-A +A
رامي الخليفة العلي
لقي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي حتفه نتيجة سقوط الطائرة الحوامة التي كان يستقلها بعد أن انتهى من تدشين سد مشترك مع الجارة أذربيجان، وكان بصحبة الرئيس الإيراني عدد من كبار المسؤولين وعلى رأسهم وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان. ومنذ إعلان فقدان الاتصال بالطائرة يوم الأحد عصراً وحتى إعلان وفاة الرئيس وصحبه في صباح الإثنين، دخلت إيران في ماراثون محموم من أجل إيجاد الرئيس، مما استدعى تدخل الدول القريبة من النظام السياسي الإيراني وعلى رأسها تركيا التي أرسلت طائرات مسيّرة وفرق إنقاذ وحذت حذوها روسيا. وبالرغم من إعلان وفاة الرئيس ومصير الوفد فقد كشفت الكارثة أن هنالك الكثير من الأسئلة التي لا تزال عالقة، وربما تكون الحقيقة في نهاية المطاف ضحية أخرى تضاف إلى جملة الضحايا، ومن هذه الأسئلة هو كيفية السماح بطيران الحوامة في ظل ظروف جوية سيئة يفترض أن فريق الرئيس على دراية كاملة بها، ولو افترضنا أن السبب خلل فني، فكيف يمكن أن يهمل فريق الطائرة صيانتها وهي تقل الرجل الثاني في النظام السياسي، وفوق هذا وذاك فإن طائرة الرئيس لم تكن وحيدة بل كانت هنالك طائرتان مرافقتان له يفترض من أجل حمايته، كيف لم تفطنا بشكل مبكر للحادث الذي تعرّض له الرئيس واستغرق الوصول إلى حطام الطائرة ساعات طويلة، كل هذه أسئلة مشروعة تطرح عند الإيرانيين قبل غيرهم. النظام السياسي الإيراني كان معنياً بإعطاء تطمينات إلى الشارع بأن الأمور تسير كالمعتاد وأن الانتقال السياسي سوف يكون سلساً، وهذا ما استدعى خطاباً سريعاً لمرشد الجمهورية علي خامنئي. بالرغم من أن الضباب لم ينقشع فعلياً عن هذا الحادث ولم تتبيّن ملامحه، ولكن هنالك ضباب آخر يخيّم على المشهد السياسي على الأقل في بعض القراءات، وهو حول التداعيات لغياب الرئيس الإيراني، وكيف سوف يؤثر ذلك على المشهد داخلياً وخارجياً، السؤال الأبرز والذي بدأ يطرح في إيران على امتداد الشهور والسنوات القليلة الماضية حول خلافة المرشد، إذ كان البعض ينظر إلى رئيسي باعتباره أحد المرشحين الأوفر حظاً لشغل هذا المنصب، أما في ما يتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية والحزبية الداخلية فلا أعتقد أن هنالك تأثيراً كبيراً لأن الرئيس في النظام السياسي الإيراني لا يمثل رأس هرم السلطة وإنما هو رأس السلطة التنفيذية ويعمل على تنفيذ الإستراتيجية التي يضعها رجال الدين بزعامة علي خامنئي. أما على الصعيد الخارجي فلا أتوقع أن هنالك تغييراً كبيراً أيضاً لأن السياسة الخارجية تبدو من اختصاص المرشد ويقوم على تنفيذها، خصوصاً في شقها الأمني والعسكري الحرس الثوري وفيلق القدس والمليشيات التي تم تأسيسها خلال السنوات والعقود الماضية. ولعل الجانب المهم هو العلاقات العربية الإيرانية والتي فيها الكثير من الملفات والقضايا التي تثير القلق لدى عواصم المنطقة، ولكن كوة الأمل في عودة الاستقرار إلى هذه المنطقة كانت عبر الحوار السعودي الإيراني والذي أبان نتائج مثمرة وأدى إلى تبريد بعض التوترات الموجودة في المنطقة، وهذا يثبت بأن هذا الحوار له أهمية استثنائية ليس فقط لكلتا الدولتين ولكن للمنطقة برمتها، والأمل أن يستمر خلال الفترة القادمة لما فيه مصلحة المنطقة برمتها في الأمن والاستقرار.