-A +A
جولة وتصوير : عبدالخالق ناصر الغامدي
قرية ذي عين الأثرية تعتبر شاهداً حياً على حضارة معمارية متقدمة من خلال ما تمثله الأبنية المتعددة الطوابق والتي تصل في معظمها إلى سبعة طوابق في البناء الواحد, وهذا ما لم يكن شائعاً في أنماط البناء القديم في شبه جزيرة العرب, خاصة أن تاريخ القرية يمتد لعدة مئات من السنين. كما أن موقع القرية على قمة جبل أبيض اللون يعتبر ميزة فريدة, خاصة أن طبيعة صخور هذا الجبل متفردة عن بقية الجبال المحيطة به, مما يعطي القرية طابعاً جمالياً فريداً, ويجعلها وجهة سياحية بامتياز إضافة إلى الروافد الطبيعية الأخرى من مزارع الكادي والفاكهة والنخيل والعيون الجارية على مدار العام. وانتقلنا إلى الناحية الأخرى من القرية والتقينا أحمد بن على عبدالله العمري البالغ من العمر 65 عاماً وأمامه مجموعة من حزم الكادي لبيعها للزوار وعابري الطريق بين الباحة والمخواه فقال: أولا أتطلع إلى أن يتم إيجاد حل لمدخل قرية ذي عين الأثرية: حيث تقع حوادث مرورية في مدخل القرية وسبق وأن تقدمنا بشكوى رسمية لإدارة الطرق بالباحة منذ ست سنوات دون جدوى وهناك إحصائيات المرور بالمخواة تؤكد على وقوع الحوادث المرورية, لأن المدخل يقع في منعطف خطر ولا تتسنى الرؤية لمن يدخل أو يخرج من التقاطع أيضا عندما يرغب الدخول إلى القرية.
أما بخصوص قرية ذي عين الأثرية فقال نشأنا ونشأ أباؤنا وأجدادنا دون أن يعلم أحد شيئاً عن عمر هذه القرية وقال العين تعمل على مدار السنة دون انقطاع وتسقى بها مزارع الكادي والموز البلدي الذي يصدر إلى أسواق المملكة وسعر عقدة الكادي تتراوح من خمسة إلى 15 ريالا في الأيام العادية والصيف تكون بسعر أكثر من شدة الإقبال وخاصة في مناسبات الزيجات, حيث إن نبع الماء يسقي المزارع ويخصص لكل صاحب مزرعة حوالي ساعة حسب قطع الأراضي الموجودة, وقال هناك قرابة 200 نخلة في الوادي وقال يوجد لي ثلاثة منازل مشتركة بيني وبين إخواني من الصعب تقسيمها وإنما المحافظة عليها.

وقال “توجد أربعة قبور لقرية ذي عين لدفن الموتى, حيث إن الطريق المؤدي إلى ساحة قرية ذي عين يقسم تلك المقبرة ونتطلع إلى ايجاد تسوير للمقبرة من أجل حرمة الموتى” واستبشر بوجود الهيئة العليا للسياحة في القرية لتطويرها وتنظيمها وتنسيقها إلي الأفضل.
العبث والإهمال
وقال علي صالح العمري من المخواة إن قرية ذي عين لم تحظ بالاهتمام في السابق حيث تعرضت منازل ومناظر القرية إلى الإهمال والعبث من قبل مرتادي القرية من الزوار وغيرهم وأيضا العوامل الجوية وذلك بسبب إهمالها من الأهالي وأيضا إهمالها من إدارة الآثار التي لم تكن تعطيها الاهتمام اللازم وأصبحت مكاناً للعبث فقد تسببوا في قطع الأشجار وحرقها وأيضا أخذ الأحجار من القرية والآن بعد تولي الهيئة لها في السنوات الثلاث الأخيرة أعيدت القرية بشكل أفضل.
وظائف سياحية
أما الشاب مشعل حسن العمري (19 عاما) خريج ثانوية عامة ويعمل في بيع الكادي بمدخل قرية ذي عين فقال: أتطلع من الهيئة العليا للسياحة بأن تقوم بتشغيلنا في القرية عقب اكتمال المشروع سواء إيجاد كشكات أو مكاتب تذاكر أو أي عمل ورأى بأن الأحقية لتوظيف أبناء قرية ذي عين الأثرية وإيجاد الفرص الوظيفية للشباب.
أما زميله الآخر فواز العمري فقال اتفق مع ماذكره صديقي مشعل حول تشغيل شباب قرية ذي عين على سبيل المثال في أماكن لبيع منتوجات القرية من الكادي والموز البلدي. وعلى الطريق المؤدية لقرية ذي عين المطلة على المزارع وجدنا مجموعة من شباب القرية يقفون بجوار سيارتهم ويطلون على القرية منهم الشاب عبدالله محمد سعيد (19 عاما) ومحمد حسن عارف (19 عاما) وسلطان محمد سعيد (20 سنة) متخرجون من الثانوية العامة ولم يجدوا فرصاً وظيفية ويتطلعون إلى أن يكتمل مشروع تحسين القرية للعمل به بأي وظيفة كانت لأجل القرب من القرية وحنين القرية.
منع الدخول
حارس القرية الأثرية زين إبراهيم صالح العمري (25 سنه) قال: أنا استمتع بالجلوس أمام القرية وأتامل في المنظر الجميل خلال تواجدي وقت الدوام, فكل مكان بالقرية أجمل من الآخر سواء أشجار النخيل أو أشجار الكادي والموز البلدي أو في التصميم الرائع للقرية وللمنازل التي تقف ولا تزال تقف شامخة منذ عهد الآباء والأجداد وقال: في الحقيقة, أنا أعمل هنا في منع زوار القرية من المواطنين والزوار سواء من داخل الباحة أو خارجها من دخول القرية لما يجري حاليا من أعمال التأهيل للقرية وقال: أجد معاناة من عدم تجاوب وعدم تفهم الزوار لسبب الإغلاق حيث البعض يكون مصراً على الدخول سواء من الشباب أو متوسطي الأعمار, أيضا بعض العائلات, ولكن أصبحنا الآن نتقبل مضايقة الزوار بصدر رحب وبمودة, وأضاف بأنه يجد في الزوار الحماس إلى مشاهدة القرية وهذا شيء يبشر بالخير بصحوة الناس ونزعتهم إلى الحفاظ على آثار الآباء والأجداد, وأيضا تعريف الأجيال الحالية والقادمة بماضي أبنائنا وأجدادنا بالعادلات والتقاليد وكيف كان الأباء في حياتهم الماضية.
برج الجوال
وقال عبدالله سالم رافع وعبدالله احمد حسن الغامدي (من زوار قرية): ذي عين تريد جهة مختصة تحافظ على تراثها وحضارتها (وعينها الصافية) وتضع لوحتها على مدخلها وتقول “ذي عين من اختصاصي وسأحافظ عليها كما هي الآن من قبل الهيئة العليا للسياحة, وكذلك لذي عين أمل في الاتصالات بأن تضع برجا للجوال وخطوط هاتف ثابتة ليكون الزوار لها على اتصال بالآخرين.
تحسين الخدمات
عبدالله بن صالح الغامدي قادم من الباحة مع مجموعة من زملائه’ يقولون: تطمح ذي عين من بلدية المخواة أن تعمل أماكن لجلوس الزوار على جوانبها المطلة على مزارعها وأيضا القيام بإيجاد إنارة كاملة أفضل من الإنارة الحالية.
أحمد بن ساعد محسن الغامدي يقول: سمعت بأنها اختيرت القرية السياحية الأولى في المملكة, فلماذا لا يتم عمل مشروع للتلفريك بها يصل إلى الباحة, فالمسافة قصيرة جدا وسوف يخدم التلفريك أهالي الباحة والمخواة وتكون هناك سيارة أجرة تنقل الركاب, خاصة في قرية ذي عين لإيصالهم للمخواة ويستفاد من التلفريك أيام موسم الشتاء لنزول أهالي الباحة للبحث عن الدفء في موسم الشتاء, وأيضا أهالي المخواة للبحث عن الجو البارد في موسم الصيف بالباحة, وأتوقع أن تكون للاقبال على التلفريك مميزات منها زيادة في الناحية الاقتصادية والتمتع بالمناظر الخلابة من الجو لأن عربات التلفريك سوف تمر من على عقبة الباحة حتى قرية ذي عين.
ترميم القرية
بدر الزهراني, مدير إدارة التراث بالباحة, قال: تم الإشراف على قرية ذي عين من قبل قطاع الآثار والمتاحف بمنطقة الباحة (أحد قطاعات الهيئة العامة للسياحة والآثار) منذ عدة سنوات عملوا خلالها على المحافظة على القرية, حيث تم تعيين عدد من الموظفين للإشراف على القرية, وأيضا عين حراس لحراسة القرية من العابثين, ودور المشرفين لم يقتصر فقط على الإشراف على القرية بل قاموا بعمل بعض البرامج, ولعل من اهمها مخاطبة المدارس وعمل زيارات تنظيمية للقرية, ولا ننسى إقامة الحفلات بالأعياد والأعياد الوطنية وغيرها من المناسبات.
وما يلاحظ الآن أن الهيئة العامة للسياحة والآثار أعطت جل الاهتمام للقرية, حيث بدئ العمل على ترميم كلي للقرية وفق جدول زمني محدد، ويعد جهاز التنمية السياحية بمنطقة الباحة الآن المشرف على إعادة تأهيل القرية وتطويرها وجعلها معلما تراثيا ومنتجعا سياحيا. وأشار إلى أن الإشراف على القرية منذ عام 1412هـ تقريبا وحتى هذا العام, وأن الإدارة قامت بعمل مسح لكامل القرية حتى تم ترميمها من قبل الهيئة العليا للسياحة.
رحلة تصوير
جمعية الثقافة والفنون بمنطقة الباحة لم تغفل القرية, فقد حرصت في الصيف الماضي وبإشراف مدير الجمعية الشاعر على خميس البيضاني على تنظيم ورشة عمل “رحلة تصويرية” لفناني منطقة الباحة وتدريبهم على التصوير وكيفية التقاط الصور وقد استمرت تلك الورشة قرابة أسبوع.