تجسيداً لرؤية عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في تعزيز حضور اللغة العربية على المستوى العالمي، فتحت إمارة الشارقة أمام المجتمع والمؤسسات الإيطالية فرصة جديدة للتعرف على عمق الثقافة العربية، وجماليات لغتها، حيث رعت هيئة الشارقة للكتاب فعاليات «المهرجان الدولي للغة والثقافة العربية» الذي تنظمه جامعة القلب المقدس الكاثوليكية في مدينة ميلان الإيطالية، تقديراً لمكانة العربية بين لغات العالم وتأثير مبدعيها ومفكريها على النهضة الحضارية الأوروبية.
وانطلقت فعاليات الدورة السادسة من المهرجان الذي يقام هذا العام تحت شعار «جسور بابل» ويناقش كيف ساهمت الترجمة في بناء الحضارات، بحفل افتتاح رسمي تحدث خلاله رئيس هيئة الشارقة للكتاب أحمد بن ركاض العامري، بحضور مدير عام هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون محمد حسن خلف، وأمين عام مجمع اللغة العربية بالشارقة والدكتور أمحمد صافي المستغانمي، ورئيس جامعة القلب المقدس الكاثوليكية فرانكو أنيلي، ومدير جامعة القلب المقدس الكاثوليكية ماريو جاتي، وعميد كلية الآداب واللغات الأجنبية في الجامعة جوفاني جوبر، وأستاذ اللغة والأدب العربي والدراسات الإسلامية في الجامعة الدكتور وائل فاروق.
وقال العامري في كلمته خلال حفل افتتاح المهرجان: «يشرفني أن أنقل لكم تحيات عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي لم يدخر جهداً في دعم اللغة العربية، ليس لأنها لغة العرب وحسب، بل لأنها لغة للحوار والعلم والتبادل الثقافي ولغة التقارب بين الحضارات والأمم».
وأضاف: «فخورون أننا أبناء اللغة العربية، فهي اللغة التي قدمت للإنسانية علوماً كبيرة، وآداباً خالدة، وكان نتاجها الفكري والمعرفي محطة مفصلية في تاريخ تطوّر الحضارات خلال أكثر من ألف عام ماضية، فقد قدمت للعالم أسس الجبر، والهندسة، والفلك، وعلوم الملاحة، والعمارة، وشكلت مكتبتها المرجع الأول لمجمل الابتكارات التي ننعم بها اليوم، بدءًا من الطائرة، إلى الكاميرا والهاتف، وصولاً إلى الإنترنت».
وثمن العامري اختيار المهرجان هذا العام الترجمة محوراً لفعالياته، وقال: «الشارقة، برؤى الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، تؤمن بالترجمة كمحرك مركزي لإظهار المشتركات الإنسانية التي تجمع شعوب وحضارات العالم، لهذا أطلقت هيئة الشارقة للكتاب منحة صندوق معرض الشارقة الدولي للكتاب للترجمة والحقوق، وأطلقت أكبر جائزة في العالم مخصصة للترجمة وهي جائزة (ترجمان)، كما ترجمت العديد من المؤلفات العربية والإماراتية لمختلف لغات العالم».
بدوره قال مدير جامعة القلب المقدس الكاثوليكية ماريو جاتي: «نشكر إمارة الشارقة ممثلة بهيئة الشارقة للكتاب على جهودها الكبيرة في رعاية المهرجان، وحرصها على نجاحه، نحن نعمل جاهدين لتعريف الأجيال الأوروبية الجديدة بأهمية وجمالية وقوة اللغة العربية ولدينا الآن أعداد نفخر بها ممن يتحدثون العربية ويتقنونها ولم نجد دعماً في هذا الشأن أكثر مما وجدناه من الشارقة وحاكمها الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، ونتطلع أن تكون دورة هذا العام كشفت عمق تأثير الترجمة عن اللغة العربية على النهضة الحضارية التي شهدها العالم، وكشفت تأثير وأهمية اللغة العربية على المعرفة الإنسانية بصورة عامة».
من جانبه، أكد الدكتور وائل فاروق، أستاذ اللغة والأدب العربي والدراسات الإسلامية في الجامعة، أن الشارقة نجحت بجهودها الكبيرة التي وصلت لمختلف بلدان العالم في تقديم جماليات وثراء الثقافة العربية ولغتها، لهذا كانت الوجهة الأولى أمام الجامعة الكاثوليكية، لتقديم مشروع ومهرجان يبرز مكانة اللغة وتسلط الضوء على الثقافة العربية وحجم مساهمتها في الأدب والعلم والفن على مستوى العالم.
وخلال الجلسة الافتتاحية للمهرجان تحدث جوفاني جوبر، عميد كلية الآداب واللغات الأجنبية في الجامعة، حول أهمية الترجمة ودورها في تحقيق التقارب بين شعوب وثقافات العالم، حيث أشار إلى أن التواصل مع الآخر يبدأ من فهمه، وهذا يتحقق من خلال قراءة نتاجه المعرفي والأدبي والفني، وقال: «إن مهمة الترجمة تتجلى ليس في هذا الإطار وحسب، وإنما في إطار فهم الاختلاف بيننا وبين الثقافات الأخرى، فالترجمة تدعونا إلى رفض الشمولية»، موجهاً رسالة للمترجمين: «لا تغربوا النصوص يجب أن نبحث عن ترجمات تجمعنا لا ترجمات تبلعنا».
وقدمت الهيئة في المهرجان، الذي يعد أكبر فعالية للاحتفاء باللغة العربية في القارة الأوروبية، صورة حيّة لواقع الترجمة من وإلى اللغة العربية، وكبرى الفعاليات المركزية في صناعة المعرفة العربية، حيث عرضت أهمية النتاج الإبداعي باللغة العربية، وفرص فتح أفق أوسع أمام أبناء الثقافة الأوروبية، للتعرف على جوهر الثقافة العربية، حيث ترجمت سابقاً مجموعة مختارة من مؤلفات الكتاب والأدباء الإماراتيين والعرب بمبادرة من الهيئة إلى اللغة الإيطالية، منها في الشعر، والرواية، والمسرح، والتاريخ، والنقد.
ويشارك في تنظيم المهرجان كل من معهد بحوث اللغة العربية (CARA)، ومركز خدمات اللغة بالجامعة (SeLdA)، التابعين للجامعة الكاثوليكية بميلانو، وهيئة الشارقة للكتاب، ويشهد على مدار 3 أيام تنظيم عدة جلسات حول عدة جلسات ونقاشات حول أهمية الترجمة وتأثيرها على واقع الشعوب في مختلف المجالات، كما شهد المهرجان تنظيم عدد من العروض والأنشطة الثقافية، إضافة إلى معرض مخصص للكتاب العربي.