-A +A
صالح إبراهيم الطريقي
ثمة فارق كبير بين ردة فعل الحزبين الأكبر في أمريكا «الحزب الحاكم الجمهوريين والمعارضة الديموقراطيين» وبين أكبر حزبين في مصر «الحزب الحاكم - والمعارضة - الإخوان»، حين يأتي هجوم من الخارج يطالب الشعب والأمن بالانقلاب على الدولة أو يتدخل في الشؤون الداخلية للدولة.
ففي الانتخابات ما قبل الماضية بأمريكا 2003م، خرج بن لادن في خطاب موجه للشعب الأمريكي، يخبرهم بأن عليهم إعادة النظر في انتخاب بوش للمرة الثانية، وأن انتخابه يعني استمرار الحرب بين أمريكا والقاعدة المختبئة. فجاء الرد موحدا ومن الحزبين وكان عبارة عن جملة واحدة تقريبا : «أغلق فمك هذه شؤون داخلية».
هذه الأيام وما إن بدأت مجزرة غزة، حتى خرج أمين حزب الله السيد حسن نصر الله في خطاب من مخبئه يطالب الشعب المصري والأمن المصري بالخروج إلى الشوارع لفتح المعبر، مؤكدا أنه لا عذر أمام مصر وشعب مصر والأحزاب والعلماء والأزهر والنخب السياسية، وأن عدم خروجهم يعني أن مصر متواطئة مع العدوان.
فجاء الرد من قبل حزب الإخوان بالخروج في مظاهرة بالشوارع لإحراج الحزب الحاكم، أو لحصد مكاسب سياسية ضد الحزب الحاكم، دون أي اعتبار لأمن الدولة.
قلت : ثمة فارق كبير بين الحزب المعارض في أمريكا «الديموقراطيين» وبين الحزب المعارض في مصر «الإخوان»، هذا الفارق متمثل في أن الحزب الديموقراطي في أمريكا يمارس السياسة من أجل مصلحة «أمريكا الدولة»، ويمارس الخبث السياسي بل والانتهازية السياسية ضد الجمهوريين، لدرجة إخراج شائعات ضدهم، بيد أن الحزب الديموقراطي حين يرى أن الدولة وأمنها سيهددان، لن يمضي في هذا الطريق. فيما الإخوان يمارسون أسوأ انتهازية، فالدولة وأمنها لا تعنيان لهم شيئا، بقدر ما يهمهم الحزب ومصالح الحزب وإن جاءت على حساب أمن الدولة.
أعرف أن غالبية الشعوب «وخصوصا العربية» لا يروق لها المقالات التي تبدو للوهلة الأولى مدافعة عن الحكومات، بيد أني أتحدث هنا عن الدولة وأمن الدولة الذي هو أمن المواطن.
مشكلة القاعدة وحزب الله والإخوان أنهم يؤمنون بفكرة «إدارة التوحش» ليصلوا للسلطة، بمعنى أنهم يعتقدون أن وصولهم للسلطة لن يتم إلا بعد تفكيك مؤسسات الدولة، فيتحول المجتمع لغابة، فيقدمون أنفسهم مخلصين لهذا المجتمع الذي فقد أفراده الأمن والأمان.
ومشكلة الشعوب العربية أنها وإلى الآن مازالت تعتقد أن المشكلة في بعض الحكومات العربية، مع أننا لو عدنا للقرن الماضي، وتابعنا كل الانقلابات التي حدثت في العالم العربي، لوجدنا أن بعض الجمهوريات العربية وإن اختلف توجهها أو مسماها أو أسماء أفرادها، إلا أنهم جميعا يؤمنون بالسلطة المطلقة، لهذا تغيير الحكومات في مجتمع يقدس القوة ويرفض القانون، لن تحضر له إلا حكومة تشبهه.
ومشكلة بعض الجمهوريات العربية أنها لا تريد تطوير عقلية المواطن العربي فتركت عقله يعيش في العصور الوسطى.

S_ alturigee@yahoo.com


للتواصل ارسل رسالة نصية sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة