-A +A
نجيب يماني
«نحلم ونحقق».. بهذا الشعار المحفّز، كان احتفالنا هذا العام بالذكرى الـ(93) لليوم الوطني مُكسبًا هذا اليوم الخالد في وجداننا؛ بعدًا جديدًا، وقيمة مضافة.. فلئن كانت ملحمة التوحيد الخالدة، هي المرتكز التي قامت عليه هذه الدولة الفتية، ومنطلق المسيرة نحو بناء دولة عصرية قائمة على أسس قوية وصلبة، بوّأت المملكة مكان الصدارة في الكثير من المجالات؛ فإننا اليوم أمام انعطافة مهمة في مفهوم الوطنية مع رؤية المملكة 2030، تذهب بنا باتجاه البناء والتطوّر والنماء، بأقصى احتمالات لتفجير الطاقات، وشحذ الهمم، واستغلال الموارد كأحسن ما يكون الاستغلال، للوفاء بمتطلبات التحديات المقبلة في مسيرة التطوّر والنمو بلا سقوف أو حواجز، وبطموح يمسّ يافوخ السِّماك، ويعلو فوق كل مستحيل..

نعم؛ حريٌّ بنا في هذا اليوم المجيد، أن نستذكر –ولسنا بالناسين والغافلين– عظمة الإنجاز الذي سطّره الملك المؤسس -طيّب الله ثراه- في سفر التاريخ الخالد، والمجاهدات الكبيرة التي قدمها من أجل إرساء قواعد مملكة تُطاول السماء زهوًا، وتعانق السحاب فخرًا،.. وسار على منواله أبناؤه ملوك هذه البلاد المباركة، في سائر الحقب، فكان صنيعهم كفاء ما تربو عليهم من قيم التضحية ومعاني البذل، فأشرق كل عهد بهم، وبصنيعهم الذي سيظل محفورًا في وجدان أبناء الوطن الأوفياء، وسيظل رمزًا وقيمة مرعية في ضمير الوطن..


وبمثل حفاوتنا بهذا الماضي المشرق الوضيء، فإننا أشد حاجة، وأعظم طلبًا لمعايشة واقعنا بفهم جديد لمعنى الوطنية، في ظل عهد «الرؤية».. فهذا الشعار المرفوع اليوم؛ «نحلم ونحقق»، يضعنا جميعًا أمام مسؤوليات تاريخية، وتحديات جسيمة للوفاء به حق الوفاء، فهو ليس جملة شعرية مموسقة لمجرد التغني في معرض المباهاة التي ليس من ورائها عمل منجز، وفعل ملموس، ولكنه رمز لمرحلة، وعنوان لطموح.. كما أنه لا يمكن فهم هذا الشعار ومغزاه الحقيقي إلا بالنظر إلى الشعارات التي سبقته، منذ «وطني هويتي»، مرورًا «دام عزك يا وطن»، و«رؤية وطن»، و«للمجد والعلياء»، و«همة حتى القمة»، و«هي لنا دار»، فكأنها جميعًا كانت بمثابة عتبات في سُلّم الترقّي، بما انطوت عليه من حمولة التحفيز والحض على العطاء، لتصل بنا إلى هذه القمة الجديدة المتمثلة في «نحلم ونحقق»، فهذا الشعار يفتح النوافذ والأبواب أمام جميع أفراد الوطن لعصف ذهني يثمر عن إنتاج أفكار جديدة، وأحلام محلقة الأجنحة، في كافة المجالات، لتجد هذه الأفكار والأحلام طريقها إلى التحقيق، والبروز على سطح الوجود الماثل، عبر دعمها وتنميتها، وتمويلها، وفاء لدين الوطن وحقه في بذل الغالي والنفيس من أجل تنميته ورفعته..

إن هذه الأحلام المرجوّ تحقيقها، والمنتظر أن يساهم فيها الجميع بقدر ما يستطيعون، تتطلّب وعيًا بالمرحلة، وامتلاكًا للأدوات، وبخاصة المعرفية، بما يخرج الجميع من دوائر التفكير النمطي، والأحلام المتوارثة، إلى آفاق جديدة، بلا تهيّب أو تثبيط للهمم، وهذا يعني -في ما يعني- أن المستقبل لن ينتظر المتفرجين، والمسيرة لن تصحب العاطلين والمتبطلين، والوطن ينتظر القادرين على العطاء والبذل، في كافة الميادين، فلندرك أن رؤية المملكة التي أبدعتها عبقرية ولي عهدنا الأمين – حفظه الله – ماضية بنا إلى أفق غير متناهٍ ولا محدود، ولديها القدرة على تحقيق مستهدفاتها حسب ما خُطط لها، بكل جدارة واقتدار..

عودًا على بدء؛ إن هذا الشعار البرّاق يمثل المرحلة المقبلة أجلى تمثيل، ويتطلّب منا وعيًا باصرًا به، حتى ننزله إلى أرض الواقع كما يتطلّع إلى ذلك ولاة أمرنا الأماجد، فبهذا يكون لاحتفالنا باليوم الوطنى معنًى مثمرًا، وقيمة مضافة، وتعميقًا حقيقيًا لمفهوم الوطنية العظيمة.. نجدد به المحبة للوطن، والولاء لقيادته الراشدة، التي نرفع لها أسمى آيات التهاني والتبريكات بهذه المناسبة الخالدة، ونسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان في ظل حكمها الرشيد..

وكل عام والوطن والجميع بألف خير وفي رفعة وسمو وتقدم.