-A +A
طلال صالح بنان
قرار حصار غزة وتخفيفه، وحتى احتمال رفعه، كان ولا يزال وسيظل قراراً إسرائيلياً، إلى إشعار آخر، أو هكذا يبدو. إسرائيل لا تريد هلاك 1.5 مليون فلسطيني في غزة، دفعة واحدة. لو قاد الحصار إلى إحداث أزمة إنسانية حقيقية في غزة، فقدت إسرائيل، نهائياً، ورقة الحصار.. وفقدت هدفها الاستراتيجي من وراء الحصار: إجبار الفلسطينيين، ومن ورائهم العرب، لاستسلام تاريخي.
إسرائيل من اللعب بورقة الحصار تريد زيادة معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة، حتى إذا وصلت الأمور للحظة الحرجة، لجأت "تكتيكياً" للعبة فتح المعابر...!؟ أحياناً لعبة المعابر لا تتجاوز مرحلة الإعلان عنها. حتى لو تم، بالفعل، فتح أحد المعابر تحت إشرافها، فإن ذلك لا يعني أن جميع المواد الإغاثية المتفق عليها مع هيئات الإغاثة الدولية، وهي محدودة ولا تسد الرمق بطبيعتها، سيتم السماح بدخولها..!؟ كما أن "تكتيك" فتح المعابر المؤقت، لا يخرج عن استراتيجية الحصار الإسرائيلية العامة. أحياناً يكون فتح أحد المعابر، إما لامتصاص حملة إعلامية وسياسية دولية تتناول الحصار من الناحية الإنسانية.. أو لتغطية زيارة مسؤول فلسطيني كبير لإسرائيل، أو مجيء مسؤول إسرائيلي كبير، في زيارة رسمية أو غير رسمية، لعاصمة عربية.. أو استباقاً لتصعيد الموقف، من قبل الفلسطينيين.
في حقيقة الأمر حصار قطاع غزة ليس إسرائيلياً، خالصاً. قسوة الحصار الحقيقية تستمد رعونتها من السكوت عليه، لدرجة "شبهة" التواطؤ، دولياً، مع إسرائيل في جريمته ...!؟
هدف الحصار ليس تجويع الفلسطينيين، حتى الموت. يكفي فقط إشعار الفلسطينيين بمذلة الاحتلال وتخلي القريب والبعيد عنهم، حتى تنكسر إرادتهم ويقبلوا بتسوية مذلة لقضيتهم... عندها يكونون بـ "رضاهم" تحت رحمة عدوهم، الذي لن يتخلى عن استراتيجية الحصار، أبداً.


للتواصل ارسل رسالة نصية sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 154 مسافة ثم الرسالة