حين تضطرك الظروف لأن تحتاج للسفر الجوي أسبوعيا، أو شهريا، على مدى أعوام طويلة، فستدرك حينها كيف تغدو أفلام الخيال العلمي متنفسا لك مما تتركه هذه التجربة الصعبة من آثار على روحك وجسدك، حيث تتخيل نفسك مكان البطل الذي يقود دراجة تطير، فلا تحتاج لتأكيد حجزك بأيام وأسابيع قبل الرحلة، (فضلا عن أنك لن تحتاج لحجز أصلا)، ثم إنك لن تفاجأ يوما براكب آخر قد أخذ مقعدك (على دراجتك)، بينما يحدث ذلك كثيرا في حالة الطائرة، مع أنك قد أكدت الحجز، وجئت في وقتك تشهر في وجه المضيف تذكرتك المؤكدة لتحصل على كرت الصعود. وكل ذنبك أنك من القلائل على الطائرة، لا تمت لأحد في شركة الطيران بصلة من بعيد أو قريب، وبالتالي يمكن الاستفادة من مقعدك لمجاملة قريب الكابتن او المضيف أو حتى البواب، لا فرق طالما انك ستنتظر منكسرا رحلة أخرى، ولن يسمع شكواك أحد. فالراكب الآخر المحظوظ قد استقر على المقعد ولا يمكن زحزحته، والعربي بفطرته لا يمكنه التخلي عن الكرسي حتى لو كان كرسي طائرة، ومسروقا من آخر. مما يزيد من فرص اقترابك من السكر والضغط، المرضين اللذين نستأثر بنسب وافرة منهما على مستوى العالم.
وفي الخيال العلمي، على الأقل إذا لم تملك المال لشراء تلك الدراجة الخرافية، فسيمكن حينها أن يتم القفز فوق المساحات الشاسعة التي تضطرك للسفر جوا، فسيمكنك الدراسة والعلاج والعمل من خلال شاشة الكومبيوتر، (مع ملاحظة أن هذا الخيال لدينا صار واقعا في العالم الأول بفارق درجات على سلم الحضارة العقلية).
لو كنت تملك الدراجة الطائرة، فلن تضطر إلى التعرض أسبوعيا لقلق إلغاء الحجز، أو إلغاء الرحلة برمتها، أو مجادلة مسؤول يتجاهل حقك ولا يستطيع التنصل من خطئه. ولو كنت تملك الدراجة الطائرة، فلن تفوتك رحلة من كل خمس رحلات بسبب أعطال الطائرات، ولن تضطر لافتراش أرض المطار ساعات تستجدي أي خبر عن الرحلة البديلة، من دون أي جدوى، وتضطر للجوء إلى أفقر الناس للتهذيب (وهي سمة غالبة لمن يأخذ مواقع قرار في حالات الطوارئ، في مؤسسات كثيرة في بلدنا). لو كنت تملك الدراجة الطائرة لما وقفت داخل الطائرة في فرجة المطبخ وأنت مريض السكر والضغط (لا عجب فأنت زبون قديم للخطوط السعودية)، تحمل شهاداتك المرضية وتنتظر أن يلتفت إليك أحد المضيفين من سن أبنائك، ويمنحك مقعدا مناسبا، إن لم يكن مقعدك الذي استرجعته بالكاد بعد إلغائه لسبب مجهول اللفظ معلوم المعنى.
وأخيرا، والسؤال للمسؤولين في الخطوط الجوية السعودية: إن كنت مواطنا سعوديا، ومضطرا للتنقل داخل بلدك، وبلدك واسعة شاسعة حفظها الله، وليس فيها إلا شركة طيران واحدة مزمنة، وأخريتان خاصتان كذلك، إن كنت هذا الرجل، وليس لديك دراجة تطير، فماذا ستفعل لتصل في موعدك؟ وعلى مقعدك؟ ومن دون أن تتعرض لغير المهذبين؟ ولا للسكر والضغط المبكرين؟
asma@alzahrani.com
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 123 مسافة ثم الرسالة
وفي الخيال العلمي، على الأقل إذا لم تملك المال لشراء تلك الدراجة الخرافية، فسيمكن حينها أن يتم القفز فوق المساحات الشاسعة التي تضطرك للسفر جوا، فسيمكنك الدراسة والعلاج والعمل من خلال شاشة الكومبيوتر، (مع ملاحظة أن هذا الخيال لدينا صار واقعا في العالم الأول بفارق درجات على سلم الحضارة العقلية).
لو كنت تملك الدراجة الطائرة، فلن تضطر إلى التعرض أسبوعيا لقلق إلغاء الحجز، أو إلغاء الرحلة برمتها، أو مجادلة مسؤول يتجاهل حقك ولا يستطيع التنصل من خطئه. ولو كنت تملك الدراجة الطائرة، فلن تفوتك رحلة من كل خمس رحلات بسبب أعطال الطائرات، ولن تضطر لافتراش أرض المطار ساعات تستجدي أي خبر عن الرحلة البديلة، من دون أي جدوى، وتضطر للجوء إلى أفقر الناس للتهذيب (وهي سمة غالبة لمن يأخذ مواقع قرار في حالات الطوارئ، في مؤسسات كثيرة في بلدنا). لو كنت تملك الدراجة الطائرة لما وقفت داخل الطائرة في فرجة المطبخ وأنت مريض السكر والضغط (لا عجب فأنت زبون قديم للخطوط السعودية)، تحمل شهاداتك المرضية وتنتظر أن يلتفت إليك أحد المضيفين من سن أبنائك، ويمنحك مقعدا مناسبا، إن لم يكن مقعدك الذي استرجعته بالكاد بعد إلغائه لسبب مجهول اللفظ معلوم المعنى.
وأخيرا، والسؤال للمسؤولين في الخطوط الجوية السعودية: إن كنت مواطنا سعوديا، ومضطرا للتنقل داخل بلدك، وبلدك واسعة شاسعة حفظها الله، وليس فيها إلا شركة طيران واحدة مزمنة، وأخريتان خاصتان كذلك، إن كنت هذا الرجل، وليس لديك دراجة تطير، فماذا ستفعل لتصل في موعدك؟ وعلى مقعدك؟ ومن دون أن تتعرض لغير المهذبين؟ ولا للسكر والضغط المبكرين؟
asma@alzahrani.com
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 123 مسافة ثم الرسالة