-A +A
بشرى فيصل السباعي
رغم المسوغات الموضوعية للاحتفاء العالمي بفوز أوباما لكن يبقى أن زخم هذا الاحتفاء يتجاوز المعتاد مع أمثال هذا الحدث السياسي بشكل يجعل المراقب يشعر أنه يبدو أقرب لمقطع عرضه برنامج فكاهة أمريكي «الديلي شو» على «السي.إن.إن» أظهر أوباما في شخصية «سمبا» الشبل الأفريقي المخلص المنتظر في الفيلم الكرتوني الشهير «الملك الأسد» في المشهد الأيقوني في أغنية «حلقة الحياة» عندما يرفع الحكيم العجوز الشبل الوليد سمبا فتتداعى فصائل الحيوانات المختلفة لتحية قدومه المنتظر ووضعوا وجه أوباما مكان وجه الشبل، ومما لا شك فيه أن أوباما يجسد بشكل مثالي القائد الكارزماتي الملهم للجماهير، لكن مجرد التخلص من بوش وماكين كصدى له هو مبرر للاحتفاء خاصة بالنظر لحصيلة عهد بوش الذي ابتدأ بأحداث 11/سبتمبر «استطلاع زغبي الأمريكي 42% من الأمريكيين يعتقدون بتورط حكومتهم فيها» وبمزاعم كاذبة احتلت أمريكا بلدين بدون أن يبدو لها مخرج منهما، وتورط أركان الإدارة الأمريكية في فضائح الفساد في عقود إعادة إعمار العراق، بينما خسرت أمريكا ثلاثة تريليونات دولار كتكلفة للحرب على العراق «دراسة د.ستجليتس الحائز على جائز نوبل للاقتصاد» وقتل مليون عراقي، وتضاعف الإرهاب عالميا، وبلغت غطرسة إدارة بوش درجات استعراضية لا تكاد تصدق كما في فضائح أبو غريب وجوانتنامو وتشريع سياسة التعذيب واختطاف الناس وشحنهم في رحلات سرية إلى سجون سرية ليتم تعذيبهم، وحزمة أخرى من السياسات الأحادية التي تخالف كل قانون دولي متعارف عليه من خرق سيادة الدول وخرق قوانين جنيف لمعاملة أسرى الحرب وقوانين منع التعذيب إلى معاهدات حماية البيئة وتجميد خطط نشر قواعد المنظومة الأمريكية الدفاعية المضادة للصواريخ في أوروبا الشرقية مما أشعر روسيا أنها المستهدفة بها وأدى للاشتباك العسكري بين جورجيا المدعومة أمريكيا من جهة وبين إقليمها الانفصالي أوسيتيا الجنوبية مدعوما بروسيا من جهة أخرى، ثم انهيار أسواق المال والمؤسسات الاقتصادية الأمريكية بما يهدد بانهيارات في اقتصاديات دول العالم التي ربطت نفسها بكتلوج العولمة الاقتصادية الأمريكية الذي تسبب بانهيار اقتصاديات النمور الآسيوية وأمريكا اللاتينية، وانهارت بذلك عقيدة الرأسمالية المتأمركة المتوحشة، خاصة في ظل أزمة ارتفاع أسعار الغذاء عالميا بشكل يهدد بموت الملايين جوعا بسبب حرب العراق واستعمال أمريكا للمحاصيل كوقود، ووقع الشعب الأمريكي كما ذكر المرشح الرئاسي آل جور في كتابه (العدوان على المنطق) تحت تأثير آلية التخويف بشبح الإرهاب الذي استعمله بوش بشكل يناقض المنطق وبديهيات «السبب والنتيجة» لجعل الناس يتصرفون بعقلية القطيع ويلتفون حول من يزعم أنه سيوفر لهم الحماية من الخطر المزعوم. ولذلك فالعالم يتأمل في أوباما أن يكون رئيسا موضوعيا يتعامل بموضوعية مع العالم بعيدا عن الطابع العقائدي المتطرف المتغطرس الذي ميز عهد بوش والذي وصل لدرجة زعمه أن الله تحدث إليه وأمره بغزو العراق وأفغانستان وفعل ما فعله عالميا من عدوان وتنكيل» BBC 6/10/2005 ويكفي أن معدلات الانتحار في عهد بوش بين الجنود والمدنيين الأمريكيين ارتفعت لمعدلات قياسية غير مسبوقة «دورية الطب الوقائي الأمريكي/2008»
bushra.sbe@gmail.com


للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 111 مسافة ثم الرسالة