-A +A
إعداد: عارف العضيلة
يدور الحديث فى الأوساط الرياضية والاجتماعية عن ضرورة احتراف الإداريين فى الأندية الرياضية، وبالأخص فى فرق كرة القدم، حيث تتردد عبارة أن الإداري هاو ويدير لاعبين محترفين، مما أوجد خللا فى إنسيابية العمل داخل تلك الأندية، وهنا لا بد لنا أن نسأل هل نحن بحاجة إلى إداريين محترفين وهل الإداريون الحاليون فى الأندية المحترفة هم هواة فعلا وغير قادرين على مواكبة التطورات والمستجدات بالاحترافية المهنية المطلوبة؟ فالمعروف أن الاحتراف، ومع مطلع الموسم الكروى 1411، بدأ فعليا فى السير وفقا للائحة جديدة أعدت لفرق دوري الدرجتين الأولى والممتازة ولكن تلك اللائحة لم تشر أبدا للإداري وصفته هل هو محترف أم هاو، فعلى الرغم مما نسمعه من أن الإداري هاو إلا أن الواقع يؤكد غير ذلك مطلقا، حيث يقول بأن الإداري فى وضع أفضل من كثير من اللاعبين المحترفين رغم عدم وجود صيغة قانونية للوضعية التي يتمتع بها، وهي الوضعية التي أبقت على وظيفة الإداري الرسمية والخاصة به خلال الفترة الصباحية وأعفي من التواجد الصباحي بالنادي، كما يتمتع براتب شهري ثابت يحصل عليه من النادي، إضافة إلى مكافآت الفوز والبطولات التى يحصل عليها كباقي اللاعبين.
الاحتراف المبطن

صحيح أن اللاعب كان هاويا قبل إقرار لائحة الاحتراف لكن الوضع تغير كثيرا بعد الاحتراف، وأصبح الإداري موظفا فى الصباح ويتقاضى مكافأة مالية عالية نظير عمله المسائي بالنادي وهو ما يمكن أن نسميه الاحتراف الإداري المبطن؛ فالإعانة الخاصة بالاحتراف التى كانت تصرفها الرئاسة العامة لرعاية الشباب للأندية بواقع 3 ملايين ريال لكل فريق بالدرجة الممتازة ونصفها لكل فريق بالدرجة الأولى أوجد دخلا للأندية، ومنه تم تخصيص مرتبات الإداريين، رغم أن هذا أوجد تلاعبات تقوم بها بعض إدارات الأندية في عقود اللاعبين المحترفين بغرض توفير مبالغ مالية من إعانة الاحتراف تذهب لصالح الإداريين، وانتهجت جميع إدارات الأندية هذا الأسلوب، فقد كان الإداري يتقاضى مكافأة شهرية تتراوح مابين 7 آلاف إلى 15 ألف ريال، وينخفض هذا المبلغ لفرق الدرجة الأولى ليتراوح بين 3 آلاف و8 آلاف ريال، وقد يكون إداري الأولى هاويا يعمل دون أي مقابل مالي
ونتيجة لهذا الأسلوب لم تظهر في الأندية السعودية أزمة إداريين مماثلة للأزمة الحقيقية في رؤساء الأندية، إذ كانت هذه الكراسي تشتكي وجود من يشغلها لفترات طويلة حتى لدى أكبر الأندية السعودية، وبعيدا عن الضجيج والقيل والقال وكثرة السؤال كان الإداريون يمارسون مهامهم ويتقاضون مكافآتهم ورواتبهم دون وجود أية مظلة نظامية لهم.
الفايز: هناك خلل فى هذه الحالة
ويعلق سلمان الفايز، عضو مجلس إدارة ناد سابق، على هذا الأمر، قائلا بأن الإداري حين توكل له مهمة متابعة لاعبين محترفين وهو هاو لا يتقاضى أي مخصص مالي أسوة باللاعبين الذين هم تحت إدارته، فإن هذا يعد خللا واضحا بالنظام وله الكثير من السلبيات التى عانت منها الأندية، ولأنها لا تستطيع تغيير النظام، فقد أوجدت لنفسها هذه الصيغة. حيث إن مرتب الإداريين إما أن يكون باتفاق شفهي أو بعقود داخلية بالنادي، وفي الغالب لا تحدث أية إشكاليات بين الإدارة والإداري ويتم تنفيذ هذه الاتفاقيات.
وعن الشكل القانوني يقول الفايز هذا ليس مخالفة للنظام فلا مخالفة إلا بنص ولا يوجد نص يمنع صرف مكافآت أو مرتبات للإداريين لذلك ظلت الأمور تسير دون أية عقبات طوال السنوات الماضية ودون أية شكاوى.
التخطيط تغير
مع تخفيض الرئاسة العامة لرعاية الشباب لإعانات الاحتراف إلى النصف ومع دخول الأندية إلى عالم الاستثمارات والرعايات وتوفر دخول مالية عالية جدا للأندية، لم تعد الأخيرة بحاجة إلى التلاعب بعقود اللاعبين المحترفين لتوليد سيولات مالية، وعليه تغير التخطيط والتكتيك لإدارات الأندية، فأصبحت توقع عقودا مرتفعة وصريحة مع أطقم إدارية كاملة لمتابعة شؤون فريقها الكروي، وأصبحت الأعمال الإدارية بالأندية جذابة جدا وتستهوي الكثيرين للعمل بها.
مع العلم أن غالبية الإداريين هم موظفون صباحيون فى قطاعات حكومية أو خاصة أخرى. ورغم وجود هذا الاحتراف إلا أن وظائف الإداريين ما زالت غير رسمية ويصنفها الجميع بأنها تدخل ضمن الأعمال التطوعية.
احتراف السعودي
هناك شكل من أشكال احتراف إداريي الأندية وهذا لا يوجد إلا في الأندية السعودية دون سواها، وغالبا يحدث فى الأندية الكبيرة التي تملك أعضاء شرف يملكون الجاه والنفوذ يتمثل هذا الشكل من أشكال الاحتراف المبطن بتفريغ الإداري من وظيفته الرسمية الصباحية مقابل عمله كإداري بالنادي، حيث يعفى من العمل لفترة زمنية قد تطول أو تنقص مع استمرار رواتبه ومميزاته التى يحصل عليها من وظيفته الحكومية، وظهر فى الأندية الكبيرة عدد من الإداريين الذين استفادوا من هذا الشكل من الاحتراف السعودي الخالص ولكن من سلبياته ضياع فرصة الترقية والدورات الوظيفية على الإداري المعفى من العمل كذلك المشاكل والخلافات الإدارية التي قد تحدث للإداري الموظف فور تغيير الكوادر الإدارية فى وظيفته أو إدارة ناديه.
الساير: أسلوب غير
بعرض هذا الشكل الاحترافي على المستشار القانوني فهد الساير قال بأن إعفاء الموظف لا يتم إلا في الحالات التي يحددها النظام أو عن طريق الإعارة لصالح جهة عمل حكومية أو خاصة وأضاف «|أما هذا الأسلوب فهو ليس بنظامي ولكنه يحدث بواسطة العلاقات الشخصية بين مسؤولي وأعضاء شرف الأندية وطالما لا يوجد متضرر أو مشتك فلا توجد قضية او مخالفة» .
احتراف أندية الظل
تتوالى غرائب الاحتراف الإداري السعودي وعجائبه وأشكاله المتعددة؛ ففي الأندية الصغيرة التي لا تملك أعضاء شرف لديهم نفوذ ووجاهة ولا تملك دخولا وإيرادات مالية تلجأ لشكل احترافي جديد يتمثل هذا الشكل بتعيين الإداري مدربا لأحد الالعاب الفردية بالنادي التي يشارك بمسابقاتها النادي شرفيا فقط وبالتالي يحصل هذا الإداري على مرتب ثابت من الرئاسة العامة لرعاية الشباب (يمثل ما نسبته 80% من المرتب) أما نسبة الـ20% التي يفترض أن يدفعها النادي.
فهناك اتفاق شفهي أو أوراق ضد بين النادي والمدرب الإداري المحترف وهذا الشكل الاحترافي نما بشكل كبير جدا في السنوات العشر الأخيرة أي منذ إيقاف إعانات الأنشطة التي كانت تصرفها الرئاسة للأنشطة الرياضية والمشاركات التي تتبناها الأندية ولكن حجب هذه الإعانة قتل الألعاب الفردية وجعلها رمزية فى الأندية وإن كان هذا الشكل الاحترافي قد أوجد استقرارا إداريا فى الأندية وأنهى مشاكل تعيين الإداريين فى فرق كرة القدم الأول والشباب والناشئين والبراعم وغالبا ما يكون العمل الأساسي لهؤلاء المدربين الإداريين مدرسي تربية رياضية، وهذا الشكل الاحترافي مفيد جدا للنادي فهو يوجد وظيفة ثابتة للإداريين ويحقق عطاء للإداري وتتركز سلبياته فى الألعاب الفردية فقط.
حان وقت التأهيل
ويعود القانوني فهد الساير ليعلق على الموضوع بقوله إنه نظامي بنسبة 100% فكل الأوراق المقدمة للجهة المشرعة وهي الرئاسة العامة لرعاية الشباب، مكتملة ومستوفية للشروط ولا يوجد أية ثغرة مخالفة، كما أن المدرب يشارك بلعبته ويحضر فلا يوجد أي نص يمنعه من العمل كإداري في فرق كرة القدم، وفي ذات أندية الظل يظهر أيضا شكل آخر من أشكال الاحتراف المبطن، حيث تلجأ إدارات الأندية للتنسيق مع شركات الصيانة العاملة لديها لتوظيف عدد من الإداريين لديها للاستفادة منهم فى الشركة والنادي فى آن معا. فالوفرة المالية أوجدت للأندية الكبيرة طرقا أخرى للاحتراف النظامي بعيدا عن التحايل والتلاعب على النظام، بينما الندرة المالية والعوز عززا قدرة أندية الظل على التحايل على الأنظمة واللوائح وستستمر طالما أنها لا تملك أي مداخيل مالية للاحتراف النظامي، فرغم تأسيس الأندية الرياضية منذ ما يزيد على الخمسين عاما إلا أنها لم تخلق أية فرصة عمل حقيقية للسعوديين.
ويرى المهتمون أن الوقت قد حان لتأهيل السعوديين للعمل بشكل رسمي ونظامي فى الأندية كإداريين ومشرفين وسكرتارية وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة.