-A +A
عائض الردادي
سعدت بدعوة من مؤسسة الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري لحضور منتدى عبدالرحمن السديري خلال الفترة من 28-30/11/1429هـ الذي اختار موضوعاً حيوياً هو تداعيات الأزمة المالية العالمية، وقد قدّم المختصون أوراق عمل تناولت جوانب الموضوع، ودار حوار حولها من المشاركين، اتسم بالصراحة والوضوح عن مسببات الأزمة وواقعها ومستقبلها. قضينا في الجوف ثلاثة أيام بين حوار علمي، واطلاع على آثار المنطقة، وعلى معالمها التنموية الحاضرة، وتجولنا بين آثارها الخالدة ومزارعها الخضراء، وقد اجتمع التاريخ العريق مع الحاضر الأخضر، وقد اقتنعت بما في نفسي بأن الجانب السياحي في بلادنا أهم مورد اقتصادي لبلادنا بعد النفط، إلا أن النفط مورد ناضب والسياحة مورد دائم، إذا نظمت السياحة وحوفظ على الآثار.
لقد كانت البداية زيارة مركز أبحاث الإبل والمراعي الذي أنشئ عام 1982، وهو من أهم المراكز لوقف التدهور في الغطاء النباتي بالجهود العلمية، وبخاصة الأعشاب والنباتات البرية واستنبات نماذج منها في المركز، وبالرغم مما يبدو عليه المركز من حاجة إلى دعم إلا أن وجوده علامة تحضر وحماية للبيئة، وحفظ للمراعي التي جار عليها الزمان وتحتاج إلى جهود لوقف التدهور وحفظ التوازن البيئي.
وفي سكاكا كانت جولة سريعة على بعض آثارها، ومنها قلعة (زعبل) التي تعتلي جبلاً يطل على سكاكا، وبني بالحجارة عدا الترميمات التي بنيت بالطين، ويتضح أنه حصن قديم، وبجوار هذا الحصن بئر (سَيْسرا) وهي بئر بديعة منحوتة في الصخر وبها درج وتخرج منهاقناة تسقي المزارع الواقعة في السهل تحتها، وفي دومة الجندل زرنا قصر (مارد) المشهور، وبجواره المسجد الأثري المنسوب لعمر بن الخطاب والمشهور بمنارته الحجرية العالية، وإن كنت أتوقع أن يكون لعمر بن عبدالعزيز فالمنائر لم تعرف إلا في عهد الوليد بن عبدالملك عندما أمر واليه عمر بن عبدالعزيز بعمل منائر للمسجد النبوي حين كان والياً على المدينة المنورة، ما لم تكن أسبق منه، وعلى أي حال فهي معلم بديع يمتع من يرتاده، وسعدت بأن بعض عوائل الجوف يزورون الآثار، وبالمتحف الأثري في دومة الجندل وإن كانت البلدية قد حولت السوق القديم إلى قاع صفصف لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، وهو واحد من سهولة إزالة الآثار في بلادنا.
ومن معالم سكاكا الحديثة المكتبة الثقافية المسماة دار الجوف للعلوم التي أنشأها الأمير عبدالرحمن السديري عام 1381هـ وهي مكتبة معرفة عامة، وشيء يسر أن يرتادها شهرياً حوالى ألفي قارئ للقراءة الحرة وليس من كتاب البحوث العلمية الذين تدفعهم حاجة البحث لريادة المكتبة وليس متعة القراءة الحرة، وبها مكتبة نسائية، وتحوي المكتبة أكثر من مائة ألف كتاب، ومما يسر تركيز المؤسسة على طباعة مؤلفات أبناء منطقة الجوف وابتعاث النابغين منهم، وإصدار مجلات علمية محكمة وأخرى ثقافية، وبمثل هذا النشاط الثقافي الفعلي يمكن تنمية الثقافة بكل أنواعها لتعم أرجاء بلادنا.
أما الجوف الخضراء فقد رأيناها في منطقة البسيطاء التي انبسطت المزارع على ثراها فحولتها من صحراء إلى مروج خضراء تزينها الفواكه والنخيل، وتنتشر فيها معاصر الزيتون الذي أصبح من أهم ما يميز منطقة الجوف. ولا أنسى ذلك المشهد الجميل حين عرض بعض أبناء الجوف بعض الفنون الشعبية على ضوء النار يعلوه بيت الشعر على بسط تراثية وتزينه القهوة العربية بهيلها.
الجوف منطقة ممتعة بتاريخها، وبثقافتها، وبكرم أهلها، وبمزارعها وبآثارها، إنها درة الشمال بعمقها التاريخي وبحاضرها المشرق.
فاكس 012311053
IBN-JAMMAL@HOTMAIL.COM


للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 123 مسافة ثم الرسالة