ما حدث قبل بضعة أيام في غزة يصعب وصفه، إذ إنه تراوح بين المصيبة والمهزلة والفضيحة، فقد صدمت -كغيري من الملايين- بصورة شبان من حي الشجاعية البطولي في غزة الذي ارتبط اسمه بالانتفاضة والمقاومة، صدمت بصورة وزعتها وكالات الأنباء لحوالي عشر شبان من أبناء الحي شبه عرايا.
ولست بصدد الدوران حول قصة الاشتباكات بين حماس وعائلة حلس التي تدين بالولاء لحركة فتح والتي أسفرت عن سقوط أكثر من مائة شخص من الفريقين بين قتيل وجريح غالبيتهم من أهالي الحي..
وكيف فر العشرات من أبناء تلك العائلة إلى داخل إسرائيل وإعادتها لهم بهذه الهيئة بعد إذلالهم وإهانتهم لتعتقلهم حماس من جديد، فتفرج عن البعض وتحتجز البعض الآخر لاستكمال التحقيق معهم، وفي ذات الوقت يتم اعتقال العديد من كوادر حماس في الضفة الغربية من قبل السلطة الفلسطينية.
لست بصدد الدفاع عن حماس أو فتح، فالمرء أصبح عاجزاً عن تصديق ما يحدث، وسواء أكانت قوات فتحاوية موالية لدحلان هي التي قتلت العناصر الخمسة من كوادر حماس ومعهم طفلة في الخامسة من عمرها على شاطئ غزة قبلها بيومين وفق رواية حماس والتي جاءت عملية تمشيط حي الشجاعية للقبض على الفاعلين رداً لها، أو كانت عملية قتل أولئك الخمسة ضمن إطار ما أسمته فتح تصفية حسابات بين كوادر حركة حماس، فإنه يصعب تصور إيجاد مبرر لهذه الحادثة المؤسفة.
بيد أنني أستطيع أن أجزم أن إسرائيل هي -بطبيعة الحال- المستفيد الأكبر من هذه الحادثة التي أعطتها مبرراً كافياً للقول إن تعقيد التوصل إلى اتفاق نهائي مع الفلسطينيين يرجع إلى أن الفلسطينيين يعجزون عن الاتفاق مع أنفسهم (فكيف نتفق معهم؟)، وهي قد استغلت هذه الواقعة للسعي إلى المزيد من تهويد القدس من خلال العمل على مصادرة 11 أ لف دونم من أراضي قريتي السواحرة وأبوديس (التي يعتقد بعض العارفين أنها ستكون عاصمة الدولة الفلسطينية بعيدة المنال) لتوسيع مستعمرتي «كيدار 1» و«كيدار 2» وفق ما ذكره مستشار الحكومة الفلسطينية لشؤون القدس حاتم عبدالقادر.
وإسرائيل هي المستفيد الأكبر أيضاً من هذه الحادثة المخزية لأنها أدت إلى وأد الحوار الفلسطيني- الفلسطيني الذي كان مقرراً في القاهرة، وأيضاً إلى تأجيل المؤتمر السادس لفتح الذي لا تخفي العديد من كوادر فتح رغبتها في أن يستمر هذا التأجيل إلى أجل غير مسمى.
ولنا في التعليق على الفعل ورد الفعل أن نتساءل: هل الطريق إلى القدس يمر عبر اقتتال الأشقاء في غزة؟ وكيف يطالب الفلسطينيون المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للتوقف عن توسيع الاستيطان في القدس في الوقت الذي ينشغلون عن هذه القضية بحوادث من هذا القبيل؟.. وهل يعتبر من المنطق أن يطالب الفلسطينيون إسرائيل بالإفراج عن أحد عشر ألف أسير في المعتقلات الإسرائيلية فيما يحتفظون في سجون غزة والضفة بأكثر من ألف أسير نصفهم من فتح والنصف الآخر من حماس؟
ما حدث في غزة مؤخراً هو امتهان لكرامة الإنسان ولكرامة النضال ولكرامة القضية، وأيضاً لكرامة القدس التي تلتهم فيما الفلسطينيون يخربون بيوتهم بأيديهم.
ما يزيد من وطأة هذا الحدث المؤسف والمحزن في آن، أنه جاء في يوم ذكرى غزو صدام حسين للعراق عام 1990، وفي اعتقادي أن الفلسطينيين أخطأوا مرتين: مرة عندما أيدوا -في غالبيتهم- هذا الغزو وكأنهم يجيزون احتلال القوي للضعيف، وهو ما شكل طعنة في صدر القضية لأنه أعطى مبرر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ومرة أخرى لأنهم لم يقرأوا جيداً دروس هذا الغزو وعبره من خلال الزلزال الذي أحدثه في النظام الإقليمي العربي والذي يأتي في مقدمتها أن أي محاولة إقصاء طرف عربي لطرف عربي آخر ليس مآلها الفشل فقط، بل أيضاً تدمير الطرف الذي قام بتلك المحاولة، وهو ما نراه في العراق الآن.
في اعتقادي أن الشعب الفلسطيني مل من هذا النوع من القيادات العاجزة التي أثبتت فشلها في المفاوضات وفي الحوار وفي الحفاظ على أمن وكرامة الشعب الفلسطيني، وفي تبني خطط واستراتيجيات لاستعادة الحقوق والأراضي والمقدسات، وأن هذا الشعب الذي ضحى بعشرات الألوف من أبنائه خلال مسيرته النضالية الطويلة والمشرفة يستحق قيادة أكثر كفاءة ومقدرة ونزاهة وصلابة وحكمة وتعقلا من قيادات فتح وحماس، قيادة تعي جيداً حجم التحديات وتعرف كيف تخطط بفاعلية وصدق من أجل إنهاء مأساة الشعب الفلسطيني.
ولست بصدد الدوران حول قصة الاشتباكات بين حماس وعائلة حلس التي تدين بالولاء لحركة فتح والتي أسفرت عن سقوط أكثر من مائة شخص من الفريقين بين قتيل وجريح غالبيتهم من أهالي الحي..
وكيف فر العشرات من أبناء تلك العائلة إلى داخل إسرائيل وإعادتها لهم بهذه الهيئة بعد إذلالهم وإهانتهم لتعتقلهم حماس من جديد، فتفرج عن البعض وتحتجز البعض الآخر لاستكمال التحقيق معهم، وفي ذات الوقت يتم اعتقال العديد من كوادر حماس في الضفة الغربية من قبل السلطة الفلسطينية.
لست بصدد الدفاع عن حماس أو فتح، فالمرء أصبح عاجزاً عن تصديق ما يحدث، وسواء أكانت قوات فتحاوية موالية لدحلان هي التي قتلت العناصر الخمسة من كوادر حماس ومعهم طفلة في الخامسة من عمرها على شاطئ غزة قبلها بيومين وفق رواية حماس والتي جاءت عملية تمشيط حي الشجاعية للقبض على الفاعلين رداً لها، أو كانت عملية قتل أولئك الخمسة ضمن إطار ما أسمته فتح تصفية حسابات بين كوادر حركة حماس، فإنه يصعب تصور إيجاد مبرر لهذه الحادثة المؤسفة.
بيد أنني أستطيع أن أجزم أن إسرائيل هي -بطبيعة الحال- المستفيد الأكبر من هذه الحادثة التي أعطتها مبرراً كافياً للقول إن تعقيد التوصل إلى اتفاق نهائي مع الفلسطينيين يرجع إلى أن الفلسطينيين يعجزون عن الاتفاق مع أنفسهم (فكيف نتفق معهم؟)، وهي قد استغلت هذه الواقعة للسعي إلى المزيد من تهويد القدس من خلال العمل على مصادرة 11 أ لف دونم من أراضي قريتي السواحرة وأبوديس (التي يعتقد بعض العارفين أنها ستكون عاصمة الدولة الفلسطينية بعيدة المنال) لتوسيع مستعمرتي «كيدار 1» و«كيدار 2» وفق ما ذكره مستشار الحكومة الفلسطينية لشؤون القدس حاتم عبدالقادر.
وإسرائيل هي المستفيد الأكبر أيضاً من هذه الحادثة المخزية لأنها أدت إلى وأد الحوار الفلسطيني- الفلسطيني الذي كان مقرراً في القاهرة، وأيضاً إلى تأجيل المؤتمر السادس لفتح الذي لا تخفي العديد من كوادر فتح رغبتها في أن يستمر هذا التأجيل إلى أجل غير مسمى.
ولنا في التعليق على الفعل ورد الفعل أن نتساءل: هل الطريق إلى القدس يمر عبر اقتتال الأشقاء في غزة؟ وكيف يطالب الفلسطينيون المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للتوقف عن توسيع الاستيطان في القدس في الوقت الذي ينشغلون عن هذه القضية بحوادث من هذا القبيل؟.. وهل يعتبر من المنطق أن يطالب الفلسطينيون إسرائيل بالإفراج عن أحد عشر ألف أسير في المعتقلات الإسرائيلية فيما يحتفظون في سجون غزة والضفة بأكثر من ألف أسير نصفهم من فتح والنصف الآخر من حماس؟
ما حدث في غزة مؤخراً هو امتهان لكرامة الإنسان ولكرامة النضال ولكرامة القضية، وأيضاً لكرامة القدس التي تلتهم فيما الفلسطينيون يخربون بيوتهم بأيديهم.
ما يزيد من وطأة هذا الحدث المؤسف والمحزن في آن، أنه جاء في يوم ذكرى غزو صدام حسين للعراق عام 1990، وفي اعتقادي أن الفلسطينيين أخطأوا مرتين: مرة عندما أيدوا -في غالبيتهم- هذا الغزو وكأنهم يجيزون احتلال القوي للضعيف، وهو ما شكل طعنة في صدر القضية لأنه أعطى مبرر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ومرة أخرى لأنهم لم يقرأوا جيداً دروس هذا الغزو وعبره من خلال الزلزال الذي أحدثه في النظام الإقليمي العربي والذي يأتي في مقدمتها أن أي محاولة إقصاء طرف عربي لطرف عربي آخر ليس مآلها الفشل فقط، بل أيضاً تدمير الطرف الذي قام بتلك المحاولة، وهو ما نراه في العراق الآن.
في اعتقادي أن الشعب الفلسطيني مل من هذا النوع من القيادات العاجزة التي أثبتت فشلها في المفاوضات وفي الحوار وفي الحفاظ على أمن وكرامة الشعب الفلسطيني، وفي تبني خطط واستراتيجيات لاستعادة الحقوق والأراضي والمقدسات، وأن هذا الشعب الذي ضحى بعشرات الألوف من أبنائه خلال مسيرته النضالية الطويلة والمشرفة يستحق قيادة أكثر كفاءة ومقدرة ونزاهة وصلابة وحكمة وتعقلا من قيادات فتح وحماس، قيادة تعي جيداً حجم التحديات وتعرف كيف تخطط بفاعلية وصدق من أجل إنهاء مأساة الشعب الفلسطيني.