فيما أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، أمس، (الإثنين)، ارتفاع عدد شهداء الحرب التي تشنها إسرائيل بلا انقطاع منذ 7 أكتوبر 2023، إلى أكثر من 25 ألفاً، غالبيتهم نساء وأطفال ومسنّون، بدأت الضغوط المطالبة بوضع حد للنزاع من خلال قبول الإدارة الإسرائيلية المتشددة بحل الدولتين. وهي مبادرة سعودية اقترحتها المملكة في 1981، وتبنتها القمة العربية في 2003. وعلى رغم أن رئيس وزراء إسرائيل أدلى أخيراً بتصريحات تؤكد رفضه حل الدولتين، وتمسكه بأن قطاع غزة بعد الحرب سيكون خاضعاً للإشراف الأمني الإسرائيلي؛ إلا أن تكثيف السعودية دعوتها إلى تنفيذ حل الدولتين، من خلال الموقف الثابت لولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان؛ والضغوط التي يمارسها الرئيس الأمريكي جو بايدن على تل أبيب، ونزول القارة الأوروبية بكامل ثقلها وراء «تحميل إسرائيل عواقب رفضها حل الدولتين».. أضحت «كماشة» تخنق نتنياهو، وتوفر أكبر قدر من الأمل في وضع نهاية قريبة لعذابات الفلسطينيين. وكان الأمير محمد بن سلمان وصف ما يحدث في غزة في 18 أكتوبر الماضي، بأنه «جريمة شنيعة». وأبلغ وزير خارجية المملكة الأمير فيصل بن فرحان شبكة «سي إن إن»، (الأحد)، بأن المملكة لن تقدم على أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل، ولن تسهم في إعادة إعمار قطاع غزة، من دون ممر ذي مصداقية يفضي إلى دولة فلسطينية. والتأم في مقر مفوضية الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس، (الإثنين)، اجتماع عقده وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، بحضور وزراء خارجية فلسطين، والسعودية، والأردن، ومصر، وأمين الجامعة العربية، علاوة على وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتز. وجاء اجتماع بروكسل بعد تفاقم الغضب الأوروبي من المجازر الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، ورفض نتنياهو تقليص الخسائر في صفوف النساء والأطفال، ووقف تدمير الأعيان المدنية والمرافق والبنى الأساسية. واستبقت وزارة خارجية الاتحاد الأوروبي، اجتماعاً أمس بإرسال ورقة تحوي نقاطاً للنقاش للدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بغرض رسم خريطة طريق لإحلال السلام في الشرق الأوسط. وتتضمن الورقة دعوة إلى عقد «مؤتمر تمهيدي للسلام»، تنظمه السعودية والاتحاد الأوروبي ومصر والأردن والجامعة العربية. وتتضمن الورقة دعوة إلى الولايات المتحدة والأمم المتحدة لتقوما بدور في عقد المؤتمر. وسيمضي المؤتمر قدماً حتى لو رفضت إسرائيل أو السلطة الفلسطينية حضوره. بيد أن الجانبين سيتم التشاور معهما في كل خطوة تهدف لرسم خطة السلام. وتشير الوثيقة الأوروبية المشار إليها إلى أن الهدف الرئيسي الواضح من أية خطة للسلام يتمثل في قيام دولة فلسطينية مستقلة، «تعيش جنباً إلى جنب إسرائيل في سلام وأمان». وعلى رغم رفض نتنياهو وحلفائه المتطرفين اليمينيين حل الدولتين؛ تتمسك أوروبا بأن الخيار الوحيد لإحلال سلام على المدى الطويل يتمثل في حل الدولتين. وتشدد الورقة الأوروبية على أن يحدد أطراف مؤتمر بروكسل «التبعات»، التي يجب أن يتحملها الطرفان في حال رفضهما أو قبولهما مخرجات بروكسل. ورأت «رويترز»، أمس، أن ألمانيا، والنمسا، وهنغاريا، وهي من أقرب حلفاء إسرائيل، ستعارض كل فكرة من هذا القبيل. ويعمل الرئيس بايدن، من جانبه، على دفع نتنياهو نحو حل الدولتين. وقال مسؤولون أمريكيون لموقع «أكسيوس» الإخباري أمس، إن بايدن يأمل بأن يتحقق مراده قبل حلول أجل انتخابات الرئاسة 2024. بيد أن خطة بايدن تمضي كالآتي: تحصل إسرائيل على تطبيع للعلاقات مع السعودية، في مقابل موافقة إسرائيل على «طريق لا يمكن الرجوع عنه» يفضي إلى دولة فلسطينية، وموافقة إسرائيل على أن تقوم السلطة الفلسطينية بدور في غزة بعد إسقاط نظام حماس. وقال مسؤولون أمريكيون لموقع أكسيوس: إنهم يدركون أن إسرائيل سترفض مقترحات بايدن، لكنها ستضطر إلى قبولها تحت الضغوط الأمريكية والدولية والداخلية الإسرائيلية. وبما أن موقف الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان يرهن التطبيع بقبول قيام دولة فلسطينية؛ لن يكون أمام بايدن وإدارته أي خيار سوى تلبية الشرط السعودي: دولة فلسطينية، ولا شيء أقلّ من ذلك. ويرى معلقون في بروكسل وواشنطن، أن نتنياهو يواجه واقعاً مختلفاً آخر سيجعله يرضح، عاجلاً أو آجلاً، لقبول قيام دولة فلسطينية ذات سيادة، قابلة للحياة جنباً لجنب إسرائيل. ويتمثل ذلك الواقع في أن حرب الأكثر من 100 يوم، التي يشنها على غزة بلا انقطاع لم تحقق أياً من هدفيها اللذين حددهما نتنياهو: التدمير الكامل لحركة حماس، وإطلاق الرهائن الإسرائيليين في غزة. ومع مقتل كل رهينة إسرائيلية في غزة برصاص الجيش الإسرائيلي، يدرك نتنياهو في قرارة نفسه أن نهايته السياسية تقترب، وأنه سيخضع للتحقيق معه في شأن التقصير الذي أدى إلى وقوع هجمات 7 أكتوبر 2023.