-A +A
منى العتيبي
أصادف في يومي الكثير من الناس سواء من الذين أعرفهم أو من الذين لا أعرفهم، ومع ذلك أعلم جيدًا كيف تكون «الحياة» على وجوههم، وأجدها باهتة وكأنها تنتظر لحظة الوداع الأخيرة، مُهملة وكأنها تعيش على هامش الأشياء، بطيئة وكأنها تتمدد على نعش الانتظار، حزينة وكأنها تعبت من الاستجابة وهلكت من الاستجداء!

كل هذا أعرفه، ولكن لا أعرف كيف سمحوا لأنفسهم أن يبنوا عش حياتهم على كتف الكآبة والوهم ؟! كيف لم يدركوا أن الحياة تستحق أن يكونوا أحياء؟ أن يلتفتوا لكل ما يملكون من مواطن الحياة وأن يعيشوا.. أن يختاروا ويقرروا، وأن يصنعوا الحياة في محيطهم.


اليوم كلما صادفت شخصًا، وجدته يتحدث عن الاكتئاب، فقدان الشغف، العزلة، ومصطلحات عديدة تؤدي إلى نزع الحياة من الحياة، وهذا كله في تصوري من التأثير السلبي عبر تلقي الرسائل اليومية بمنصات التواصل الاجتماعي عليهم؛ فقد شاع الحديث عن الاكتئاب، وتضخم لدرجة أنّ كل مَن يمرُّ بوعكة نفسية شُخِّص بمريض الاكتئاب !

لذلك كله؛ أقول لكل هؤلاء الذين يسيل من حديثهم الحزن ويتسرب الهم إلى روحهم، وتبهت الألوان في أعينهم، التفتوا إلى الحياة.. إلى الجهات، اخرجوا من جلباب اليأس، تمكنوا من التفاصيل الجميلة، أحيوا الحياة في بيوتكم، طرقاتكم، في كسرة الخبز، وأغنية العبور.

لا تسألوا كيف؟ ومتى؟ وأين؟ ولماذا؟ ولا تطرقوا أبواب إجابات الدجل.. عيشوا الحياة فهناك شيء ما يستحق.. لاتجعلوا بصيص الأمل آخر النفق، بل أشعلوا الضوء أول النفق.. تحركوا وكونوا أحياء؛ لأنها الحياة وفقط.