-A +A
كاظم الشبيب
كم يرغب الواحد منا في المساهمة في خلق أجواء للفرح والسعادة بعيدة عن التشاؤم والنكد والسوداوية. وكم يحنَّ المرء للعيش في أجواء ملؤها المحبة والأمل لاسيما في أيام الأعياد، وبالمناسبة، هي أيام قليلة إذا ما قورنت بالأيام المزعجة على مدار العام، أو كما جاء في تراثنا العربي: «إن أنصف الدهر فيوم لك ويوم عليك». أما إذا لم ينصفك، فنسأل الله لنا ولك العافية والقدرة على تحمل الرزايا.
المنحى الايجابي في الحياة هو ولادة منهج، وبالتالي سلوك، ليس سهلاً الأخذ به والاستمرار عليه. والمتصيدون لأسباب الايجابية، وكذلك الباحثون عن سبل للتفاؤل لا يعجزون عن الحصول عليها في كل شاردة وواردة، بل ربما يتجاوزون، في بعض الأحايين، المنطق الطبيعي للأسباب والمسببات في الحياة ويتغافلون السنن الطبيعية لفطرة وصيرورة النفس والبشر والسياسة والساسة. نقول عن هؤلاء “ربما”، والأمثلة كثيرة، كالآمال التي يرسمها بعض الساسة أو يخطها بعض الكتاب حول التوقعات المنتظرة والتقديرات المتوقعة من إدارة البيت الأبيض الجديدة فيما يسمى بـ«عهد أوباما». ومنها ربط البعض معالجات الأوضاع والمشكلات القائمة لقضايانا العربية، مثل لبنان وفلسطين والعراق، بنتائج الانتخابات الرئاسية والنيابية في أمريكا وإسرائيل. نعم هناك مؤثرات وانعكاسات، لكن لا بمعنى تغيير وقلب المعادلات القائمة في تلك البلدان وتلك القضايا. نعم هناك تأثيرات وانعكاسات، ولكن ليس بمعنى إعادة صياغة الواقع الفعلي لمجريات الأمور والأحداث في تلك البلدان والقضايا بحيث ترتسم صور مستقبل علاقاتنا ببعض من جديد أو تتحول توجهاتنا من جديد.
في ظل أيام عيد الأضحى المبارك، والناس في فرح، والحجاج في أجواء بيت الله الحرام، والجميع يأمل المغفرة والرضوان والجنة والنجاة من النار، في ظل كل ذلك، كم يتمنى المرء أن تنعكس أجواء الرحمة الإلهية التي يتدرب فيها مليونا مسلم تقريباً على المسالمة مع النفس والبيئة والغير، عبر واجبات يلتزم بها كل حاج كحرمة الصيد وحمل السلاح وقلع الأشجار، بل حتى قتل الحشرات مهما كانت صغيرة كالقمل، وحرمة الجدال والفسوق من الكذب والسباب والمفاخرة.
كم يتمنى المرء لو سعى عالمنا الشرقي للتخلص من بعض رواسب التخلف كقدرتنا العجيبة في لَيّ ذراع الحقائق، بل تجييرها ما استطعنا نحو ضرب الخصماء، مهما بلغ حجم اللامنطقية والخداع في عمليات لَيّها واستخدامها. على سبيل المثال، الهند وباكستان، في صراعهما الطويل، بالرغم من علمهما بوجود وتشعب تنظيم القاعدة في بلديهما وتشابك الخلايا وتقاطعها بين البلدين، إلا أنهما يصران على استخدام لَيّ الحقائق عبر تصعيد وتيرة الصراع بينهما في استخدام أحداث مومباي الأخيرة.
كم يتمنى المرء أن يستثمر الجميع أجواء العيد لكسر انعدام الثقة وبناء جسورها بين المتباعدين عربياً وإسلامياً. وما يزيد المشكلة تعقيداً أن كل ساعة تمر من التباعد تعني ارتفاع وتيرة الشكوك والظنون المتبادلة وكسر لطوبة أخرى من جسر الثقة بين المتخاصمين والمتباعدين، وما أسهل دخول حبائل الشيطان في أوقات التباعد بين أي طرفين. هي أمنيات، فهل تتحقق؟ نأمل ذلك. والله من وراء القصد.
kshabib@hotmail.com

للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 141 مسافة ثم الرسالة