لم تعرف البورصات العالمية فضيحة بحجم فضيحة الاحتيال التي قام بها مدير مؤشر ناسداك السابق برنارد مادوف والتي بلغت قيمتها خمسين مليار دولار فيما اعتبر بأنه أكبر عملية نصب واحتيال في العصر الحديث، وحيث أدت تلك الفضيحة التي كانت محور حديث وسائل الإعلام الدولية خلال الأسبوع الماضي إلى سقوط مجموعة من أغنى وأقوى رجال العالم ومؤسساته.
وتتلخص القصة في أن مادوف تمكن من الاحتيال على مستثمرين بأن يدفع للقدماء من المودعين ما يقدمه المودعون الجدد، حتى جعل الخوف من الأزمة الأخيرة بعض المودعين الجدد يطالبون بأصول ودائعهم وبما أدى إلى انكشاف أمره. فضيحة مادوف تلك ليست إلا مثالا واحدا لما لحق من فساد في أجهزة الرقابة المالية الأمريكية التي تغاضت عن الكثير من القصص المشابهة التي لم يكشف النقاب عنها حتى الآن، والتي أدت إلى تلك الأزمة الاقتصادية المالية في الدولة التي تقف على قمة الرأسمالية الغربية والتي لا تكف عن مطالبة دول العالم - النامية بشكل خاص - عن محاربة الفساد المالي.
خطورة الأزمة المالية التي انتقلت عدواها إلى أوروبا والصين واليابان - والدول النامية بطبيعة الحال وإن كانت توابع آثارها لم تكتمل بعد - أن يكون إشعال فتيل حروب جديدة هو أحد الحلول المطروحة لعلاجها بعد أن اتضح أنه لا اجتماعات العشرين «G20» ولا القروض الفيدرالية للبنوك وشركات التأمين وشركات السيارات المترنحة والمؤسسات الإعلامية الضخمة كمجموعة تريبيون التي أفلست أو على وشك الإفلاس، ولا خطط الإنقاذ التي طبقت ولا تزال تطبق حتى الآن، أدت إلى تحقيق تحسن ملموس على صعيد تخطي الأزمة التي تزداد وطأتها يوما بعد يوم.
المشكلة الأهم تكمن في أن الاستجابة للأزمة لكل دولة على حدة تتم وفق معاييرها المالية وبما كشف عن غياب التنسيق، إلى جانب اختلال التوازن بين الولايات المتحدة التي يزيد النقص في حسابها الجاري المحلي بمقدار 1% عن الناتج العالمي وفائض الدول التي تمولها كاليابان والاقتصاديات الناشئة في آسيا وفي مقدمتها الصين التي أسهمت استراتيجيتها الخاصة بتجميع القدر الأكبر من الاحتياطي بالدولار، وهو الذي ساهم في تمويل الديون الأمريكية لكنه لم يعد متوفرا الآن بالشكل السابق.
وليس ثمة ما يدعو إلى نجاح الحل المتمثل في تحقيق التوازن في العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة من خلال زيادة الصادرات الأمريكية في مقابل زيادة الواردات الصينية، ليس لأن الصين لن تقبل بتجريدها من عوامل نجاحها، وإنما لأنه أصبح من الصعوبة تطبيق مثل هذا السيناريو عمليا، وحتى لو قبلت الصين بهكذا حل فإنه لا يمكن أن يتم على المدى القصير، وإنما سيستغرق سنوات عدة.
ولا يخفي البعض تخوفه من أن يكون المخرج من تلك الأزمة اشعال فتيل حروب جديدة، وهؤلاء يساورهم هذا الاعتقاد استنادا إلى حقائق التاريخ عندما لم تتمكن الولايات المتحدة من اجتياز الأزمة الاقتصادية وحالة الركود التي اندلعت عام 1929 وظلت متفاقمة على مدى عدة سنوات إلا بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية معتمدة على إمداد الدول المتحاربة بالأسلحة والعتاد إلى أن دخلت هي نفسها الحرب إلى جانب الحلفاء حيث ازدهر اقتصادها جراء التصنيع العسكري والاستهلاكي وحيث انتعش الاقتصاد الأمريكي بشكل غير مسبوق وبما مكنه من تمويل مشروع مارشال لإعادة إعمار الدول التي لحقها الدمار بسبب تلك الحروب.
ما يزيد عن إمكانية تطبيق هذا السيناريو أن الأزمة الاقتصادية الحالية تتشابه مع أزمة 1929 في أحد الجوانب الهامة، فقد واجه الرئيس هيوبرت هوفر الأزمة وهو يهم لمغادرة البيت الأبيض ملقيا بمسؤولية مواجهة نتائج الكارثة على عاتق خلفه الرئيس فرانكلين روزفلت، وهو ما يحدث الآن تقريبا باندلاع الأزمة فيما يتأهب الرئيس بوش بمغادرة البيت الابيض، رغم تعهدات الرئيس الأمريكي المنتخب بسحب قواته من العراق في غضون ستة عشر شهرا وإمكانية التفاوض مع إيران، وحيث بات من السابق لأوانه القول بإمكانية التزامه بتلك الوعود في ضوء تعيين فريقه الرئاسي الذي اختاره حتى الآن والذي لا يختلف كثيرا عن فريق الرئيس المغادر، وهو ما يعني إمكانية أن تقود الكارثة الاقتصادية الولايات المتحدة إلى خوض حروب جديدة يكون هدفها بيع سندات الخزينة وتنشيط التصنيع العسكري والصناعات المساندة، إلا إذا كان الرئيس باراك أوباما يريد احداث التغيير فعليا بدءا من تحقيق المصالحة مع دول العالم وشعوبه والالتفات إلى خيار اجدى في معالجة الأزمة المالية من خلال عدم تحميل العالم تبعاتها وأوزارها والانصراف إلى الاصلاح والشفافية والمراقبة، وشن حرب شاملة على الفساد المالي والإداري الذي استشرى في وول ستريت وأدى إلى هذه الكارثة التي يمكن للحروب أن تزيد من وطأتها خاصة إذا طال امدها وتعددت جبهاتها وتعذر الانتصار فيها!
وتتلخص القصة في أن مادوف تمكن من الاحتيال على مستثمرين بأن يدفع للقدماء من المودعين ما يقدمه المودعون الجدد، حتى جعل الخوف من الأزمة الأخيرة بعض المودعين الجدد يطالبون بأصول ودائعهم وبما أدى إلى انكشاف أمره. فضيحة مادوف تلك ليست إلا مثالا واحدا لما لحق من فساد في أجهزة الرقابة المالية الأمريكية التي تغاضت عن الكثير من القصص المشابهة التي لم يكشف النقاب عنها حتى الآن، والتي أدت إلى تلك الأزمة الاقتصادية المالية في الدولة التي تقف على قمة الرأسمالية الغربية والتي لا تكف عن مطالبة دول العالم - النامية بشكل خاص - عن محاربة الفساد المالي.
خطورة الأزمة المالية التي انتقلت عدواها إلى أوروبا والصين واليابان - والدول النامية بطبيعة الحال وإن كانت توابع آثارها لم تكتمل بعد - أن يكون إشعال فتيل حروب جديدة هو أحد الحلول المطروحة لعلاجها بعد أن اتضح أنه لا اجتماعات العشرين «G20» ولا القروض الفيدرالية للبنوك وشركات التأمين وشركات السيارات المترنحة والمؤسسات الإعلامية الضخمة كمجموعة تريبيون التي أفلست أو على وشك الإفلاس، ولا خطط الإنقاذ التي طبقت ولا تزال تطبق حتى الآن، أدت إلى تحقيق تحسن ملموس على صعيد تخطي الأزمة التي تزداد وطأتها يوما بعد يوم.
المشكلة الأهم تكمن في أن الاستجابة للأزمة لكل دولة على حدة تتم وفق معاييرها المالية وبما كشف عن غياب التنسيق، إلى جانب اختلال التوازن بين الولايات المتحدة التي يزيد النقص في حسابها الجاري المحلي بمقدار 1% عن الناتج العالمي وفائض الدول التي تمولها كاليابان والاقتصاديات الناشئة في آسيا وفي مقدمتها الصين التي أسهمت استراتيجيتها الخاصة بتجميع القدر الأكبر من الاحتياطي بالدولار، وهو الذي ساهم في تمويل الديون الأمريكية لكنه لم يعد متوفرا الآن بالشكل السابق.
وليس ثمة ما يدعو إلى نجاح الحل المتمثل في تحقيق التوازن في العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة من خلال زيادة الصادرات الأمريكية في مقابل زيادة الواردات الصينية، ليس لأن الصين لن تقبل بتجريدها من عوامل نجاحها، وإنما لأنه أصبح من الصعوبة تطبيق مثل هذا السيناريو عمليا، وحتى لو قبلت الصين بهكذا حل فإنه لا يمكن أن يتم على المدى القصير، وإنما سيستغرق سنوات عدة.
ولا يخفي البعض تخوفه من أن يكون المخرج من تلك الأزمة اشعال فتيل حروب جديدة، وهؤلاء يساورهم هذا الاعتقاد استنادا إلى حقائق التاريخ عندما لم تتمكن الولايات المتحدة من اجتياز الأزمة الاقتصادية وحالة الركود التي اندلعت عام 1929 وظلت متفاقمة على مدى عدة سنوات إلا بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية معتمدة على إمداد الدول المتحاربة بالأسلحة والعتاد إلى أن دخلت هي نفسها الحرب إلى جانب الحلفاء حيث ازدهر اقتصادها جراء التصنيع العسكري والاستهلاكي وحيث انتعش الاقتصاد الأمريكي بشكل غير مسبوق وبما مكنه من تمويل مشروع مارشال لإعادة إعمار الدول التي لحقها الدمار بسبب تلك الحروب.
ما يزيد عن إمكانية تطبيق هذا السيناريو أن الأزمة الاقتصادية الحالية تتشابه مع أزمة 1929 في أحد الجوانب الهامة، فقد واجه الرئيس هيوبرت هوفر الأزمة وهو يهم لمغادرة البيت الأبيض ملقيا بمسؤولية مواجهة نتائج الكارثة على عاتق خلفه الرئيس فرانكلين روزفلت، وهو ما يحدث الآن تقريبا باندلاع الأزمة فيما يتأهب الرئيس بوش بمغادرة البيت الابيض، رغم تعهدات الرئيس الأمريكي المنتخب بسحب قواته من العراق في غضون ستة عشر شهرا وإمكانية التفاوض مع إيران، وحيث بات من السابق لأوانه القول بإمكانية التزامه بتلك الوعود في ضوء تعيين فريقه الرئاسي الذي اختاره حتى الآن والذي لا يختلف كثيرا عن فريق الرئيس المغادر، وهو ما يعني إمكانية أن تقود الكارثة الاقتصادية الولايات المتحدة إلى خوض حروب جديدة يكون هدفها بيع سندات الخزينة وتنشيط التصنيع العسكري والصناعات المساندة، إلا إذا كان الرئيس باراك أوباما يريد احداث التغيير فعليا بدءا من تحقيق المصالحة مع دول العالم وشعوبه والالتفات إلى خيار اجدى في معالجة الأزمة المالية من خلال عدم تحميل العالم تبعاتها وأوزارها والانصراف إلى الاصلاح والشفافية والمراقبة، وشن حرب شاملة على الفساد المالي والإداري الذي استشرى في وول ستريت وأدى إلى هذه الكارثة التي يمكن للحروب أن تزيد من وطأتها خاصة إذا طال امدها وتعددت جبهاتها وتعذر الانتصار فيها!