-A +A
عائض الردادي
في حفل الاستقبال السنوي للشخصيات الإسلامية ورؤساء بعثات الحج في منى يوم11/12/1429هـ وجه لهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كلمة جاء فيها «اليوم نحن بحاجة إلى حوار الأمة مع نفسها، فالفرقة والجهل والغلو عقبات تهدد آمال المسلمين».
لا أظنه يوجد وقت مناسب لحوار الأمة مع نفسها، حوار مسؤولية، أكثر من الوقت الراهن، فحالة التمزق التي تمر بها لا تعالج إلا بالالتفاف عليها بحوار مسؤول، فقد جرب العرب والمسلمون حالة التشرذم، التي زادت حدتها بعد أحداث سبتمبر 2001م، ونجح الغزاة في أن يديروا بين المسلمين حروبا كلامية، وحروبا طائفية، أدت في بعض المناطق إلى مواجهات مسلحة، واستغل المترصدون للتوسع من الجيران ذلك فأذكوا نار الخلاف، وواجهوا بين الفرقاء، يؤيدون هذا علانية ويدعمون ذلك سرا، ويخططون لإضعاف الفريقين من أجل لحظة مناسبة لتوسعهم.
إن أوضح منطقة زرعت فيها الفرقة وبحاجة إلى حوار مع نفسها هي العراق فقد نجح الغزاة الظاهرون والباطنون في اختراق اللحمة الوطنية، فصنفوا الشعب إلى عربي وكردي، ثم إلى سني وشيعي، سعيا لتمزيق وحدة البلاد إلى أقاليم ومحافظات هزيلة لا تستطيع أن تواجه محتلا رابضا على أرضها أو آخر متربصا بها شرا، والعراق مثال لكل الدول العربية والإسلامية التي سعى ويسعى الغزاة لتمزيقها، غير أن قوة الله هي الغالبة حين سلط على الظالم نقمة الظلم وشغله بنفسه، وهي لحظة تاريخية ليتأمل العرب والمسلمون، ويبدؤوا حواراً مع أنفسهم، حوار مصارحة ومناصحة، لا حوار لوم، وإذا صدقوا في الحوار فإنهم سيقضون على منابع الفتنة وسيبنون الجسد المنهار.
لقد ضل قومنا الطريق حين تسابقوا في الطائفية وأنشأوا قنوات فضائية، كل واحدة تمجد مذهبها وتغمز في مذاهب الآخرين، وهم على علم أن ذلك لا يخدم إلا عدوا جاءت هزيمته من غير حول منهم، وآخر يتطلع ويستعد للانقضاض ما لم يتناد المفكرون وأصحاب القرار إلى كلمة سواء بدايتها الحوار مع النفس، والانصراف عن المنافع الذاتية الآنية إلى المستقبل الواعي الذي يحفظ النفس والمال والولد والوطن.
إن الدين النصيحة -كما في الحديث - والنصيحة هي أن يبدأ حوار مع النفس يتجاوز مرحلة المحاسبة والندم إلى مرحلة معالجة الجراح، وإلى رسم المستقبل، وإلى مرحلة معالجة الغلو والتطرف الديني وغير الديني، وإلى مرحلة وضع الإصبع على أولئك الذين قدموا منافعهم الذاتية على مصلحة الأوطان في السياسة والفكر والإعلام، ومن أولها معالجة الفضائيات التي لا هم لها سوى إثارة الضغائن الدينية والمذهبية والعرقية، وافتعال خلافات أو إثارة حوادث تاريخية طواها الزمان، لزرع الفرقة بين شباب ما عرفوا غير الكهرباء والهاتف والفاكس والإنترنت.
إن دعوة خادم الحرمين جاءت في ظرف تاريخي، وجاءت كلمة صادقة، من رائد لم يكذب أهله، فهل تتنادى النخبة لحوار مع النفس من أجل مصلحة الأمة قبل فوات الأوان؟ أرجو ذلك.
الفاكس: 012311053
IBN-JAMMAL@HOTMAIL.COM

للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 123 مسافة ثم الرسالة