منذ مؤتمر «بريتين وودز» في سبعينات القرن الماضي الذي كرّس الدولار كبديل للذهب كمعادل أساسي مقابل إصدار العملة , أي تحويل عملة وطنية إلى «ذهب» ورقي متداول والولايات المتحدة متربعة على عرش قيادة النظام المالي الدولي، فهي التي تضع المعايير للعملات والقوانين المالية والإدارية لإصدار العملات خاضعة للإشراف الأمريكي، ومن يبتعد عن هذه الشبكة العنكبوتية المالية ينعزل، كل شيء مالي عملياً يخضع للإشراف الأمريكي بينما ما يجري على أراضي الولايات المتحدة من عمليات مالية خارجة عن إطار المراقبة الدولية مع العلم انها تتحكّم عبر النظام المالي بكل إقتصاديات العالم وهذا ما أثبتته هذه الأزمة المالية الحالية.
السؤال بعد هذه الأزمة العاصفة هو: هل يستطيع الدولار أن يبقى معادلاً ذهبياً، وهو يثبت في الواقع الاقتصادي كم هو فقاعات مالية، يدفع ثمنها العالم بأسره؟.
الدولار يدافع عن نفسه من خلال ما قاله الرئيس «بوش» أثناء القمة التي جمعته بـ«ساركوزي» و«باروسو» رئيس المفوّضية الأوروبية بعد مؤتمر «كيبيك» للفرانكفونية، الذي تحدّث فيه الرئيس «ساركوزي» عن أن المسألة تتجاوز نظاماً مالياً عالمياً جديداً، إلى نظام سياسي واجتماعي عالمي جديد «يقول السيد بوش» إننا سنعمل جاهدين على تفادي إعادة الأزمة، ومن الضروري الحفاظ على أسس الديمقراطية الرأسمالية – الالتزام بسوق حرة، حريّة الاستثمار، حرية التجارة – «ثم يقول» يجب أن نقاوم الميل الخطير نحو الاقتصاد المنعزل، ونواصل الخطط لفتح الأسواق».
إذاً، الدولار بشبه اعتذار يقول: سأتفادى حصول هذا الخطأ في المرات القادمة، ولكن عليكم أن تبقوا تحت قيادتي من خلال الحفاظ على منطق السوق بالطريقة ذاتها التي جعلت من الدولار متضخماً، ولكن كفقاعات اقتصادية لا تعكس واقعاً اقتصادياً حقيقيّاً.
لذا ردّ عليه اليورو من خلال «ساركوزي» عندما قال في ذات الملتقى: «إن الخطأ الكبير هو اعتبار الأزمة المالية أزمة عابرة» وبدأ يسّرب في نقاشاته لحل الأزمة مسألة إصلاح وكالات معادلات العملة، التي هي وكالات أمريكية أو تحت إشرافها وكذلك مناقشة نظام العملات «Currency System» وهذا يعني إعادة النظر بل إلغاء «بريتين وودز» فكفى أيها الدولار، لا تستطيع أن تحلّها بمفردك، بل يقول بوضوح أكثر إن الأزمة بدأت في نيويورك والمؤتمر العالمي الذي دعا إليه لمناقشة نظام مالي عالمي جديد يجب أن ينعقد في نيويورك وسرعان ما استجاب بان كي مون للإشارة وأعلن أن الأمم المتحدة هي المكان الذي يدعو أن ينعقد فيه المؤتمر، ذلك لأن الأزمة عالمية وعلى العالم جميعه المشاركة فيه بحيث تُعكس الوقائع الاقتصادية الجديدة.
ليس مصادفة أن يذهب «ساركوزي» مصطحباً معه رئيس المفوّضية الأوروبية «باروسو» الذي صرّح علانية قائلاً: «إننا نريد نظاماً مالياً عالمياً جديداً» وهنا اليورو يريد أن يزيح الدولار عن القيادة، ويقول له عليك أن تدخل حلبة المنافسة بدل الاحتكار والهيمنة.
حتى «غوردن براون» رئيس وزراء بريطانيا، الدولة الحليفة واللصيقة اقتصادياً وسياسيّاً بالولايات المتحدة الأمريكية، دعا إلى تغييرات جذرية في نظام الرأسمال العالمي –Global Capitalist System – بحيث يشمل طرفي المحيط، لمراقبة أكبر من قِبل 30 مؤسسة مالية " ورغم أنه لم يدع إلى نظام مالي عالمي جديد، إلا أنه رغم ذلك اضطر إلى الدعوة إلى نزع الصلاحيّات السلطوية للدولار في البعد عن المراقبة.
ويبدو أن اليورو لم ينتظر نتائج المؤتمر الدولي المزمع عقده، ولكنه بدأ باتخاذ مواقف متمايزة عن الدولار، حتى في المجال السياسي، بدءاً من أزمة جورجيا – روسيا حيث سعت إلى حل الأزمة والتعامل مع الوقائع والوصول إلى اتفاقات بعكس الموقف الأمريكي الذي يحاول إشعال الحريق، وكذا الموقف من قضايا الشرق الأوسط، حيث بدأت تعلن أوروبا حقها في انتزاع دور في المنطقة، وكذلك في التعامل مع سوريا ولبنان.
إن المؤتمر الدولي القادم الذي ستتبعه العديد من المؤتمرات، سيكرّس لنظام عالمي جديد فيه سيترسخ التعدّد، لأن هناك عملات أخرى منافسة كاليوان الصيني الذي فضّل الانعزال طويلاً عن ملعب الساحة المالية، لكنه يمثّل إنتاجاً وبضاعة لكل «يوان» وليس مجرد فقاعات مالية وهمية، وهناك الروبية الهندية والروبل والين وعملات كثيرة.
وقبل ذلك هل سيقف الدولار مكتوف الأيدي؟ أم أنه سيسعى لأخذ مكانة لائقة وليست مهيمنة في النظام المالي الجديد بعد أوباما.
ترى هل سيكون للعملة «الخليجية» موقع بين العملات؟
abumasar@hotmail.com
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 193 مسافة ثم الرسالة
السؤال بعد هذه الأزمة العاصفة هو: هل يستطيع الدولار أن يبقى معادلاً ذهبياً، وهو يثبت في الواقع الاقتصادي كم هو فقاعات مالية، يدفع ثمنها العالم بأسره؟.
الدولار يدافع عن نفسه من خلال ما قاله الرئيس «بوش» أثناء القمة التي جمعته بـ«ساركوزي» و«باروسو» رئيس المفوّضية الأوروبية بعد مؤتمر «كيبيك» للفرانكفونية، الذي تحدّث فيه الرئيس «ساركوزي» عن أن المسألة تتجاوز نظاماً مالياً عالمياً جديداً، إلى نظام سياسي واجتماعي عالمي جديد «يقول السيد بوش» إننا سنعمل جاهدين على تفادي إعادة الأزمة، ومن الضروري الحفاظ على أسس الديمقراطية الرأسمالية – الالتزام بسوق حرة، حريّة الاستثمار، حرية التجارة – «ثم يقول» يجب أن نقاوم الميل الخطير نحو الاقتصاد المنعزل، ونواصل الخطط لفتح الأسواق».
إذاً، الدولار بشبه اعتذار يقول: سأتفادى حصول هذا الخطأ في المرات القادمة، ولكن عليكم أن تبقوا تحت قيادتي من خلال الحفاظ على منطق السوق بالطريقة ذاتها التي جعلت من الدولار متضخماً، ولكن كفقاعات اقتصادية لا تعكس واقعاً اقتصادياً حقيقيّاً.
لذا ردّ عليه اليورو من خلال «ساركوزي» عندما قال في ذات الملتقى: «إن الخطأ الكبير هو اعتبار الأزمة المالية أزمة عابرة» وبدأ يسّرب في نقاشاته لحل الأزمة مسألة إصلاح وكالات معادلات العملة، التي هي وكالات أمريكية أو تحت إشرافها وكذلك مناقشة نظام العملات «Currency System» وهذا يعني إعادة النظر بل إلغاء «بريتين وودز» فكفى أيها الدولار، لا تستطيع أن تحلّها بمفردك، بل يقول بوضوح أكثر إن الأزمة بدأت في نيويورك والمؤتمر العالمي الذي دعا إليه لمناقشة نظام مالي عالمي جديد يجب أن ينعقد في نيويورك وسرعان ما استجاب بان كي مون للإشارة وأعلن أن الأمم المتحدة هي المكان الذي يدعو أن ينعقد فيه المؤتمر، ذلك لأن الأزمة عالمية وعلى العالم جميعه المشاركة فيه بحيث تُعكس الوقائع الاقتصادية الجديدة.
ليس مصادفة أن يذهب «ساركوزي» مصطحباً معه رئيس المفوّضية الأوروبية «باروسو» الذي صرّح علانية قائلاً: «إننا نريد نظاماً مالياً عالمياً جديداً» وهنا اليورو يريد أن يزيح الدولار عن القيادة، ويقول له عليك أن تدخل حلبة المنافسة بدل الاحتكار والهيمنة.
حتى «غوردن براون» رئيس وزراء بريطانيا، الدولة الحليفة واللصيقة اقتصادياً وسياسيّاً بالولايات المتحدة الأمريكية، دعا إلى تغييرات جذرية في نظام الرأسمال العالمي –Global Capitalist System – بحيث يشمل طرفي المحيط، لمراقبة أكبر من قِبل 30 مؤسسة مالية " ورغم أنه لم يدع إلى نظام مالي عالمي جديد، إلا أنه رغم ذلك اضطر إلى الدعوة إلى نزع الصلاحيّات السلطوية للدولار في البعد عن المراقبة.
ويبدو أن اليورو لم ينتظر نتائج المؤتمر الدولي المزمع عقده، ولكنه بدأ باتخاذ مواقف متمايزة عن الدولار، حتى في المجال السياسي، بدءاً من أزمة جورجيا – روسيا حيث سعت إلى حل الأزمة والتعامل مع الوقائع والوصول إلى اتفاقات بعكس الموقف الأمريكي الذي يحاول إشعال الحريق، وكذا الموقف من قضايا الشرق الأوسط، حيث بدأت تعلن أوروبا حقها في انتزاع دور في المنطقة، وكذلك في التعامل مع سوريا ولبنان.
إن المؤتمر الدولي القادم الذي ستتبعه العديد من المؤتمرات، سيكرّس لنظام عالمي جديد فيه سيترسخ التعدّد، لأن هناك عملات أخرى منافسة كاليوان الصيني الذي فضّل الانعزال طويلاً عن ملعب الساحة المالية، لكنه يمثّل إنتاجاً وبضاعة لكل «يوان» وليس مجرد فقاعات مالية وهمية، وهناك الروبية الهندية والروبل والين وعملات كثيرة.
وقبل ذلك هل سيقف الدولار مكتوف الأيدي؟ أم أنه سيسعى لأخذ مكانة لائقة وليست مهيمنة في النظام المالي الجديد بعد أوباما.
ترى هل سيكون للعملة «الخليجية» موقع بين العملات؟
abumasar@hotmail.com
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 193 مسافة ثم الرسالة