صدق أو لا تصدق، هناك مكان يسمح فيه باقتراف كل الممنوعات والجرائم والمحرمات ولا رقابة عليه ولا عقوبة على مقترفي الجرائم فيه، وهذا المكان جزء من الإنترنت لكنه غير مشمول بمحركات البحث يسمى (دارك ويب -الشبكة المظلمة)، وقد انتشر ذكره مؤخراً لدى العرب بسبب جريمة شنيعة صادمة لكنها مألوفة في الـ(دارك ويب) وهي التعاقد على تصوير عملية تعذيب وقتل طفل وتقطيعه لأجل بيع تصوير الجريمة للمصابين بمرض وانحراف السادية «الاستمتاع بتعذيب الخلق»، وكان الضحية طفل مصري سمح له أهله بالصداقة مع القاتل، وهو رجل بالغ، وهذا أمر يلام عليه الأهل، فليس من الطبيعي أن يرغب رجل بصداقة مع طفل، فهذا -بحد ذاته- علامة خطر والصغار يجب تحذيرهم من الصداقة مع البالغين حتى عبر الإنترنت، لأنه يسهل السيطرة على الطفل من قبل البالغين واستدراجه لجريمة. ومؤخراً وقعت عدة جرائم في مصر كانت من رجال سمح لهم الأهل بمصادقة طفلهم وانتهت الصداقة بقتل الطفل، وتبين أن من حرضه للقيام بالجريمة عمره 16 سنة! وحسب اعترافاته قام بمثل هذه الجريمة عدة مرات، وحسب دراسة لجامعة بورتسموث البريطانية حوالى 80% من محتوى الـ(دارك ويب) هو المواد الإباحية عن الأطفال ثم الأسواق السوداء للبضائع الممنوعة؛ مثل المخدرات والدعارة والاتجار بالبشر وتجارة الأعضاء والاحتيال والابتزاز وبخاصة قضايا القرصنة والفايروسات التي تحتجز محتوى الكومبيوتر رهينة حتى يدفع صاحبه مبلغاً مالياً مقابل إرجاعه له، والمواد الإباحية التي يتضمنها هي التي تمنع من المواقع الإباحية في شبكة الإنترنت العامة لتضمنها جرائم تعذيب حتى الموت للبشر والحيوانات، بالإضافة للجرائم الجنسية، كما يتم استعماله من قبل الجماعات الإرهابية مثل (داعش) التي لها عدة حسابات فيه، وحتى مقاطع تفننها في تعذيب وقتل الناس يتم تداولها من قبل المصابين بانحراف السادية الجنسية، بالإضافة لاتجارهم بالبشر، والدفع يكون بالعملات الإلكترونية، وليس من المعقول أن يوجد مكان يسمح بأن تقترف فيه أبشع أنواع الجرائم في حصانة كاملة من الملاحقة القانونية، فـ(الدارك ويب) يجب إلغاء وجوده والدراسات على محتواه تبين أنه لا صحة للزعم أنه متعلق بحرية الرأي والتعبير؛ لأن أكثر ما يتم تداوله فيه لا علاقة له بحرية الرأي إنما هو جرائم جنائية، وكما أنه في العالم الواقعي لا يوجد مكان يسمح فيه باقتراف الجرائم والممنوعات والمحرمات فكذلك في العالم الافتراضي يجب ألّا يكون فيه مكان يسمح فيه باقتراف أبشع وأشنع أنواع الجرائم، والتحذيرات من دخوله لا تجدي نفعاً، بل تزيد من فضول الأفراد لاستكشافه وفضولهم عادة أمر يجرهم للتورط في نشاطاته المظلمة والإجرامية، فالحل الوحيد لجرائم الـ(دارك ويب) هو إلغاء وجوده، وريثما يتم ذلك يجب أن تتدخل سلطات الأمن السيبراني في ملاحقة المجرمين داخل الدارك ويب، والإنتربول (البوليس الدولي) يقدم منذ عام 2015 برنامجاً خاصاً للتدريب على التحقيق الأمني في الـ(دارك ويب)، لكن الواضح أن هذا لم يمنع الجرائم المروعة التي تقترف في الدارك ويب، وأفلام الرعب الأمريكية ساهمت في جذب المزيد من الفضوليين للدارك ويب؛ لأنه بات موضوعاً رئيسياً فيها، وتكشف جرائم مروعة كتلك التي حصلت في مصر تورط فيها الدارك ويب يجذب المزيد من الفضوليين إليه، لذا فعلياً لا جدوى من التخويف من الدارك ويب ولا التحذير منه ولا تدريب السلطات الأمنية السيبرانية على ملاحقة مجرميه، فالحل الوحيد المجدي هو إلغاء وجوده، والأفضل من التحذير منه الذي يجذب الفضوليين هو السكوت إعلامياً عنه كما قال عمر بن الخطاب «أميتوا الباطل بالسكوت عنه».