-A +A
مي خالد
إن كان ثمة أمر مهم وكبير يميّز الجيل الذي ننتمي إليه فهو بلا شك ظهور شبكة الإنترنت، أفكر في هذه الشبكة كي أفهم معناها وأربطها بالفنون من جهة والعلوم الإنسانية من جهة، فأجد أنها تشبه الفنون من حيث إن الفن ينقسم لفنون تعتمد على الزمان مثل الرقص والدراما والتمثيل والموسيقى.. وجميعها فنون تتحرك في الزمان، وفنون أخرى تتحرك في المكان مثل النحت والرسم والعمارة..

وشبكة الإنترنت تتحرك في الزمان والمكان معاً، إلى جانب أن أوليّات الفن هي التحرر والانعتاق والانكشاف والوصول للحقيقة، وهي ذات الأوليات التي أزعم أن أنشطة البشر على شبكة الإنترنت تنتمي لها.


أما بالنسبة للعلوم الإنسانية الرقمية فبدأت عام 1998، نشر طلاب جامعة ستانفورد سيرجي برين ولورانس بيج ورقة بحثية بعنوان تشريح محرك بحث ويب تشعبي واسع النطاق، حيث قدموا النموذج الأولي لما سيصبح محرك بحث جوجل. كان حلم برين وبيج هو فهرسة الويب بالكامل: قراءة جميع صفحات الويب (مليارات الصفحات) بسلاسة، واستخراج الكلمات من المستندات، وإنشاء الفهارس، وتمكين الناس (مليارات الصفحات) من استخدام هذه الفهارس من خلال محرك بحث واحد.

إن هذه الفهرسة طوال التاريخ البشري كانت من العلوم الإنسانية التي أصبحت رقمية الآن بفضل وجود الشبكة.

كما وُلِدت شبكة الويب العالمية في عام 1989 في سيرن (المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية)، ولادتها تشبه ولادة أحد العلوم الإنسانية، حيث اقترح تيم بيرنرز لي إنشاء «مكان حيث يمكن للمرء أن ينشر أي معلومة أو مرجع يشعر بأهميته، وطريقة للعثور عليه بعد ذلك». وبعد بضع سنوات، أصبح الويب ضخماً لدرجة أن شركة ناشئة أخذت على عاتقها مهمة تنظيم المعرفة العالمية. واليوم، ترتبط أي معلومة جديدة بالويب ويمكن لأي شخص العثور عليها رقمياً.