تزدحم الأولويات في برامج المرشحيْن الديمقراطي والجمهوري للرئاسة الأمريكية، وتتناقض الطروحات بالنسبة إلى قضايا كثيرة، ومنها العراق إلا أن التطورات الأمنية الإيجابية ومسارعة إدارة بوش إلى الاتفاق مع حكومة نوري المالكي على إطار منظم للقوات الأمريكية في سياق الانسحاب التدريجي، قللا من أهمية العراق في الحملات الانتخابية، فلم يعد تأييد جون ماكين لخيارات بوش يثير الشيء الكثير في أوساط الرأي العام، ولم تعد معارضة أوباما لاستراتيجية التدخل الطويل الأمد تعني أمراً يستحق الوقوف عنده طويلا. فتداعي الأحداث تجاوز ولو مؤقتاً هذا التناقض الحاد في السياسة الخارجية بين المرشحين، وباتت الاختلافات في الخيارات المحلية هي الأكثر بروزاً، بل ربما احتكرت الترشيحات لمنصب نائب الرئيس في كلا المعسكرين اهتماماً جماهيرياً أكبر بكثير. لكن هذا الانقلاب في بؤرة الاهتمام من الخارجي إلى المحلي لا يخفي المعالم الرئيسية لتوجهات ماكين وأوباما، في سياسات الشرق الأوسط. فماكين يطابق بوش في أكثر من 90% من مواقفه المعروفة وكان بوش مؤيداً قوياً لانتفاضة 14 آذار ضد الدور السوري في لبنان، فيما أوباما أقرب إلى استراتيجية الحوار مع إيران وسوريا في الملفات العالقة ومنها لبنان. لكن مع تراجع الاهتمام بالملفات الإقليمية عموماً، إضافة إلى سريان مرحلة التهدئة في لبنان بعد اتفاق الدوحة، جعل لبنان لم يعد ذلك الملف الساخن على طاولة البحث سواء في واشنطن أو في مقار الحملات الانتخابية، لكن نجاح أي من المرشحين سيكون له بالتأكيد أثر واضح على توجهات الإدارة الجديدة.