ربما أن البعض منا قد غاب عنه أن معركة تحرير الرياض التي تعتبر الانطلاقة الحقيقية نحو مسيرة التوحيد والبناء لوطن العزة والشموخ بدأت في شهر رمضان الكريم لتثبت أن قائد الكيان وباني وحدته الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- استلهم المعاني الجهادية لهذا الشهر الفضيل الذي شهد أبرز فتوحات الإسلام وانتصاراته المجيدة بدءاً من غزوة بدر الكبرى.
وإذا عدنا إلى الذاكرة فسنجد أن المفرزة التي قادها الملك عبدالعزيز لاسترداد مُلك الآباء والأجداد ووضع اللبنة الأولى في هذا الكيان الذي ننعم بظلاله الآن تحركت في آخر ضوء يوم 20 رمضان 1319هـ في عملية يصفها أحد المؤرخين العسكريين البارزين الذين أرخوا للاستراتيجية العسكرية للملك عبدالعزيز في حروبه بأنها أدق عملية اقتراب مخفي نحو الهدف عرفتها الجزيرة، «مستخدمة الليل في المسير، والنهار في الراحة والاختفاء من عيون العدو»، وقد استطاع عبدالعزيز بسيطرته على حصن المصمك وفتح الرياض وقتل ابن عجلان بهذا العدد الضئيل من المحاربين الشجعان إثبات أنه قائد استراتيجي وتكتيكي في آن، وذلك على نحو ما فصله العميد أركان حرب محمد إبراهيم رحمو في كتابه «أضواء حول الاستراتيجية العسكرية للملك عبدالعزيز وحروبه»، وهو يجمل هذا الإنجاز الكبير الذي يعكس بجدارة مدى ما كان يتمتع به الملك عبدالعزيز من عبقرية عسكرية من خلال تمكنه -يرحمه الله- في مستهل الرابع من شوال 1319هـ من اقتحام «الحصن»، والقضاء على القوة المرابطة فيه، وتطهير كل جيوب المقاومة داخله وخارجه، وبسط سيطرة آل سعود على الرياض إلى الأبد، ورد الهجمات المضادة المحلية والخارجية، والتمسك بالهدف دون المساس بالسكان المحليين مع استخدام كافة الوسائل والقوى المحلية المتيسرة في أعمال الدفاع. وقد تأكدت العبقرية العسكرية للملك عبدالعزيز ليس فقط في نجاحه بالسيطرة على الرياض والحيلولة دون وقوعها مرة أخرى في يد ابن الرشيد، وإنما في تحقيقه الانتصار تلو الانتصار في معارك التحرير والتوحيد التي خاضها على مدى ثلاثة عقود متتالية، مظهراً قدرات خارقة على التحدي، وعلى توظيف الظروف والعوامل المحلية والإقليمية والدولية لمصالحه، ومنتهزاً الفرصة المواتية لاختيار تواقيت بارعة وذكية في تحديد نقاط الصفر في كل معاركه الحاسمة التي خاضها بعد فتح الرياض.
مائة وعشر سنين مرت على ذكرى هذا الفتح الذي بدأت مسيرته في شهر رمضان اليوم ونحن نحتفي بذكرى اليوم الوطني يتعين علينا أن نستلهم من هذه الذكرى التي تتزامن هذا العام مع الشهر الفضيل معانيها الكبيرة، ودروسها الكثيرة، وأصداءها الخالدة، لاسيما أن الوطن يعيش في هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا جميعاً عهداً جديداً تفتح فيه أبواب الأمل على مصراعيها أمام مستقبل أكثر إشراقاً لأجيال الغد التي تنعقد عليها آمال الأمة، وانجازات تتحقق يوماً بعد يوم، انجازات تقرب المسافات، وتسد الثغرات في رحلة العبور نحو الهدف الذي نسعى جميعاً إلى تحقيقه، والذي تقفز فيه بلادنا بإذن الله من مستوى الدول النامية إلى مصاف الأمم المتقدمة، وتحتل المكانة التي تليق بها وتستحقها بين الأمم علواً ومجداً وشموخاً.
ستظل هذه الذكرى عزيزة على قلوبنا، لأنها ذكرى مولد كيان، وبناء أمة، وانطلاقة مسيرة مباركة نحو المجد والعلياء. ولنا أن نفخر أن العام الماضي كان عاماً سخياً في انجازات الوطن على كافة الأصعدة، حيث تحقق فيه بناء المزيد من صروح الوطن الاقتصادية والعلمية، وتعززت فيه مكتسبات الوطن وأرصدته الروحية والمادية، وتعمقت فيه مشاعر الولاء والوفاء التي تربط بين المواطن والقيادة والوطن، وأحرزت فيه المزيد من الانتصارات في المعارك ضد الإرهاب والإرهابيين، وهو ما يستحق منا جميعاً التوجه إلى الله عز وجل بالدعاء والحمد أن يديم علينا هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى، وأن تستمر مسيرة البناء والنماء والعطاء تحت ظل راية التوحيد حتى يرث الله الأرض وما عليها.
* التغيير في الشهر الفضيل :
وكنت قد كتبت في مقال سابق تأكيداً على حاجتنا إلى التغيير الذي يخرج الأمة من مأزقها الراهن وينهي أزمتها، أجد أنني في حاجة إلى طرح السؤال: لماذا يمثل الشهر الفضيل فرصة جديرة بالاقتناص لتغيير واقعنا نحو الأفضل؟
الإجابة على هذا السؤال تعرضت في مقال سابق إلى الشق الأول منها، وهو الشق الخاص بالمعاني الخيرة لعملية الصوم ومترتباتها وضرورة الالتزام بها انطلاقاً من حقيقة ما يوفره هذا الشهر الكريم من اتحاد روحاني للأمة بكافة أقطارها وأطيافها بما توفره هذه الفريضة من عوامل التوحيد في التوجه نحو الله وطاعته، وبما ينطوي عليه الصوم من معاني التعاطف مع الغير والتسامح معه، ثم الارتقاء بهذا المفهوم من مستوى الأفراد إلى مستوى الأقطار التي تضمها هذه الأمة.
واستكمالاً للشق الثاني من الإجابة، وهو الشق الذي يتعلق بأحداث عظيمة وانتصارات مجيدة وقعت في هذا الشهر تاركة العديد من الدلالات الهامة التي نحتاج إلى استلهام معانيها في رمضان هذا العام والذي تشهد فيه الأمة أوقاتاً عصيبة تطلعاً نحو التغيير المنشود الذي يعيد الأمة إلى سابق عهدها.
قد لا أكون مبالغاً عندما أقول إن أمتنا العربية الإسلامية تعيش اليوم حقبة مريرة من تاريخها المعاصر لعل أخطر مؤشراتها تلك الأزمات والعداوات والتنابذات والفتن التي تعصف ببعض البلدان العربية والإسلامية، وبما يعطي المجال لتدخلات أجنبية تعيد الأمة عقوداً إلى الوراء، وإذا أضفنا إلى ذلك المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها غالبية تلك البلدان، والتي يأتي الفقر والبطالة والتصحر وشح المياه في مقدمتها، فإننا لابد أن نصطدم بمرارة هذا الواقع، ونلجأ إلى البحث عن حلول ناجحة لتلك المشكلات قبل استفحالها، وذلك من خلال العودة إلى مرجعنا الأساس في الهدى، وهو كتاب الله العزيز، تحديداً قوله تعالى: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان»، فالأمة أحوج ما تكون في هذه الظروف الدقيقة التي تواجهها إلى الهدى الذي يعتبر بمثابة الضوء الذي ينير لها طريق الخير والعزة والصلاح، ويعيد إليها كرامتها وهيبتها ودورها الحضاري المغيب بفعل تلك الأزمات المتلاحقة.
وإذا عدنا إلى الذاكرة فسنجد أن المفرزة التي قادها الملك عبدالعزيز لاسترداد مُلك الآباء والأجداد ووضع اللبنة الأولى في هذا الكيان الذي ننعم بظلاله الآن تحركت في آخر ضوء يوم 20 رمضان 1319هـ في عملية يصفها أحد المؤرخين العسكريين البارزين الذين أرخوا للاستراتيجية العسكرية للملك عبدالعزيز في حروبه بأنها أدق عملية اقتراب مخفي نحو الهدف عرفتها الجزيرة، «مستخدمة الليل في المسير، والنهار في الراحة والاختفاء من عيون العدو»، وقد استطاع عبدالعزيز بسيطرته على حصن المصمك وفتح الرياض وقتل ابن عجلان بهذا العدد الضئيل من المحاربين الشجعان إثبات أنه قائد استراتيجي وتكتيكي في آن، وذلك على نحو ما فصله العميد أركان حرب محمد إبراهيم رحمو في كتابه «أضواء حول الاستراتيجية العسكرية للملك عبدالعزيز وحروبه»، وهو يجمل هذا الإنجاز الكبير الذي يعكس بجدارة مدى ما كان يتمتع به الملك عبدالعزيز من عبقرية عسكرية من خلال تمكنه -يرحمه الله- في مستهل الرابع من شوال 1319هـ من اقتحام «الحصن»، والقضاء على القوة المرابطة فيه، وتطهير كل جيوب المقاومة داخله وخارجه، وبسط سيطرة آل سعود على الرياض إلى الأبد، ورد الهجمات المضادة المحلية والخارجية، والتمسك بالهدف دون المساس بالسكان المحليين مع استخدام كافة الوسائل والقوى المحلية المتيسرة في أعمال الدفاع. وقد تأكدت العبقرية العسكرية للملك عبدالعزيز ليس فقط في نجاحه بالسيطرة على الرياض والحيلولة دون وقوعها مرة أخرى في يد ابن الرشيد، وإنما في تحقيقه الانتصار تلو الانتصار في معارك التحرير والتوحيد التي خاضها على مدى ثلاثة عقود متتالية، مظهراً قدرات خارقة على التحدي، وعلى توظيف الظروف والعوامل المحلية والإقليمية والدولية لمصالحه، ومنتهزاً الفرصة المواتية لاختيار تواقيت بارعة وذكية في تحديد نقاط الصفر في كل معاركه الحاسمة التي خاضها بعد فتح الرياض.
مائة وعشر سنين مرت على ذكرى هذا الفتح الذي بدأت مسيرته في شهر رمضان اليوم ونحن نحتفي بذكرى اليوم الوطني يتعين علينا أن نستلهم من هذه الذكرى التي تتزامن هذا العام مع الشهر الفضيل معانيها الكبيرة، ودروسها الكثيرة، وأصداءها الخالدة، لاسيما أن الوطن يعيش في هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا جميعاً عهداً جديداً تفتح فيه أبواب الأمل على مصراعيها أمام مستقبل أكثر إشراقاً لأجيال الغد التي تنعقد عليها آمال الأمة، وانجازات تتحقق يوماً بعد يوم، انجازات تقرب المسافات، وتسد الثغرات في رحلة العبور نحو الهدف الذي نسعى جميعاً إلى تحقيقه، والذي تقفز فيه بلادنا بإذن الله من مستوى الدول النامية إلى مصاف الأمم المتقدمة، وتحتل المكانة التي تليق بها وتستحقها بين الأمم علواً ومجداً وشموخاً.
ستظل هذه الذكرى عزيزة على قلوبنا، لأنها ذكرى مولد كيان، وبناء أمة، وانطلاقة مسيرة مباركة نحو المجد والعلياء. ولنا أن نفخر أن العام الماضي كان عاماً سخياً في انجازات الوطن على كافة الأصعدة، حيث تحقق فيه بناء المزيد من صروح الوطن الاقتصادية والعلمية، وتعززت فيه مكتسبات الوطن وأرصدته الروحية والمادية، وتعمقت فيه مشاعر الولاء والوفاء التي تربط بين المواطن والقيادة والوطن، وأحرزت فيه المزيد من الانتصارات في المعارك ضد الإرهاب والإرهابيين، وهو ما يستحق منا جميعاً التوجه إلى الله عز وجل بالدعاء والحمد أن يديم علينا هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى، وأن تستمر مسيرة البناء والنماء والعطاء تحت ظل راية التوحيد حتى يرث الله الأرض وما عليها.
* التغيير في الشهر الفضيل :
وكنت قد كتبت في مقال سابق تأكيداً على حاجتنا إلى التغيير الذي يخرج الأمة من مأزقها الراهن وينهي أزمتها، أجد أنني في حاجة إلى طرح السؤال: لماذا يمثل الشهر الفضيل فرصة جديرة بالاقتناص لتغيير واقعنا نحو الأفضل؟
الإجابة على هذا السؤال تعرضت في مقال سابق إلى الشق الأول منها، وهو الشق الخاص بالمعاني الخيرة لعملية الصوم ومترتباتها وضرورة الالتزام بها انطلاقاً من حقيقة ما يوفره هذا الشهر الكريم من اتحاد روحاني للأمة بكافة أقطارها وأطيافها بما توفره هذه الفريضة من عوامل التوحيد في التوجه نحو الله وطاعته، وبما ينطوي عليه الصوم من معاني التعاطف مع الغير والتسامح معه، ثم الارتقاء بهذا المفهوم من مستوى الأفراد إلى مستوى الأقطار التي تضمها هذه الأمة.
واستكمالاً للشق الثاني من الإجابة، وهو الشق الذي يتعلق بأحداث عظيمة وانتصارات مجيدة وقعت في هذا الشهر تاركة العديد من الدلالات الهامة التي نحتاج إلى استلهام معانيها في رمضان هذا العام والذي تشهد فيه الأمة أوقاتاً عصيبة تطلعاً نحو التغيير المنشود الذي يعيد الأمة إلى سابق عهدها.
قد لا أكون مبالغاً عندما أقول إن أمتنا العربية الإسلامية تعيش اليوم حقبة مريرة من تاريخها المعاصر لعل أخطر مؤشراتها تلك الأزمات والعداوات والتنابذات والفتن التي تعصف ببعض البلدان العربية والإسلامية، وبما يعطي المجال لتدخلات أجنبية تعيد الأمة عقوداً إلى الوراء، وإذا أضفنا إلى ذلك المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها غالبية تلك البلدان، والتي يأتي الفقر والبطالة والتصحر وشح المياه في مقدمتها، فإننا لابد أن نصطدم بمرارة هذا الواقع، ونلجأ إلى البحث عن حلول ناجحة لتلك المشكلات قبل استفحالها، وذلك من خلال العودة إلى مرجعنا الأساس في الهدى، وهو كتاب الله العزيز، تحديداً قوله تعالى: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان»، فالأمة أحوج ما تكون في هذه الظروف الدقيقة التي تواجهها إلى الهدى الذي يعتبر بمثابة الضوء الذي ينير لها طريق الخير والعزة والصلاح، ويعيد إليها كرامتها وهيبتها ودورها الحضاري المغيب بفعل تلك الأزمات المتلاحقة.