-A +A
جولة: إيمان عثمان
لم يكن مشروع محطة الحجاز هو أول مشروع لإقامة محطة كبيرة ينطلق منها الخط الحديدي الحجازي. ففي عام 1903م قدم المهندس المعماري كولنزر مخططات لبناء محطات المسافرين ومن المعروف أن محطة القدم بقيت المنطلق الرئيسي للخط الحجازي منذ إنشائه وحتى إنشاء محطة الحجاز والذي قدم مخططات بناء المسافرين فيها المهندس المعماري الأسباني فيرناندو ديراند عام 1908م وهي محطة كبيرة تخدم أعمال الشحن والصيانة وحركة المسافرين.
وبناء المسافرين فيها يتألف من طابقين متساويين في المساحة يتم الوصول إلى الطابق الأول عن طريق أدراج يكون الدخول إليها خارج المبنى على جانبيه.

ويتألف الطابق الأرضي من جناحين بينهما بهو كبير مفتوح إلى فراغ الطابق الأول وظيفته استقبال واستيعاب حركة المسافرين وقطع التذاكر والانتظار.
ويقسم الجناح اليميني إلى عدة غرف تستخدم لانتظار ركاب الدرجات الأولى والثانية والثالثة إضافة إلى مكتب رجال الأمن.
والجناح اليساري يستخدم في القسم المطل منه على البهو لموظفي قطع التذاكر وخدمة الأمتعة وفي الجزء الخلفي منه للإداريين ورئيس المحطة.
أما الطابق الثاني فيقسم أيضاً إلى جناحين يفصل بينهما الفراغ المفتوح من الطابق الأول إلا أنهما متصلان بواسطة شرفة متحلقة حول فراغ البهو ومطلة عليه. وهذان الجناحان كانا يستخدمان كسكن والبناء ككل متناظر خارجياً مختلف داخلياً بالتقسيمات.
كما تزين سطوح البهو الرئيسي والمفتوح على طابقين مساحات كبيرة من الزخارف العربية المنفذة بأيد محلية. ومن الخارج تزين الواجهات مجموعة من العناصر المعمارية تؤكد على أهمية هذا المبنى كبناء لمحطة انطلاق الخط الحديدي الحجازي.
وتبلغ مساحة المحطة الاجمالية 219441 مترا مربعاً أما مساحة البناء فتبلغ 925 مترا مربعاً ويوجد في المدينة المنورة بناء مشابه تماماً لمحطة الحجاز إلا أنه بحجم اصغر نسبياً.
المحطات المتوسطة
محطة القدم: مع إنشاء محطة القنوات أضحت محطة القدم محطة متوسطة بعد أن استمرت لفترة نقطة لانطلاق الخطة الحديدي الحجازي. ومحطة القدم هي محطة تشكيل القطر الرئيسية تبعد 5 كيلو مترات عن محطة القنوات وتحتل مساحة 17650 مترا مربعاً وتحوي منشآت خدمة الخطوط والشحن والصيانة والمسافرين وفيها مستودعات القاطرات وورشات الشحن ومخازن اللوازم ومعامل القدم. أما بناء المحطة فهو ذو تصميم خاص يختلف عن باقي المحطات.
محطة الكسوة: وهي محطة متوسطة فيها بناء للمسافرين من الدرجة الرابعة إضافة إلى بناء للعمال وحارس الخط ومؤلفة من طابقين العلوي يستخدم كسكن لرئيس المحطة والأرضي للإدارة والحركة.
محطة الدير علي: وهي كسابقتها محطة من الدرجة الرابعة, فيها بناء للمسافرين وبناء للعمال.
محطة المسمية: وهي المحطة التي يتزود بها القطار بالمياه بعد محطة القدم وفيها خزان للمياه يتسع لـ 25 متراً مكعباً بالاضافة إلى بناء للمسافرين وبناء آخر للعمال.
محطتا جباب وخبب: وفي كل منهما بناء للمسافرين وبيت للعمال إلا أن المحطتين قد ألغيتا وتعرضتا للتخريب والإهمال وذلك بسبب بعدهما عن التجمعات السكنية.
محطة محجة: وفيها بناء للمسافرين ما يزال في حالة جيدة كما تحوي بيتاً للعمال.
ويقابلها مخفر للشرطة "مهجور حاليا" وما زالت هذه المحطة تقوم بوظيفتها منذ انشائها.
محطة ازرع: وهي أول محطة من الدرجة الثالثة على هذا الخط فيها بناء للمسافرين ويلحق بها بناء للشحن. إلا أن هذا البناء قد تصدع وتهدم وقامت مكانه براكية تقوم بنفس وظيفة البناء. وهذه المحطة كبيرة نسبياً فيها ورشة للإصلاح وبيوت للعمال.
محطة غزالة: وهي المحطة التالية لمحطة ازرع وبناء المسافرين فيها ما يزال قائماً وهي أيضاً من الدرجة الثالثة وهي تحتوي على مستودع مستقل كبير وبعض البيوت للعمال وقد أنشئت هاتان المحطتان بداية "ازرع - غزالة" بحد أدنى من الخدمات وقد تطورتا في ما بعد تمشياً مع أهمية وحاجة المحطتين.
محطة درعا: وهي محطة كبيرة يتفرع فيها الخط إلى حيفا وإلى المدينة المنورة وإلى بصرى. وتحتوي على ورشة كبيرة للإصلاح ومعمل لتعمير القاطرات والعربات ومستودعات للفحم وخزانات المياه إضافة إلى بناء للمسافرين وتبلغ مساحتها 839980 مترا مربعاً ويتبع لها العديد من العقارات وسوق تجاري.
ويلي محطة درعا باتجاه الحدود الأردنية محطتا قم غرز ونصيب.
بين القديم والحديث
معلم هام من معالم مدينة دمشق أنشأه السلطان العثماني ودمره البريطانيون وأعاد الدمشقيون الألق إليه.
لا تزال محطة الحجاز الحديدية إلى يومنا هذا تشكل إرثاً تاريخياً يعود إلى أكثر من مئة عام منذ بدئ بإنشاء خط حديدي حجازي عام 1900م في زمن السلطان العثماني عبدالحميد ولا يزال البناء شاهداً حياً على جمال العناصر المعمارية في هذا المعلم التاريخي.
وكان المسلمون في القرن التاسع عشر يواجهون صعوبات كثيرة في الوصول إلى الديار المقدسة وكان على موكب الحج الشامي أن يقطع من دمشق إلى المدينة المنورة ما يقارب اربعين مرحلة تستغرق زمناً يقدر بخمسين يوماً للذهاب وهذا ما جعل العثمانيين خلال احتلالهم لسوريا يفكرون بانشاء خط حديدي يربط سورية بالأردن ومكة.
وقد تم الاعلان عن هذا المشروع في عهد السلطان عبدالحميد الثاني عام 1976 - 1090م، حيث أقام له دعاية واسعة في العالم بأن الهدف من انشائه هو تسهيل سفر الحجاج وتأمين الراحة لهم بالاضافة إلى كونه مشروعا دينيا خيريا يجب على المسلمين انشاؤه لربط البلاد الاسلامية بعضها مع بعض.
وتم جمع تكلفة المشروع وتنفيذه من تبرعات المسلمين فكانت دمشق محطة انطلاق الخط الحديدي الحجازي وفيها كان ينتهي مسار سيره.. وصل أول قطار إلى المدينة المنورة قادما من دمشق في الثاني والعشرين من شهر آب سنة 1326 هجري 1908ميلادي في رحلة استغرقت زهاء خمس وخمسين ساعة وجرى الافتتاح رسميا للمحطة في الأول من شهر أيلول في العام نفسه.
مسار الخط
من محطة القدم جنوب مدينة دمشق كان ينطلق وعبر غوطتها الغناء يتغلغل ليسير في استقامة عبر سهل حوران فيقطع السهل ليصل الى محطة درعا ومن درعا يتفرع فرع حيفا متجها نحو البحر أما الخط الأساسي فيبقى مستمرا نحو الجنوب ثم يقطع وادي نهر الزرقا ويصل إلى عمان ثم يخرج باتجاه معان وهي المحطة المتوسطة للخط الحديدي الحجازي.. يخرج من معان ليخترق الصحراء إلى العقبة ثم يهبط ليصل إلى المدورة فيدخل أراضي الجزيرة العربية فمدائن صالح وأخيرا المدينة المنورة.
منافسة قناة السويس
عند نشوب الحرب العالمية الأولى استخدمت الدولة العثمانية هذا الخط لخدمة الحرب من خلال تنقلات الجيش والعتاد وعند قيام الثورة العربية الكبرى قام الانكليز بتخريب الخط لكونه منافسا قويا لقناة السويس كذلك لأنه وسيلة اتصال بين العرب ويشكل خطرا على المستعمرين بعد الحرب العالمية الثانية وأثناء الانتداب الفرنسي على سوريا حلت لجنة إصلاح الخط الحديدي الحجازي إلا أن هذه الجنة بالرغم من امكانياتها المتواضعة تمكنت من تسيير قطار المدينة المنورة ودمشق.
حتى هذه الفترة كانت هناك مئة وعشرون قاطرة بخارية جاهزة للاستخدام بالاضافة إلى ألف ومائتي شاحنة ومائة عربة للركاب وعشرين شاحنة للبريد أما بعد الانتداب الفرنسي على سورية تم تشكيل لجنة تولت مهام استثمار الخط وادارته وإلى يومنا هذا لا تزال المحطة تقوم بذات المهام والوظائف التي قامت بها في ما مضى من نقل للركاب في رحلات منتظمة في قاطرات ديزل حديدية وأحيانا في قاطرات بخارية قديمة.
أما داخل المحطة فنجد في المدخل الرئيسي قاطرة تعد من أقدم القاطرات في سورية وهي ألمانية الصنع يعود تاريخها إلى 1908م كذلك تضم المحطة قاطرتين بخاريتين صنعتا في عام 1849م وهما قاطرتان فريدتان اثريتان وتجرى صيانة واصلاحات لهذه القاطرات بغية استثمارها واعادة الألق والحيوية لها لأداء دورها كما كان في الماضي.
دراسة مشتركة
واتفق مجددا وزراء النقل في سوريا والاردن والمملكة على أهمية ربط شبكات الخطوط الحديدية بين الدول الثلاث لدعم وتطوير التبادل التجاري بين وعبر أراضيها.
وتقوم الوزارات الثلاث بدراسة المشروع وأشارت بأن العلاقات الفنية بين الوزارات الثلاث في سورية والأردن والمملكة على أحسن ما يرام وأن أجواء ايجابية سادت المحادثات التي أجراها الوزراء الثلاثة بصفتهم الهيئة العليا لإعادة تسيير الخط الحديدي وتم خلال اجتماعات وزراء الدول الثلاث عرض خططها لتطوير النقل السككي فيها بما يخدم مشروع الربط السككي بينها وقد توضح ان الربط السككي الحديث بسرعات عالية لا يتوافق مع التخطيط القديم للخط الذي يعود إلى عام 1900م والذي يسير بسرعات لا تتجاوز أربعين كيلو مترا في الساعة، وأجمع الوزراء الثلاثة على أهمية السعي لتنفيذ المشاريع التي تخدم الربط السككي وتشكيل لجنة فنية مشتركة لدراسة كيفية التوصل إلى هذا الهدف ودراسة الاتفاق الموحد لعام 1966م لإعادة تسيير الخط ولتوضيح ما اذا كانت هناك ضرورة لتعديلات واجبة على الاتفاق وصولا إلى الهدف.
و تم الاتفاق على عقد اجتماع آخر في وقت قريب كمرحلة أولى للاطلاع على نتائج الدراسة والتأكد من توافق مقترحاتها مع متطلبات الربط السككي بين الدول الثلاث وللبحث في صيغة مشتركة لتمويل انشاء الخط الحديدي بين دمشق وعمان في ضوء الدراسة التنفيذية للخط الحديدي التي أنجزتها سورية لخط الواصل بين دمشق والحدود السورية الأردنية والذي يفترض استكماله عام 2012م وتوشك وزارة النقل الأردنية على استلام دراسة المخطط التوجيهي لتطوير السكك الحديدية في الأردن خلال الشهر المقبل حيث انها وجدت ان هناك ضرورة للتوفيق والتنسيق بين المخطط التوجيهي وبين الخطوات المتفق عليها بين الدول الثلاث لتعزيز الربط بينها من حيث المبدأ العام. واتفق الوزراء الثلاثة على اعداد دراسة مشتركة وشاملة عن مكونات الاتفاق الموحد لاعادة تسيير الخط الحديدي الحجازي بهدف اعادة النظر في هذا الاتفاق بما يخدم الوضع القائم في الدول الثلاث على أن تأخذ الدراسة النواحي القانونية والشرعية للخط بالسرعة الممكنة. وكان وزراء النقل الثلاثة اجتمعوا على مدى يومين في العاصمة الأردنية بدعوة من وزير النقل الأردني علاء البطاينة وبحثوا موضوع الخط بموجب الاتفاق الموحد لسنة 1966م من جوانب القانونية والشرعية والفنية.
أقدم حي
«عكاظ» التقت رئيس مركز الدراسات الإسلامية الدكتور محمد حبش ليحدثنا عن محطة القدم احدى أهم وأقدم محطات الخط الحديدي الحجازي حيث أكد لنا أن حي القدم هو حي عريق في دمشق واكتسب اسمه من قدمه لأن المنطقة ماهولة قبل بناء الأحياء خارج سور دمشق فهو أقدم حي خارج سور مدينة دمشق، ولهذا سمي حي (القدم) وأحيانا كانوا يقولون حي القديم.
أما الحديث عن قدم النبي عليه الصلاة والسلام فليس له أصل لا من كتاب ولا من سنة، ولكن بعض المحبين رسم قدما على السيراميك في منطقة القدم وليس لهذا الكلام أصل والنبي صلى الله عليه وسلم لم يصل الى دمشق وغاية ما وصله الى بصرى الشام.
قبر النبي موسى
ومن جانب آخر يؤكد الدكتور حبش أن هناك مقبرة القدم أيضا ويتداول الناس أن فيها قبر النبي موسى عليه السلام وفي الواقع فإن موسى عليه السلام أيضا مات ودفن في فلسطين أو في الجبل المطل على فلسطين كما في الرواية ولا يوجد ما يدعو لتصديق أسطورة القدم كما يقول العامة.
ولكن حاولنا استطلاع معلومات أكثر عن هذا المكان من خلال زيارتنا عدة مرات الى هناك ولكن المسؤولين هناك قالوا ان المنطقة هي محطة القطارات التي تذهب إلى كل المحافظات وفي أوقات محددة وتعتبر رحلات ممتعة للغاية وتحوي استراحات هامة فيها كل وسائل الراحة والسفر فيها ممتع وأكثر أمانا من الركوب في وسائل النقل الأخرى وأكدوا لـ"عكاظ" أن وصول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ليس إلا كلاما تناقلته الأجيال لحبهم الشديد له ولأنهم يتمنون أن يكون سيدنا محمد صلوات الله عليه وسلامه وصل إلى الشام وأن هذه القدم هي قدمه عليه الصلاة والسلام.