-A +A
عبدالله حسن العبدالباقي
في 14 – 15 من هذا الشهر انعقد في واشنطن مؤتمر مجموعة العشرين، وهو الاجتماع الطارئ الذي دعا إليه «ساركوزي» في بداية الأزمة، من أجل معالجة الأزمة المالية الاقتصادية العالمية التي أصابت بشرورها معظم أرجاء الكرة الأرضية.
وقبل الوصول إلى النتائج التي توصّل إليها المؤتمر، دعونا نتعرف على أصل مجموعة العشرين.الذي يعود إلى يونيو عام 2003، حيث عقدت ثلاث دول هي: البرازيل والهند وجنوب إفريقيا? مؤتمراً في برازيليا أسفر عن «إعلان برازيليا» يطالب الدول الصناعية بوقف الحمائية ورفع الدعم عن المنتجات الزراعية لبلدانهم، حيث تتم المطالبة من الدول الفقيرة برفع الحماية عن منتجاتها الوطنية تحت حجة حرية السوق في الوقت التي تمارس فيه الحمائية وتدخل الدول من قبل الدول الصناعية الكبرى? في ما يخص الزراعة.? هذا التكتل ?دخلت فيه الصين على الفور وأصبحت إحدى قياداته الأساسية في المنافسات التجارية.
لقد تنبّه الأوروبيون على الفور لأهمية إعلان برازيليا، وأصدرت أوروبا في 13 أغسطس 2003 إجابة على مقترحات المجموعة ودُعيت الولايات المتحدة للاستجابة وتم توقيع وثيقة التجمع في 20 أغسطس 2003 من مجموعة من البلدان.
مرت المجموعة بعدة مراحل فكانت الـ20 والـ21 والـ22 وكانت تضم في أوقات سابقة دولاً كالبيرو وكولمبيا والسلفادور وكوستاريكا.
إذن كانت البداية مطلباً من جزء من المجتمع الدولي بالعدالة في التعاملات التجارية ?لقد كانت في البداية مجرد صرخة احتجاج، لكنها تتحول اليوم إلى المجموعة الأساسية المقررة للنظام المالي، وبالتالي الاقتصادي والسياسي العالمي.
مجموعة العشرين اليوم تضم بالإضافة إلى الدول الخمس الدائمة العضوية والمعروفة للجميع ألمانيا والهند وايطاليا والبرازيل والمكسيك وكندا وأستراليا والأرجنتين واليابان وجنوب أفريقيا وجنوب كوريا وتركيا وأندنوسيا والمملكة. أي أنها 19 دولة والعضو العشرون هو الاتحاد الأوروبي، وبالإضافة إلى هذه الدول المؤسسات المالية الأساسية وهي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمجلس المالي والنقدي العالمي ولجنة التطوير في مؤسسة النقد والبنك الدوليين.
إن مجموعة العشرين الآن وبعد انعقاد هذا المؤتمر الطارئ الذي دُعيت إليه كل الاقتصاديات الأساسية والناشئة والمؤثرة في الاقتصاد العالمي. أصبحت المجموعة الأهم في قيادة الاقتصاد العالمي.
لقد لعبت الصين والهند والبرازيل دوراً بارزاً في حل الأزمة ومثّلت اقتصاداتها الممثلة في منتجات واقعيّة المنقذ الحقيقي لهذه الأزمة.فمن خلال الفوائض المالية لهذه الدول تم دعم المؤسسات المالية الدولية.
ولهذا أصبح ومنذ الآن لهذه الدول? دور كبير تلعبه ?في كافة المؤسسات المالية الدولية بما فيها صندوق النقد? والبنك الدوليان اللذان كانا مجرد أداة بيد الاقتصاد الأمريكي وهذا بالطبع سينعكس في كافة الجوانب الأخرى بما فيها الأدوار ?السياسية والاقتصادية? التي ستلعبها هذه البلدان في الساحة الدولية.
أوروبا هي الأخرى حصلت ولأول مرة على ?الالتزام بتجديد أنظمة وطرق المراقبة للبنوك بما فيها البنوك الاستثمارية الامريكية التي كانت خارج نطاق المراقبة ?وتجديد كافة الوكالات المنظمة للمؤسسات المالية، أي بناء نظام مالي عالمي جديد، كما حصلت على اعتراف الولايات المتحدة بأن جذور الأزمة المالية العالمية كانت منها. قال «ساركوزي» بعد إصدار بيان القمة: «كان من الصعب إقناع الرئيس «بوش» بمجرد عقد القمة، لكن النتائج تستحق الجهد، أمريكا مازالت القوة الأولى في العالم، ولكن السؤال هل هي الوحيدة؟ الجواب: «لا» أليس كذلك.
مجموعة العشرين بدأت مطالبة بالعدل في التجارة الدولية، وهاهي الآن ?تصبح دولاً مقررة في النظام المالي الدولي الجديد، وذاك بالتأكيد أتى عبر مثابرة هذه البلدان للحاق بالركب بل الدخول في المنافسة مع الدول الصناعية الكبرى.
ولا يفوتني القول هنا إن وجود بلادنا في عضوية العشرين يجعلها تدخل بتحدٍ إلى زمن التنمية المستدامة وبناء اقتصاد متعدد لا يعتمد على مصدر وحيد، اقتصاد يستوعب معنى رأس المال البشري وتتواصل فيه ?عمليات بناء المدن الصناعية وإصلاح التعليم وتكريس مفهوم دولة المواطنة والتسامح والحوار.
تصريح معالي وزير المالية « ابراهيم العساف» الذي طرح فيه بوضوح أن الفوائض المالية لدينا ستستخدم لخدمة اقتصاد بلادنا والاستمرار في مشاريع التنمية، وهي ليست لدعم صندوق النقد الدولي، دلالة أكيدة على الاصرار على المثابرة وبناء الوطن لتثبت هذه البلاد أنها حقاً ?إحدى دول العشرين.
abumasar@hotmail.com


للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 193 مسافة ثم الرسالة