-A +A
علي محمد الحازمي
في نهاية القرن العشرين، شجع الاهتمام المتزايد بالأصول غير الملموسة وتأثيره على القيمة السوقية للشركات على زيادة استثماراتها في الموارد البشرية والبحث والتطوير والتقنيات الجديدة، وقد ظهرت الأصول غير الملموسة كأصول رائدة بسبب تحول الصناعات من قاعدة التصنيع إلى قاعدة الخدمات التي يقودها عامل المعرفة بين البلدان الصناعية في جميع أنحاء العالم. ونتيجة لتلك العوامل، نمت أهمية الأصول غير الملموسة بمرور الوقت، حيث لم تكن تشكل سوى أقل من 5% في عام 1978 وتمثل الآن أكثر من 80% من إجمالي الأصول المسجلة في القوائم المالية لتلك الشركات. المحرك المهم لتلك الزيادة في الأصول غير الملموسة كون لديها معدلات عائد متزايد، في الجانب الآخر الأصول الملموسة غالباً ما يكون لها قيمة متناقصة بمرور الوقت.

تعيش المملكة العربية السعودية تحولات اقتصادية كبيرة هدفها العريض هو تعزيز الاقتصاد غير النفطي وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، ولا خلاف على أن الأصول غير الملموسة تعد واحدة من الموارد التي تراهن عليها المملكة لتكون رافداً اقتصادياً وداعماً للتنمية الحالية والمستقبلية. ومن هذا المنطلق، على شركاتنا الوطنية الخروج من مفهوم الملكية الفكرية كونها «فخراً فكرياً» لتصبح «ربحاً فكرياً».


اليوم يجب أن تعي الشركات الوطنية بمختلف أحجامها وقطاعاتها الصناعية والخدمية أن المحرك المهم ليس عدد براءات الاختراع، بل قدرتها على تحويل اختراعاتها بسرعة إلى أصول ملموسة مربحة في السوق، في هيئة منتجات أو خدمات أو عمليات جديدة. ومن هذا المبدأ، فإن ما يثبت أنها شركات مبتكرة من الطراز العالمي ليس كونها تتقدم بطلبات براءات اختراع لحماية حقوق الملكية الفكرية التي تنتجها، بل براعتها في تحويل تلك الحقوق الملكية الفكرية إلى تميز استراتيجي في الأسواق تجني على ضوئه الأموال.

على الرغم من قدرة براءات الاختراع على توفير حماية أساسية للابتكارات، فإن قيمتها الحقيقية تكمن في تطبيقها. فالشركات التي تركز على تحويل براءات الاختراع إلى منتجات وخدمات لا تعمل فقط على تعظيم استثماراتها في الابتكار، بل تسهم أيضاً في النمو الاقتصادي والتقدم المجتمعي. ودون هذا التحويل، تظل براءات الاختراع أصولاً غير مستغلة بالكامل، وتفشل في تحقيق إمكاناتها الكاملة.

وختاماً؛ إن المعرفة في اقتصاد اليوم أصبحت بمثابة قاطرة تحدد تطور الشركات المعاصرة. والشركات الناجحة هي -بلا شك- تلك التي تقدم باستمرار الابتكارات القائمة على التقنيات الجديدة فضلاً عن المعرفة والخبرة وإنجازات موظفيها. ومن الممكن القول إن قيمة الشركات الآن تتولد في الغالب من خلال الأصول غير الملموسة، وليس من خلال الأصول «التقليدية» ذات الشكل الملموس. ووفقاً لأحدث المسوحات، يتم الحصول على 6% إلى 30% فقط من قيمة الشركة من الأصول الملموسة، وكل شيء آخر يأتي من الأصول غير الملموسة.