أصبحت المملكة العربية السعودية رائدة بتحقيق معدلات نجاح مرتفعة بصناعة وتنظيم الأحداث العالمية الفريدة والنوعية على جميع الأصعدة، والفوز باستضافة أهم المناسبات الدولية في شتى المجالات، لاسيما الرياضية منها، التي دائماً ما يشار فيها إلى النجاح الكبير المرافق لكل تفاصيل الاستضافة والتنظيم والحفاوة، محققةً بذلك قفزات تنموية في مختلف جوانب الحياة المعنية بالبشرية أجمع، ومواكبةً الحديث والجديد والمبتكر في حياة الإنسان وجودية حياته.
فبعد ظفرها وفوزها بتنظيم إكسبو 2030، وكأس العالم 2034، وكأس آسيا 2027، وما سبقها من نجاحات باستضافتها باقتدار واحترافية للعديد من المناسبات الرياضية العالمية، على غرار كأس العالم للأندية 2023، ورالي داكار لمدة 10 سنوات، لتكون بذلك أول دولة في قارة آسيا تفوز باستضافة هذا الحدث الرياضي العالمي الأضخم على صعيد سباقات الرالي، ومثل ذلك مناسبات رياضية عالمية ضخمة حظيت بعديد الإشادات على حسن تنظيمها واستضافتها.
واليوم تجدد المملكة أسبقيتها بقراءة المستقبل وتتعامل معه كواقع معاش، إذ اتخذت من نفسها باكورة لبدء عالم رقمي، ذي ارتباط بالجوانب الترفيهية والاقتصادية والرياضية، وذلك عبر استضافتها لأول نسخة من كأس العالم للرياضات والألعاب الإلكترونية في عاصمتها الرياض، مخصصة له جوائز بقيمة 60 مليون دولار أمريكي، أغرت أكثر من 2500 لاعب على المشاركة فيه، مع توقعات بتوافد مليوني زائر وحاضر لفعاليات هذا الحدث العالمي، بعد أن سهلت لعشاق رياضات الألعاب الإلكترونية زيارة المملكة، إذ يمكنهم الحصول على تأشيرة زيارة للمملكة بمجرد شرائهم تذكرة واحدة لحضور الحدث، إلى جانب الإعلان اليوم (الجمعة) عن تنظيم واستضافة حدث أكثر ضخامة في ذات المجال، المتمثل في استضافة أول نسخة للألعاب الأولمبية للرياضات الإلكترونية عام 2025.
وعن تفاصيل كأس العالم للرياضات الإلكترونية نوه الرئيس التنفيذي للاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونيّة تركي الفوزان أن هذه البطولة ستُسهم في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، وتعزيز الابتكار عالميًا، وبناء القدرات التنافسية لهذا القطاع، إلى جانب التأثير على السياحة وتنويع الاقتصاد وتنمية القطاعات الواعدة وفق رؤية المملكة 2030، كما تسلط الضوء على الدور الحيوي لقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية في تواصل المجتمعات على جميع الأصعدة الثقافية والرياضية والاقتصادية، وبما يفتح الآفاق بما يسهم في رفع جودة حياة الإنسان في تلك المجتمعات، وهو الأمر الذي اتفق معه وصادق عليه الرئيس التنفيذي لبرنامج جودة الحياة خالد البكر، عندما أكد في تصريحٍ صحفي أهمية قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، سواء على صعيد تنويع الخيارات وتحسين جودة حياة سكان المملكة، أو دعم وتمكين الشباب من الجنسين من المهتمين بهذا المجال على مستوى الممارسة، أو ريادة الأعمال والشركات الناشئة، أو على مستوى الإبداع والابتكار، مشيراً إلى النمو المتسارع لقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية عالميا، الأمر الذي جعل تنمية هذا القطاع واحدا من أهم مستهدفات رؤية المملكة 2030، ذات العلاقة بخطة واستراتيجية تضمن للمملكة أن تكون المركز العالمي الأول للألعاب والرياضات الإلكترونية، لأن ذلك سيسهم في توليد الوظائف ودعم قطاعات السياحة والرياضة والترفيه ودعم وتمكين المواهب في هذا القطاع الحيوي وفق إستراتيجية قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية في المملكة، التي اشتملت على احتضان المملكة بطولات ومناسبات رياضية تنافسية على مستوى العالم، ومن أهمها كأس العالم للرياضات الإلكترونية التي تحتضنها الرياض هذه الأيام، وعدّها الرئيس التنفيذي لمؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية رالف رايشرت احتفالاً استثنائياً يوحّد المجتمع الدولي عبر الألعاب والرياضات الإلكترونية، ويحقق قفزة في صناعة الرياضات الإلكترونية وتنميتها واستدامتها عبر منظومة القطاع بأكمله، مبدياً فخره وحماسه لفتح آفاق وإمكانيات جديدة لهذه الرياضة، ومشاهدة نخبة أندية الرياضات الإلكترونية والرياضيين يتنافسون عبر أفضل الألعاب في العالم للحصول على جوائز كبرى ولتتويج أول نادٍ كبطل لكأس العالم للرياضات الإلكترونية. تتمثل رؤيتنا لكأس العالم في تسريع نمو هذا المجال والتقدم به وإنشاء منصة تجمع أفضل الألعاب واللاعبين والأندية في العالم، وتحفيز المشجعين ليحلموا بمستقبل أفضل للرياضات الإلكترونية.
وحول هذه البطولة العالمية الأولى من نوعها على صعيد رياضات الألعاب الإلكترونية، أكد الرئيس التنفيذي للرياضات الإلكترونية في مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية فيصل بن حمران أن المملكة أثبتت بأنها في صدارة المشهد العالمي للرياضات والألعاب الإلكترونية من خلال استضافة النسخة الأولى للحدث الأكبر في تاريخ القطاع «كأس العالم لرياضات الألعاب الإلكترونية»، لافتاً الانتباه إلى التميز والإبهار اللذين شهدهما الأسبوع الافتتاحي للبطولة، حيث تجاوز كل التوقعات، وحظي الحدث بردود فعل إيجابية من عشاق الألعاب والرياضات الإلكترونية، سواء من الحاضرين في SEF أرينا التي تحتضن الحدث، أو المتابعين خلف الشاشات، وقال: «لطالما حلم عشاق الرياضات الإلكترونية حول العالم بمشاهدة أفضل الأندية واللاعبين يتنافسون في أشهر الألعاب، ونجح كأس العالم للرياضات الإلكترونية في تحقيق هذا الحلم على أرض المملكة».
كل ذلك دفع جموعاً من المهرة والمحترفين السعوديين وغير السعوديين للحرص على المشاركة في هذا الحدث الذي بدأ في اليوم الثاني من الشهر الحالي 2024، البالغ عددهم أكثر من 2500 لاعب، سيتنافسون على مدى 8 أسابيع للظفر بجوائز تبلغ قيمتها 60 مليون دولار، إلى جانب فعاليات عديدة مختلفة ثقافية وترفيهية وفنية ورياضية تنتظر جماهير هذا الحدث العالمي، الذي بات بإمكان الراغبين في حضوره الحصول على تذاكر تمكنهم من الاستمتاع ومشاهدة مجرياته وما يصاحبه من فعاليات.
هؤلاء اللاعبون الذين حرصوا على المشاركة في هذه التظاهرة الرياضية العالمية اتفقوا على أنهم حظوا باستثنائية دون غيرهم، إذ سيدونون أسماءهم في سجلات تاريخ هذا الحدث في نسخته الأولى، لاسيما في المملكة العربية السعودية التي باتت محوراً عالمياً ومسرحاً رئيساً لمنافسات رياضات الألعاب الإلكترونية، والبداية الفعلية للاعبين المحترفين في هذا النوع من الرياضات، استناداً لردود الأفعال التي لمسوها من صنّاع وجماهير رياضات الألعاب الإلكترونية وخبرائها والمستثمرين فيها حول العالم.
من جهته عدّ اللاعب السعودي إبراهيم العلي «Quartz» المحترف في لعبة Overwatch 2 ويلعب للفريق السعودي Twisted Minds، مشاركته في كأس العالم للرياضات الإلكترونية بمثابة الحلم الذي تحقق، كونه جزءاً من الحدث ولحظة مميزة على الصعيد الشخصي، ويعد شرفا كبيرا بتمثيله وفريقه للوطن في هذه الكأس العالمية، بوصف ذلك لحظة مهمة في مسيرته المهنية كلاعب محترف، منوهاً بفخره الكبير باستضافة المملكة لأكبر حدث في تاريخ الألعاب والرياضات الإلكترونية، لاسيما أنها تظاهرة رياضية عالمية ستشهد مشاركة أفضل لاعبي العالم في المنافسات، ما سيجعل جميع المواجهات صعبة.
وعلى غرار اللاعب العلي علَّق اللاعب السعودي رائف التركستاني، محترف لعبة Tekken 8 وممثل فريق Dragons باسم Luminous Rage على مشاعره المختلطة جراء مشاركته في الحدث، وحجم الحماس الذي يعيشه لخوضه غمار منافسة عالمية بهذا الحجم، وزاد تلك المشاعر لديه احتضان المملكة لهذه التظاهرة العالمية، وقال: «حلمت طوال عمري بهذه اللحظة وسأفعل ما بوسعي للظفر بالبطولة أنا وفريقي، خصوصاً في ظل الدعم الذي نحظى به جميعاً كلاعبين سعوديين من الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية»، عاداً ذلك الدعم أحد أهم المحفزات لتقديم أداء فني عالٍ، والارتقاء إلى مستويات أفضل باستمرار، مؤكداً جاهزيته وفريقه لإظهار إمكانياتهم كسعوديين بما يعكس أفضل صورة للاعب السعودي أمام العالم.
اللاعب الأهم في فريق T1 الكوري الجنوبي الذي يضم مجموعة من نخبة نجوم الألعاب الإلكترونية «لي سانج هيوك» المعروف باسم «Faker» أحد أبرز اللاعبين المحترفين في عالم الرياضات الإلكترونية، إذ جرى إدراج اسمه أخيرًا في قاعة مشاهير الرياضات الإلكترونية في لعبة League of Legends، والذي فاز بأربع بطولات عالمية، ولديه 10 ألقاب مشتركة في الدوري الكوري الجنوبي وأبطال كوريا، وشارك في عدة بطولات لأكثر من 12 عامًا، وقادته مهارته الفردية وقيادته فرقه إلى الظفر ببطولة قبيل أيام في هذا الحدث الأهم الذي تستضيفه حالياً العاصمة الرياض، أبدى سعادة كبيرة بالدعم الذي حظي به وفريقه من الجمهور السعودي الحاضر بكثافة لفعاليات البطولة، مؤكداً أن الرياض باتت واحدة من أبرز وأهم عواصم العالم في احتضان بطولات عالمية مهمة في رياضة الألعاب الإلكترونية، إلى جانب المكانة التي أصبحت تحتلها داخل قلبه، نظير الذكريات التي يحملها وفريقه خلال مشاركاتهم في البطولة، والإنجاز الذي استطاعوا تحقيقه خلال هذه المشاركة.
ردود الأفعال الإيجابية الداعمة لخطوات المملكة الجادة في تنمية هذا القطاع محلياً وعالمياً تؤكد أن المملكة استطاعت وقبل الجميع قراءة مدى قدرة صناعة الرياضات الإلكترونية أو «ألعاب الفيديو التنافسية» على أن تكون واحدةً من أبرز وأهم الصناعات في عصرنا الحالي، عطفاً على الشعبية الجارفة لهذه الرياضات، واتساع نمو مستخدميها من الأطفال والبالغين، ما أسهم في دخول العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى، ومطوري الألعاب ومؤسسات الرياضية الإلكترونية للاستثمار في هذه الصناعة، إلى جانب الاهتمام الدولي بها من خلال تنظيم العديد من البطولات الضخمة التي تقام في جميع أنحاء العالم.
وتتمتع الرياضات الإلكترونية أيضًا بجمهور عالمي هائل، لتتجاوز أرقام مشاهدات بطولاتها العديد من الرياضات التقليدية، كما تعد الرياضات الإلكترونية ثالث رياضة شعبيةً من حيث عدد المشاهدات، ويتم بث بطولات ودوريات الرياضات الإلكترونية بانتظام على التلفزيون ومنصات البث المباشر للألعاب الشهيرة، وتقدم أكبر أحداث الرياضات الإلكترونية جوائز بملايين الدولارات، ويشهدها ملايين المعجبين حول العالم.
وجذبت بطولات الرياضات الإلكترونية واسعة النطاق الآلاف من المشاركين والمتفرجين وملايين المشاهدين عبر الإنترنت، نظراً إلى إمكانية إقامتها بشكلٍ افتراضي أو شخصي، ما أدى إلى استثمار المذيعين ومنصات البث بشكل كبير في صناعات الرياضات الإلكترونية مع قنوات ومنصات مخصصة تقدم تغطية حية للبطولات والمباريات.
وشهدت صناعة الرياضات الإلكترونية أيضًا استثمارات كبيرة من الرعاة والمعلنين، حيث دفعت العلامات التجارية من خلال استفادتها من الجمهور المتزايد والتفاعل مع المستهلكين الأصغر سنًا للدخول في هذا الاستثمار الذي أسهم في دعم نمو الصناعة.
وأدّت شعبية صناعة الرياضات الإلكترونية إلى قيام العديد من العلامات التجارية الكبرى برعاية الفرق أو الأحداث، ودخلت المنظمات الرياضية الكبرى مثل NBA و NFL و Formula 1 كذلك مشهد الرياضات الإلكترونية، وبدأت في رعاية الفرق والبطولات لزيادة وصولها إلى الجماهير الأصغر سنًا.
واكتسبت الرياضات الإلكترونية أيضًا اعترافًا من المنظمات الرياضية التقليدية، حيث استثمر الكثيرون أو أنشأوا فرق الرياضات الإلكترونية الخاصة بهم، على سبيل المثال لدى الرابطة الوطنية لكرة السلة الأمريكية دوري الرياضات الإلكترونية الخاص بها يسمى «NBA 2K League»، ما أسهم في ازدياد شعبية بطولات الرياضات الإلكترونية، إلى جانب اهتمام اللجنة الأولمبية الدولية أخيرًا لبحث إمكانية إدراج الرياضات الإلكترونية ضمن الألعاب الأولمبية.
وغالبًا ما تتميز بطولات ومسابقات الرياضات الإلكترونية بألعاب فيديو شهيرة مثل ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول، وأجهزة المحاكاة الرياضية، والألعاب الاستراتيجية، ويتدرب اللاعبون المحترفون والفرق بشكل مكثّف للمنافسة مع مدربين متخصصين وموظفي دعم.
ووفقًا لتطوّر صناعة الرياضات الإلكترونية، من المتوقع أن يولد القطاع في المملكة العربية السعودية مساهمات اقتصادية بقيمة 50 مليار ريال سعودي بحلول عام 2030، كما تستثمر المملكة في مواطنيها واللاعبين لتوفير أكثر من 39 ألف فرصة عمل في مختلف المجالات المتعلقة بالألعاب والرياضات الإلكترونية في العام نفسه.
علاوةً على ذلك، فإن عائدات اللاعبين السعوديين أعلى من متوسط العائد العالمي لكل مستخدم، ما يثبت إمكانات سوق الألعاب والرياضات الإلكترونية في البلاد، وفي كل عام يتجاوز إجمالي جوائز البطولات الدولية والمحلية حاجز الـ 100 مليون ريال سعودي، ما يعكس مدى الإقبال على الرياضة الإلكترونية.
يذكر أن الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية لعب أدوارًا رائدة في الاتحادات الدولية لدعم نمو وتنظيم الرياضات الإلكترونية، ما يجسد التزام المملكة بتطوير صناعة الألعاب، حيث نجحت المملكة أخيراً في استضافة العديد من الأحداث الدولية مثل موسم الجيمرز الذي جذب أكثر من 500 من نخبة الرياضيين الدوليين، وقدم جوائز مالية كبيرة، الأمر الذي سيسهم في تعزيز مكانة المملكة كلاعب رئيسٍ وبارز في ساحة الألعاب والرياضات الإلكترونية العالمية.
ومع استمرار النمو وزيادة الاعتراف السائد بالرياضات الإلكترونية، من المتوقع أن تحظى بمستقبلٍ مشرق، حيث تعد مجالًا سريع النمو والتطور، مع إمكانية كبيرة للمزيد من النمو والابتكار في السنوات القادمة، ومن المرجح أن تظل كذلك قوةً رئيسة في صناعة الترفيه في السنوات المقبلة في جميع أنحاء العالم.