-A +A
«عكاظ» (الرياض) okaz_online@
تحتفي المملكة قيادةً وشعباً اليوم (السبت) باليوم الوطني الثالث والتسعين للمملكة، ويستذكر أبناء الوطن ومن يقيمون على أرضه اليوم هذه المناسبة الوطنية وهم ينعمون برخائه، ويتمتعون بنموه، معتزين بشموخه، ومتفاخرين بإنجازاته، وطامحين لمستقبل يحقق أحلامهم ويرسم طريقاً ذا خطى ثابتة للأجيال المتعاقبة، تحت ظل قيادة حكيمة سارت بالوطن إلى مصاف الدول المتقدمة، وسخرت كل السبل لراحة المواطن والمقيم، ليعيشوا بكرامة وعزة وسلام وأمان.

وما نعيشه اليوم امتداد لتاريخ صنعه رجلٌ عظيم، كان له الفضل -بعد الله- في تأسيس دولة على شرع الله، رايتها التوحيد، ودستورها كتاب الله، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، تنعم بالأمن والأمان والاستقرار، غايتها بناء دولة حضارية ذات قوة فاعلة على المستويين المحلي والدولي.


وأكمل المسيرة أبناؤه البررة من بعده، لنصل اليوم إلى عصرنا الزاهر في ظل قائد مسيرتنا وحامي بلادنا ومصدر فخرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان. المؤسس جمع العقول والقلوب

نستذكر سيرة القائد الملك عبدالعزيز، الذي أفنى عمره في مواجهة تحديات الحياة في الجزيرة العربية التي كانت ترزح قبل أكثر من 8 عقود تحت وطأة التناحر والخوف والهلع وشظف العيش، ليؤسس دولة فتية تتمتع بالأمن والاطمئنان والخيرات الوفيرة، ويقف لها العالم احتراماً وتقديراً.

ولقد ارتسمت على أرض المملكة ملحمة جهادية، تمكَّن فيها الملك عبدالعزيز من جمع قلوب أبناء وطنه وعقولهم على هدف واعد نبيل، ووصل الملك عبدالعزيز إلى إرساء قواعد وأسس راسخة لوطن الشموخ قادته لنشر العدل والأمن ممضياً من أجل ذلك سنين عمره.

وفي 23 من سبتمبر عام 1932، جاء الإعلان التاريخي للملك عبدالعزيز لتوحيد بلادنا المباركة تحت راية «لا إله إلا الله، محمد رسول الله»، وإطلاق اسم المملكة العربية السعودية عليها بعد جهاد وكفاح استمر 32 عاماً، وضع خلالها قواعد راسخة لهذا البنيان العظيم، وذلك على هديٍ من كتاب الله الكريم وسنة الرسول الأمين، عليه الصلاة والسلام، سائراً في ذلك على نهج أسلافه من آل سعود.

وقد نشأت -آنذاك- دولة فتية تزهو بتطبيق شرع الإسلام، وتصدح بتعاليمه السمحة وقيّمه الإنسانية في كل أصقاع الدنيا، ناشرةً السلام والخير والدعوة المباركة، باحثةً عن العلم والتطور سائرةً بخطى حثيثة نحو مستقبل أفضل لشعبها وللأمة الإسلامية والعالم أجمع.

أنا أخو نورة.. أنا أخو الأنوار

بحسب ما ورد في مجلد «سيرة وشخصية الملك عبدالعزيز ومراحل بناء الدولة السعودية الثالثة» ولد الملك المؤسس في مدينة الرياض عام 1293هـ وترعرع فيها، ونهل من علمائها، حيث تعد الرياض امتداداً تاريخياً لمسيرة الآباء والأجداد. وحرصاً على تنشئته وتعليمه، عهد به والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود إلى القاضي عبدالله الخرجي لتعليمه القرآن الكريم والقراءة والكتابة وهو في سن السابعة من عمره، وفي سن العاشرة تلقى تحصيله في الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، وبالتوازي مع ذلك كان الملك عبدالعزيز يتعلم ركوب الخيل، ومهارات الفروسية.

تأثرت شخصية الملك عبدالعزيز كثيراً بشخصيّة والده الإمام عبدالرحمن الفيصل، حيث كان أباً ومعلماً وأخاً وصديقاً لابنه، فضلاً عن شخصية والدته الأميرة سارة السديري التي كانت من أكمل النساء عقلاً وتدبيراً، وكان محباً لإخوته (خالد، وفيصل، وفهد، ومحمد، ونورة)، لكن علاقته بالأميرة نورة -رحمها الله- كانت أكثر حميمية، واحتلت مكانة كبيرة في نفسه -رحمه الله-، حتى أنه ينتخي بها بالقول: «أنا أخو نورة.. أنا أخو الأنوار»، ويحرص على زيارتها يومياً في منزلها.

محطات متعددة ومسيرة بطولية

مرّ الملك عبدالعزيز بأحداث ومحطات متعددة في حياته كانت مؤثرة في بناء شخصيته الفذّة، خاصة منذ أن بلغ سن الخامسة عشرة، حيث أسهمت هذه الأحداث في صقل شخصيته، وعلمته الصبر والقوة والإقدام.

وتمكن الملك عبدالعزيز آل سعود عبر رحلة طويلة أضناه فيها طول المشي والتفكير من لملمة شتات البلاد، وإعادة الأمن، والتصدي للفوضى التي كانت سائدة في الجزيرة العربية آنذاك، وأصبح بمحبة الناس ملكاً لدولة سهر على بنائها وأوجد نظامها حتى أصبحت لها مواقف مشرّفة مع الأمتين الإسلامية والعربية والعالم أجمع.

واهتم الملك عبدالعزيز بتطوير البلاد، فأصدر مرسوماً ملكياً يقضي بتحويل اسم الدولة من (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها) إلى المملكة العربية السعودية، وذلك في 21 جمادى الأولى 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م.

ووجَّه الملك عبدالعزيز عند بداية تنظيم الدولة بالاهتمام بالحرمين الشريفين وتوسعتهما، وخدمة الحجاج والمعتمرين، فضلاً عن البدء في فتح المدارس، وإنشاء المستشفيات، وبناء القرى، وإصلاح التربة، وتوطين البادية، والتنقيب عن مياه الري من أجل دعم الزراعة، بيد أن هذه الجهود كانت تتطلب توفير المال لتنفيذها.

وتماشياً مع الرغبة في النهوض بالبلاد، بدأت في خريف عام 1933 عمليات التنقيب عن النفط في بعض أراضي المملكة، لكن مضت أربعة أعوام عجاف لم تثمر أعمالها عن الوصول إلى نتيجة إيجابية مرضية لاكتشاف مكامن النفط، إلى أن قرّر الخبراء التنقيب حول بئر ماء في منطقة تسمى (عين جت) كان الملك عبدالعزيز قد توقّف عندها عام 1319 في طريقه من الكويت إلى الرياض، فكانت المفاجأة وجود النفط على عمق 5 آلاف قدم تحت الأرض.

وانتعشت الأرض الصحراوية بخروج الذهب الأسود الذي حوّل الصحراء القاحلة المؤنسة بهبوب الرياح إلى مدينة مزدحمة بالعمال والمهندسين وخبراء النفط.

وفي عام 1939 ضخ النفط أول بشائره في احتفال شهده الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، ليستهل بعدها مشاريع الدولة التي خطط لها.

في عهد الاستدامة والنمو.. مبادرات وإستراتيجيات

اليوم، نعيش عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عهد الاستدامة والنمو والتطور، ونشهد فيه قفزات كبيرة وخطوات غير مسبوقة في جميع المجالات داخلياً وخارجياً، ورسمت ملامح المملكة، وأرست دعائم مكانتها السياسية والاقتصادية والثقافية، ورسخت دورها المؤثر في الاقتصاد العالمي، كونها قائمة على قاعدة اقتصادية صناعية صلبة، جعلتها ضمن أقوى 20 اقتصاداً على مستوى العالم.

ومن عامٍ إلى عامٍ ومع كل احتفاء بيوم الوطن، يحتفل الوطن أيضاً بمنجزات جديدة داخلياً وخارجياً، ومنذ الاحتفاء باليوم الوطني في العام الماضي 2022، شهدت المملكة أحداثاً وحققت منجزات وقفزات تنموية: منها إطلاق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز:

- الإستراتيجية الوطنية للصناعة الهادفة للوصول إلى اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار يسهم في التنوع الاقتصادي.

- المخطط العام لمطار الملك سلمان الدولي، لتكون الرياض بوابة للعالم، ووجهة عالمية للنقل والتجارة والسياحة، وجسراً يربط الشرق والغرب بما يرسخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي.

- الإستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية.

- صندوق الفعاليات الاستثماري لتمكين قطاعات الثقافة والسياحة والترفيه والرياضة.

- شركة تطوير المربع الجديد؛ بهدف تطوير أكبر داون تاون حديث عالمياً في مدينة الرياض.

- 4 مناطق اقتصادية خاصة؛ تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة.

- مسمى «حي الملك سلمان» على حيّي «الواحة» و«صلاح الدين» وتطويرهما؛ وذلك بهدف أنسنة الحي بمسماه الجديد ورفع معدلات جودة الخدمات الأساسية والأنشطة الترفيهية والترويحية وتطويره.

- مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية بعد اكتمال الإجراءات التنفيذية للمرحلة الأولى.

- الإستراتيجية الجديدة لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست).

- المخطط العام للمراكز اللوجستية؛ بهدف جعل المملكة مركزاً لوجستياً عالمياً.

- شركة «داون تاون السعودية» لإنشاء وتطوير مراكز حضرية ووجهات متعددة في أنحاء المملكة.

- المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية التي تُرسّخ دور المملكة كحلقة وصل رئيسة تعزز كفاءة سلاسل الإمداد العالمية. - أول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة (سير).

تطوير وتأسيس وتواصل

أعلن ولي العهد:

- قيام صندوق الاستثمارات العامة بتأسيس 5 شركات استثمارية إقليمية، اعتماد التوجه التنموي لجزيرة دارين وتاروت والمبادرات المستقبلية للجزيرة، تطوير جزيرة «سندالة»، أولى وجهات نيوم للسياحة البحرية الفاخرة، ضم مشروع الدرعية كخامس المشاريع الكبرى المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، تأسيس المكتب الإستراتيجي لتطوير منطقة الحدود الشمالية، تأسيس صندوق الاستثمارات العامة لشركة «طيران الرياض»، الناقل الجوي الوطني الجديد، تأسيس منظمة عالمية للمياه مقرها الرياض؛ لتعزيز الجهود العالمية في سبيل معالجة تحديات المياه بشكلٍ شمولي، الإعلان مع عددٍ من قادة دول العالم توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء ممرٍ اقتصاديٍ جديد يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا.

أحداث بارزة يوثقها التاريخ تنوعت أحداث المملكة خلال العام، وجاء من أبرزها:

- افتتاح دورة الألعاب السعودية الأولى، ترؤس ولي العهد وفد المملكة المشارك في قمة قادة دول مجموعة العشرين بإندونيسيا، توقيع عددٍ من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الثنائية خلال القمة السعودية الصينية، مشاركة ولي العهد في حفل استقبال المملكة الرسمي لترشح الرياض لاستضافة إكسبو 2030 في باريس، ترؤس ولي العهد وفد المملكة المُشارك في قمة «من أجل ميثاق مالي عالمي جديد» المنعقدة في باريس.

- استضافة المملكة أعمال الدورة العادية الثانية والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية، استضافة المملكة اللقاء التشاوري الثامن عشر لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في جدة، استضافة المملكة قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول آسيا الوسطى في جدة، مشاركة المملكة في حوار بريكس بلس، وبريكس أفريقيا في مدينة جوهانسبرغ، فوز المملكة بـ6 من جوائز التميّز الحكومي العربي لعامي 2021 – 2022، إنهاء المملكة عمليات الإجلاء الإنسانية لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، حيث شملت 8455 شخصا، تحقيق المملكة المركز الأول في مؤشر نضج الخدمات الحكوميّة الإلكترونية والنقّالة لعام 2022، فوز المملكة بالمركز الأول في مسابقة أطباء زمالة القلب في المؤتمر السنوي للجمعية الأمريكية، تحقيق المملكة 5 شهادات تميز في القمة العالمية لمجتمع المعلومات (WSIS 2023)، تحقيق المملكة المركز الثاني عالميّاً في نمو أعداد السياح الدوليين وفقاً لتقرير منظمة السياحة العالمية، إطلاق المملكة الرحلة العلمية المتجهة إلى الفضاء من محطة الفضاء الدولية (ISS) بولاية فلوريدا، تحقيق المملكة المركز (17) عالمياً في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2023، فوز المملكة برئاسة لجنة أمن الطيران في منظمة «الإيكاو» تأكيداً لدورها الريادي عالمياً، ترؤس ولي العهد وفد المملكة المشارك في قمة قادة دول مجموعة العشرين في الهند.