-A +A
أول بداية لمؤتمر مكة كانت عام 1343 هـ، عندما دعا الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - إلى عقد مؤتمر إسلامي عالمي في مكة المكرمة، يجتمع فيه المسلمون من كافة أنحاء المعمورة ليتدارسوا مشاكلهم وشؤونهم، واقتراح سبل توحيد كلمتهم، والنظر في مختلف المشكلات الإسلامية، ومناقشة أوضاع الشعوب والأقليات الإسلامية التي كانت تعاني الفرقة والاختلاف وذلك لتوحيد الصف الإسلامي، وشارك في المؤتمر 16 وفداً من داخل المملكة وخارجها، وتعد هذه الخطوة من الملك عبدالعزيز - رحمه الله - من أبرز محطات مسيرة الحوار في التاريخ المعاصر.
وتمخض اللقاء عن إنشاء "مؤتمر العالم الإسلامي" عام 1344هـ التي مازالت تعمل حتى الآن، ومما قرره المؤتمر إنشاء جامعة أو هيئة إسلامية شعبية عالمية، ثم دعمت المملكة عدداً من الهيئات والمؤسسات الإسلامية داخل المملكة وخارجها، إلى أن تبلورت فكرة إنشاء رابطة إسلامية عالمية في حج عام 1381هـ، وبعد عام واحد اجتمع علماء الأمة في الحج، وتم إنشاء "رابطة العالم الإسلامي" التي تمثل الشعوب والأقليات المسلمة على أن يكون مقرها الدائم في مكة المكرمة.

المؤتمرات التالية
بعد توقف انعقاد المؤتمر لفترة زمنية، بدأت رابطة العالم الإسلامي بتنظيمه مرة أخرى في مقرها بمكة المكرمة في كل موسم حج، وفي كل دورة منه يتم اختيار موضوعاً يشغل الأمة في العام نفسه، ويناقشه علماء الأمة ومفكريها بأبحاث قيمة يدرسها المشاركون بعناية، ثم يخرجون بتوصيات وقرارات ليتم تطبيقها على أرض الواقع.
ففي عام 1422هـ نظمت الرابطة "مؤتمر مكة المكرمة الثاني"، واختير موضوع "المسلمون والتحديات المعاصرة"، وفي حج عام 1423هـ نظمت الرابطة "مؤتمر مكة المكرمة الثالث" تحت عنوان "العلاقات الدولية بين الإسلام والحضارة المعاصرة"، وفي عام 1424هـ أقيم "مؤتمر مكة المكرمة الرابع" بعنوان "الأمة الإسلامية في مواجهة التحديات"، وفي عام 1425هـ تم تنظيم "مؤتمر مكة المكرمة الخامس" واختير له عنوان "الحوار الحضاري والثقافي..أهدافه ومجالاته"، وفي عام 1426هـ نظم "مؤتمر مكة المكرمة السادس" بعنوان "مناهج العلوم الإسلامي"، وفي عام 1427هـ أقيم "مؤتمر مكة المكرمة السابع" بعنوان "نصرة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم"، وفي عام 1428هـ اختير لـ "مؤتمر مكة المكرمة الثامن" موضوع "الخطاب الإسلامي وإشكاليات العصر". وفي هذا العام تم اختيار موضوع "التعريف بالإسلام في بلاد غير المسلمين.. الوقع والمأمول"، حيث يناقش المؤتمرون فيه ثلاثة محاور حول: الجهود المبذولة للتعريف بالإسلام من خلال الدعوة إليه كفريضة شرعية وجهود الدول الإسلامية في التعريف به، والتحديات والمعوقات التي تواجه التعريف بالإسلام، والمستقبل المأمول للتعريف بالإسلام، سواء بالتكامل بين التعريف بالإسلام والدفاع عنه أو المنهج العلمي للتعريف بالإسلام أو العلاقات الإيجابية مع غير المسلمين وأثرها في مجال التعريف بالإسلام أو بالخطاب الإسلامي المؤثر.
رابطة العالم الإسلامي
أنشئت بموجب قرار صدر عن المؤتمر الإسلامي العام الذي عقـد بمكة المكرمة في 14من ذي الحجة 1381هـ (28 مايو 1962م).
وتمثل الرابطة في معظم المنظمات الإسلامية والعالمية، ومنها منظمة التربية والتعليم والثقافة "اليونسكو"، ومنظمة الطفل العالمية "اليونيسيف"، وهيئة الأمم المتحدة بصفة عضو مراقب بـالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بين المنظمات الدولية غير الحكومية ذات الوضع الاستشاري، ومنظمة المؤتمر الإسلامي بصفة مراقب؛ تحضر مؤتمرات القمة، ومؤتمرات وزراء الخارجية الإسلامية.
والرابطة منظمة إسلامية عالمية جامعة، مقرها مكة المكرمة، تنسق الجهود في مجالات التعريف بالإسلام وشرح مبادئه وتعاليمه، ودحض الشبهات والافتراءات التي تلصق به، والعمل على جمع كلمة المسلمين، وعونهم في حل مشكلاتهم، وتنفيذ مشروعاتهم الدعوية والتعليمية والتربوية والثقافية. وتعد الأمانة العامة للرابطة هي الجهاز التنفيذي الذي يقوم بالإشراف المباشر على الاعمال والمناشط التي تقوم بها، ويتولى الأمين العام بمساعدة الأمناء المساعدين وموظفي الرابطة ومنسوبيها تنفيذ الخطط والتوجيهات التي تصدر من المجلس التأسيسي، ومتابعة اعمال المؤسسات والهيئات التابعة لها.. وتتكون اليوم من عدة مجالس:
المؤتمر الإسلامي العام
ويعد أعلى سلطة في رابطة العالم الإسلامي، يتكون من كبار دعاة الإسلام وعلمائه، يجتمعون للنظر في القضايا الإسلامية الكبرى، والعمل على حل مشكلات المسلمين وتحقيق مصالحهم وآمالهم الخيرة، كما أنه يعبر عن مشاعر الشعوب الإسلامية في العالم وآمالهم للوصول إلى أهدافهم العليا.. وقد انعقد المؤتمر الإسلامي العام عدة مرات:
- المؤتمر الإسلامي العام الأول في عام 1381هـ الموافق 1962م وتأسست الرابطة بناء على قراره.
ـ المؤتمر الإسلامي العام الثاني في عام 1384هـ الموافق 1965م والذي كان من أهم توصياته التأكيد على دعم فكرة التضامن الإسلامي، وإزالة العقبات التي تعترضها من ضعف الوازع الديني، وازدياد النعرات المذهبية، وتناقض المصالح الإقليمية، والنفوذ الأجنبي، والأفكار الدخيلة.
- المؤتمر الإسلامي العام الثالث في عام 1408هـ الموافق 1987م الذي كان من أهم توصياته أهمية الإيمان بقدسية الحرمين الشريفين، وتعظيم مكة المكرمة والأشهر الحرم وشعائر الحج.
ـ المؤتمر الإسلامي العام الرابع عقد في سنة 1423هـ الموافق 2002م، وأهم قراراته تدور حول الدعوة إلى الله والأمة الإسلامية والعولمة وقضايا الشعوب الإسلامية، وأصدر المؤتمر ميثاق مكة للعمل الإسلامي، كما أصدر بياناً بشأن فلسطين وقراراً بتكوين هيئة التنسيق العليا للمنظمات الإسلامية والملتقى العالمي للعلماء المسلمين.
المجلس التأسيسي
المجلس التأسيسي هو السلطة التي تعتمد الخطط التي تنفذها الأمانة العامة للرابطة، ويتكون المجلس من 60 عضواً من الشخصيات الإسلامية المرموقة، يمثلون الشعوب والأقليات المسلمة، ويعينون بقرار من المجلس، ويشترط في المرشح لعضوية المجلس أن يكون من الدعاة إلى الله أو ممن لهم نشاط مشهود في العمل الإسلامي، ويجتمع المجلس دوريا لاتخـاذ القرارات فيمـا يعرض عليه مـن البحـوث والقضايـا التي تقـدمها الأمانة العامة للرابطـة، أو يقدمها ثلاثة من أعضائه، وذلك فيما يتعلق بمسيرة نشاط الرابطة لتحقيق أهدافها، وتقديم النصح والتوصيات والمشورة للدول، والجماعات التي تحتاج إليها في خدمة الإسلام والمسلمين.
أهداف الرابطة
- التعريف بالإسلام عقيدة وشريعة وسلوكا، والدعوة إليه، وتوعية المسلمين بحقيقته وفقا للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
- العمل على تحقيق رسالة الإسلام في نشر السلام، والعدل، وحفظ حقوق الإنسان.
- شرح تعاليم الإسلام الصحيحة والدعوة إليها، ودحض الافتراءات ضدها، ومكافحة التشويه لصورتها، والتضليل الموجه ضد دعوة الحق.
- تنمية التعارف والتعاون بين الشعوب الإسلامية، والعمل على إيقاظ الوعي المشترك بقضايا المسلمين وتطلعاتهم إلى تحقيق العدل والسلام والاستقرار.
- بذل الجهود في علاج المشكلات التي يواجهها العالم الإسلامي، وتقديم العون للمسلمين في حل مشكلاتهم، وتحقيق آمالهم المشروعة.
- بذل الجهود الممكنة لدفع عوامل النزاع والشقاق وفساد ذات البين داخل الشعوب الإسلامية، وفيما بينها.
- السعي لنشر الفضيلة، والإصلاح في الأرض، ودفع الإفساد عنها، وحث الناس على طاعة الله، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.