-A +A
حمود أبو طالب
لا أعرف عدد السعوديين الذين اختاروا السفر إلى الخارج خلال العطلة الصيفية هذا العام، ربما أكثر وربما أقل من العام الماضي، لكن ليس هذا المهم. المهم أن الذين اختاروا البقاء في بلدهم أيّاً كانت الأسباب لم يشعروا أنهم فقدوا الكثير. قضية الطقس الساخن ليست مشكلة خاصة ببلد دون آخر، ولا كانت حائلاً دون السياحة صيفاً، العالم كله ملتهب غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً، الموضوع الأهم هو ماذا يستطيع السائح أن يفعل، ما هي الفعاليات والبرامج السياحية التي يستطيع الاستمتاع بها.

لدينا خلال هذا الصيف حركة سياحية داخلية ملفتة، لم تقتصر على المناطق التي تتميّز بطقس معتدل مثل أبها والباحة والطائف، بل حتى المدن الحارة، ولنأخذ مدينة جدة كمثال، فهي تكتظ خلال هذه الفترة بكثير من خارجها إضافة إلى انبعاث من في داخلها، إلى شواطئها وفعالياتها وحدائقها وملاهيها ومطاعمها وسهراتها الفنية، طبعاً بالإضافة إلى مولاتها العديدة ودور السينما. ليست جدة فقط بل مدينة الرياض التي قاربت حرارتها الخمسين درجة، لكنها لم تكن كعادتها سابقاً خلال الصيف عندما كان يغادرها كثير من الناس لتبدو ساكنة من الحركة.


القضية ليست في الطقس الحار، بل في الخيارات الترفيهية المتاحة للناس، وهذا ما فعلته جهات عديدة في مقدمتها هيئة الترفيه ووزارة السياحة وأمانات المدن وغيرها. هناك برامج ترويحية عديدة لمختلف الفئات، المساء والليل يتحوّل إلى زحمة في كل مكان. التوتر والقلق والتوجس زال من الأماكن العامة. حضرتُ مؤخراً أكثر من حفلة فنية في مدينة جدة، كل المقاعد محجوزة مسبقاً، العائلات والأفراد نساءً ورجالاً مستمتعون بوقتهم، وفي غاية التهذيب والذوق والتحضّر، لا تصرفات خادشة أو مضايقات، والحال كذلك في كل مكان، ما يؤكد أنه مجتمع يعرف الضوابط والحدود التي يتحرك فيها، مهذب وأخلاقي بطبعه، وبالتأكيد فإن القوانين التي تضبط التصرفات غير المستساغة في المجال العام حيّدت من لديه نزعة لمضايقة الناس، وجعلتهم يقضون أوقاتهم في منتهى الاطمئنان.

موضوع السياحة الداخلية أصبح ملفاً إستراتيجياً في برامج الرؤية الوطنية، ولدينا كل المقومات لنجاحه بشكل متميّز.