرض من كل الأعمار والجنسيات، في دورته الـ54 خلال يومه الثالث (السبت)، إلا أن ارتفاع أسعار الكتب ما زال يمثل عائقا كبيرا أمام الزوار، بل وصل الأمر أن أصبحت بعض دور النشر للعرض فقط، في ظل غياب الإقبال على الشراء.
تخفيضات متوقعة
ويبحث دوما رواد معرض القاهرة الدولي للكتاب عن أسعار الكتب المخفضة، وفضل الكثير من هؤلاء تأجيل عملية الشراء إلى آخر أيام المعرض الموافق 6 فبراير القادم، حيث التخفيضات المتوقعة التي من الممكن أن تقدمها دور النشر، خاصة العربية والإسلامية والأجنبية المشاركة، في محاولة لكسر حالة جمود عملية البيع وتخفيف أسعار عملية الشحن والعودة إلى الأوطان مرة أخرى، فيما يشهد المعرض هذا العام العديد من الندوات الثقافية والمعارض التشكيلية والعروض الموسيقية، فضلا عن الهدايا والرسومات المختلفة التي تقدم للأطفال، ما جعل أرض المعرض بالقاهرة الجديدة واحة كبيرة للأسر والعائلات، بمستوياتها المختلفة.
تحديات اقتصادية
ويتزامن معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام، مع تحديات اقتصادية أثرت في أسعار السلع ومنها الكتب، وهو ما أكد عليه المواطنون والعارضون، في الوقت الذي أبدى الجميع ارتياحهم للمعرض وتنظيماته من قبل المسؤولين والمشرفين عليه. وتشارك في المعرض 1047 دار نشر عربية وعالمية، موزعة على خمس صالات، وضيف شرف المعرض هذا العام الأردن، وشخصية المعرض هو المبدع الراحل صلاح جاهين، وشخصية المعرض للأطفال هو الكاتب الكبير رائد أدب الطفل كامل الكيلاني.
خامات التصنيع
«عكاظ» قامت بجولة داخل أروقة المعرض، وتبين خلال الجولة أن أسعار الكتب القيمة تبدأ من 150-200 جنيه، وهناك كتب تصل إلى أضعاف هذا السعر، وتحدث عدد من الخبراء والعاملين في مجال طباعة ونشر الكتب، عن أن الأزمة الاقتصادية العالمية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، أثرت كثيرا على أسعار الورق، ووصل الأمر إلى إطلاق شرارة دعوات المقاطعة لارتفاع أسعار الكتب، قبل أن يطفئها البعض في مهدها، ومنهم الكاتب الصحافي سيد محمود الذي دعا عبر صفحته في فيسبوك إلى إيجاد حلول عملية لإنقاذ المعرض، بينما اعترف رئيس اتحاد الناشرين المصريين سعيد عبده، بوجود أزمة في صناعة الكتب، نتيجة ارتفاع أسعار خامات التصنيع بنسبة وصلت إلى 80%، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الكتب بصفة عامة، مؤكدا أن الحرب الروسية الأوكرانية كان لها الدور الأكبر في تلك الأزمة، وهو أمر يهدد صناعة النشر وينذر بتوقف بعض دور النشر والناشرين عن الإنتاج.
مكلف جدا
ويرى راضي حماد (صاحب دار نشر)، أن الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار أثرت سلبا على الكتاب الذي ارتفع سعره، نظرا لارتفاع سعر الورق أربعة أضعاف، وهو ما أدى إلى وجود إقبال ضعيف على الشراء، على عكس السنوات الماضية، ويشير محمد مصطفى (صاحب دار نشر)، إلى أن سعر الكتاب 160 صفحة كان 60 جنيها، والآن بعد الأسعار الجديدة يصل سعره إلى 240 جنيها، وهو رقم لا يقدر القارئ العادي عليه، فأسعار المواد الخام كلها ارتفعت، كما زاد طن الورق ليصل إلى 65 ألف جنيه بدلا من 4 آلاف جنيه منذ 8 سنوات، وهو أمر مكلف جدا، بجانب ارتفاع أسعار العمالة.
نهاية المعرض
في المقابل، ترى الطالبة إيمان علي، أن أسعار الكتب مرتفعة، مؤكدة أنها تزور المعرض للسنة الرابعة على التوالي، لكن أسعار هذا العام تختلف عن الأسعار السابقة. ويشير عبدالناصر علي (إمام مسجد) إلى أنه فضل شراء بعض الكتب الدينية مع نهاية المعرض أملا في حدوث تخفيضات. فيما عبرت عبير إبراهيم (ربة منزل) عن شعورها بالسعادة مع أولادها لزيارة المعرض، مؤكدة أنها سوف تشتري قصصا لأولادها، وبعض الكتب عن المطبخ بما لديها من أموال دون زيادة أو تكلفة.
البرلمان يطالب
ووصلت أزمة ارتفاع أسعار الكتب إلى البرلمان، حيث تقدمت عضو لجنة التعليم والبحث العلمي الدكتورة حنان حسني بطلب إبداء اقتراح برغبة، إلى رئيس المجلس المستشار حنفي جبالي، موجه إلى رئيس الوزراء ووزيرة الثقافة، لتخفيض أسعار الكتب لزوار معرض الكتاب من طلبة الجامعات، مؤكدة أن المعرض حدث ثقافي كبير، ويزوره نحو مليوني شخص سنويا، ويشكل منبرا مفتوحا على كل الثقافات، مشيرة إلى أن الكتاب يواجه هذا العام مشكلة ارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع أثمان الورق والنشر والطباعة، مطالبة أصحاب دور النشر بمراعاة ظروف القارئ بتخفيض أسعار الكتب.