-A +A
عبد الرحمن الختارش - جدة
يتداول الشباب في مجالسهم وبشكل دائم مشكلة البطالة وتدني الأجور، لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألقت بظلالها على العالم، فيما تبذل جهود جادة لإيجاد حلول للمشكلة ومن ضمن الحلول تطبيق الحد الأدنى للأجور الذي هو محل خلاف كبير في القطاع الخاص لاسيما بين أصحاب المنشآت الصغيرة. في مركاز ضم "هشام باصالح وسامر الخثعمي وأحمد فلاتة وعبد العزيز الرفاعي" طرحت المشكلة بعيدا عن تصريحات المسؤولين المتكررة. كان الحديث بينهم أكثر حميمية وبساطة حول معاناة الشباب مع ذوي الدخل المحدود وكيف يعيشون بتلك الرواتب المتواضعة التي يتقاضونها.
دار الحديث بينهم وهو يلامس الواقع دون زيف أو تحريف:

شعور بالظلم
ابتدر الحديث سامر بسؤال لصديقه وزميله في العمل هشام عن سبب تقديمه لاستقالته أمس الأول:
سامر: سمعت الشباب في العمل يقولون إنك قدمت استقالتك كلامهم صح ولا لا؟!
هشام: صح كتبت استقالتي وسلمتها للمشرف علينا في القسم وبلغته يعطيها للمدير العام.
سامر: طيب ليش في شي او احد ضايقك؟
هشام: لا والله ما في شيء بس إنت شايف نداوم كل يوم ثماني ساعات وأحيانا تسع، والراتب ما يستاهل كل هذا التعب ولا استفدنا شيء ما يجي نص الشهر إلا وأنا مديون واستلف من هذا وذاك ويجي الراتب اللي بعده ما يبقى منه ولا شيء كله يروح تسديد للديون.
أحمد: كم يعطوك راتب؟
هشام: راتبي الأساسي 1850 ريالا ومع كل البدلات يصل إلى 2400 ريال.
أحمد: تصدق، ما في فرق بيني وبينك أنا راتبي 3500 ريال لكن ربنا يفرجها من عنده إن شاء الله.
هشام: بس أنا متزوج يا أحمد وعندي بيت وأطفال وطلباتهم كثيرة لكن أنت براسك، إذا تزوجت تعرف إن راتبك ما يكفي وتبغى زيه مرتين يا أخي كل شيء ارتفع سعره والدنيا مولعة نار وكيف اقدر اعيش بـ 2400 ريال هذا غير الإيجار والمواصلات والالتزامات.
سامر: معاك حق لكن لازم تعرف إننا مجبورون، يعني لو في وظيفة أحسن من هذه الوظيفة طبعا ما راح نقول لا، لكن هذا هو الموجود ومثل ما قال أحمد إن شاء الله ربنا يفرجها من عنده.
وظيفة جديدة
عبد العزيز: المفروض تشوف وظيفة ثانية وبعدين قدم استقالتك ولا كيف بتصرف على نفسك وعلى بيتك.
هشام: لا أنا ما غفلت عن هذه النقطة، لكن ما تصدقون أنني قدمت استقالتي عشان لقيت وظيفة ثانية راتبها يفرق 600 ريال بس، يعني راح استلم في الوظيفة الجديدة حوالى 3000 ريال، وأنا شخصيا مبلغ 600 ريال يفرق معايا كثير.
عبد العزيز: كذا صح، المهم إنك تضمن الوظيفة الجديدة والله يرزقك من عنده .
سامر: كلنا ما نقدر نعيش بهذه الرواتب وهشام معاه حق لانه متزوج إذا كان أنا اللي ما عندي لا زوجة ولا أولاد وراتبي ما يكفي وما في فرق بين راتبي وراتب هشام، وكلنا موظفون في نفس الشركة لكن مجبور أيش أسوي لازم اتحمل واصبر.
عبد العزيز: الحال من بعضه أنا متخرج من الثانوية وكان نفسي أكمل الجامعة لكن ما قدرت وما انقبلت في أي جامعة وبعد ثلاث سنوات من تخرجي دورت على وظيفة وبعد تعب لقيت في هذه الشركة التي أنا شغال فيها الآن وراتبي 3200 ،وطبعا هذا الراتب بعد أربع سنوات اشتغلت معاهم يعني أول راتب استلمته كان تقريبا 2200 ريال وممشي حالي الحمدلله، رغم أنه ناقصني أشياء كثيرة ولا قدرت أتزوج حتى اليوم.
رواتب متواضعة
أحمد: ولد عمي يشتغل حارس أمن ويستلم 1900 ريال يعني راتبه أقل مننا بكثير لا وأزيدكم من الشعر بيت، عنده شهادة الثانوية لكن ما حصل وظيفة غيرها وقاعد يدور وظيفة ثانية مسكين وما حصل حتى اليوم.
سامر: الله يعينه ويعيننا معاه وتصدقون انه في شباب كثير عايشين نفس عيشتنا وعندهم هموم أكثر من همومنا.
هشام : كلامك صحيح لكن إلى متى نجلس على هذا الحال؟ لازم تكون في حلول وإلا أوضاعنا راح تسوء أكثر بكثير وأنتم شايفين الوضع العام في العالم كله.
عبد العزيز: أقول لكم موقف صار معايه قبل سنة تقريبا، كتبت خطابا للمدير عندنا في الشركة طلبت فيه زيادة الراتب وأعطيته سكرتير مكتبه وبعد يومين سألت السكرتير عن اللي صار يعني وافق ولا ما وافق، طبعا السكرتير صاحبي واعرفه من زمان تصدقون إنه قال لي "ياعبد العزيز المدير لمن شاف الخطاب تجنن وصاح وقال ما في زيادات ويكفيه راتبه وإذا ما يبغى يتوكل على الله يشوف شغل ثاني"، بالله إيش رأيكم في هذا الرد؟! طبعا لأني مجبر ومحتاج سكت وجلست في عملي، وقلت الله هو اللي يرزق ولو كان المدير يعرف ظروفي ما كان هذا رده.
أحمد: حتى لو عرف ظروفك والله ما يفكر فيك المهم أنفسهم وبس وما همهم في الباقي.
هشام: ما قلت إلا الصحيح، أصلا كل الشركات تستغل حاجتنا للوظيفة وتعرف إننا مجبرون نقبلها وبأقل راتب عشان كذا يتحكمون فينا وما همهم أحد.
سامر: بعض الشركات أصلا ما تبغى توظف سعوديين لكن مجبرة عشان تطبق نظام السعودة، وأكبر دليل إنك تلاقي موظفين غير سعوديين رواتبهم أكثر بكثير من الشباب السعودي ونحنا أكثر كفاءة منهم.
أحمد: اللي نشوفه قدامنا ونعيشه يقول إن هذه الشركات تستغلنا وتهضم حقوقنا والسبب إنهم يعرفون حاجتنا ويعرفون اننا مجبرون على قبول شروطهم ورواتبهم مهما كانت بسيطة.
هشام : إذا كان هذا هو الوضع لازم تكون في جهات معينة تدافع عننا وعن حقوقنا وترفع الظلم عننا.
حد أدنى للأجور
عبد العزيز: سمعت عن تصريحات لوضع حد أدنى للأجور يعني يحددون مبلغ معين يكون هو أقل راتب يستلمه أي شاب يتوظف في القطاع الخاص الراتب بين 3500 و4000 ريال، وما ينقص عن كذا لكن ما أدري أيش صار فيه.
سامر: كلنا سمعنا هذا الكلام ومن زمان لكن ما في شيء واضح على أرض الواقع ولا اعتمدوه أصلا، ولا إذا كان معتمد ما كانت رواتبنا أقل من 3000 ريال كان شملنا النظام معاهم.
هشام: أشوف انه قرار مهم ولازم يفعل، غير كدا حقوقنا كلها راح تضيع وأصحاب الشركات والمؤسسات راح يستغلونا ويستغلون حاجتنا.
شروط تعجيزية
سامر: تعرفون أكثر الشركات الآن تتحجج بالشهادات واللي اقصده الشهادة الدراسية وشهادات الخبرة وشهادات الكمبيوتر واللغة، وغيرها وفي نفس الوقت أصلا هي ما تهتم بتدريب الموظفين ولا تعطيهم دورات ولا غيرها يعني ما تأهلهم أبدا ولا تنمي قدراتهم.
عبد العزيز: هذا الكلام فعلا واقعي لكن في شركات تهتم بالموظفين وتعطيهم دورات وأحيانا تسفرهم للخارج عشان يأخذوا دورات في مجال عملهم، لكن هذا الكلام كان زمان وأنا أعطيكم دليل، لو شفنا الآن الشركات الكبيرة والقديمة هنا عندنا مثل أرامكو والخطوط السعودية أكثر الموظفين اللي فيها من زمان وحتى اليوم طبعا سعوديين ما عندهم حتى شهادة ثانوية عامة، لكن تلقاهم مسؤولين كبار ورواتبهم مرتفعه جدا وهذا أيش سببه أنهم حصلوا على التأهيل المطلوب وأخذوا دورات واثبتوا جدارتهم أما اليوم هذا الكلام ما هو موجود الا نادرا.
هشام : أكبر دليل على كلامك خالي عنده شهادة المتوسطة وشغال في جهة خاصة من زمان، وما شاء الله عليه مرتاح وراتبه فوق العشرة آلاف ريال، وعنده دورات في الكمبيوتر واللغة الإنجليزية وهذا دليل على أن التأهيل مطلوب والمفروض أنه يكون إلزامي على كل الشركات والمؤسسات وهذا ينفع البلد والشركة نفسها وينفع الموظف نفسه ويكتسب خبرة.
أحمد: يا جماعة محد يقدر ينكر إننا عايشين في بلد كلها خير، لكن الخلل في أصحاب الشركات والمؤسسات وهذا لا يمكن يتعدل الا بتطبيق بعض القوانين والأنظمة ومنها وضع حد أدنى للأجور، ولازم يشوفوا حل للعمالة الوافدة وكلكم يعرف أن بعض العمالة من بعض الدول يقبلون بأي راتب حتى لوكان 800 ريال وهذا لانه وضعهم سيئ.
سامر: كلامك في محله يا أحمد.. لا، والمصيبة أن بعض الشركات والمؤسسات تقلك إذا أنت ما تبغى راتب 2000 ريال غيرك بيشتغل بـ 500 ريال ويقصد بعض العمالة الوافدة اللي تكلمت عنها، وهذا اللي شجعهم أن يستمروا في استغلالنا وتحديد الرواتب على مزاجهم.
عبدالعزيز: وهذا دليل على أن العمالة الوافدة تتحكم في رواتبنا وتعطي التجار ثقة وفرصة للتلاعب وظلم الشباب، ومن المفروض تكون هناك إجراءات سريعة تضمن حقوق الموظف السعودي، خصوصا الشباب والخريجين الجدد ومنها تقليص حجم العمالة الوافدة ووضع حد أدنى للأجور.
أحمد: المشكلة في موضوع الحد الأدنى للأجور، والسبب أنه في بعض المسؤولين في وزارة العمل يعارضون تطبيق نظام يضع حدا أدنى للأجور وما اعرف السبب بالتحديد، لكن هذا الكلام أنا بنفسي قريته في جريدة قبل فترة، وقريت أنه في مسؤولين ومختصين في الاقتصاد يؤيدون تطبيق هذا القرار، وإحنا وأمثالنا من الشباب نتمنى تطبيقه لأني أنا شخصيا أشوف أنه بيساعدنا كثير ويحل مشاكلنا ويضمن حقوقنا.
هشام: دائما نسمع أن الشباب ما يبغوا يشتغلوا، وإذا الواحد يبغى وظيفة لازم تكون على كيفه ومزاجه وبراتب مرتفع، وأنا أقول إن هذا الكلام ماهو صحيح أبدا وأكبر دليل الشباب اللي يشتغلوا حراس أمن وعلى الكاشيرات في المراكز التجارية وبرواتب والله محد يصدقها وما تتجاوز 1500 ريال هذا دليل قاطع أن الشباب يبغوا يشتغلوا أي شغلة شريفة، لكن في المقابل لازم يكون في تقدير لهم.
أحمد: في شباب الآن يشتغلوا في المطاعم وهذا ما هو عيب ولا حرام، وأرجع وأقول إن مشكلة العمالة الوافدة سبب رئيسي في بعض مشاكلنا، لأن الشاب اللي يشتغل كاشير أو في مطعم لو كان ما في منافس له ما كان أعطوه هذا الراتب، لكن لأنهم يعرفون أن البديل موجود وبأي راتب راح يقبل يعطونا هذه الرواتب البسيطة.
مسؤولية وزارة العمل
عبد العزيز: من وجهة نظر خاصة أشوف أن الدور الأكبر يقع على وزارة العمل لأنها الجهة المسؤولة عن كل هذه الأشياء، لازم ترتب الأمور وتضع قوانين واضحة ومحددة وتدرس الوضع بشكل صحيح وتعيد سياساتها الحالية حتى تضمن حقوقنا وطبعا في جهات ثانية مسؤولة مع وزارة العمل لكن لازم هي اللي تبدأ أولا وتحرك مثل هذه القضايا.
سامر: معاك حق وزارة العمل عليها دور كبير، ومن المؤسف لو انك رحت لمكتب العمل الآن راح تشوف الإحباط على أصوله وردهم معروف والله لو كان عندك شهادة جامعية راح يقولون لك مافي وظائف الآن أو يعطوك وظيفة راتبها ما يتجاوز 1500 ريال، طيب بالله عليكم كيف راح تنحل المشكلة ومكتب العمل أصلا موافق وراضي بالرواتب اللي تصرفها الشركات والمؤسسات يعني لازم يكون في تغيير للأفضل وتشجيع الشباب مو إحباطهم.
حكاية السعودة
عبد العزيز: قالوا السعودة قلنا هذا شيء طيب وبالفعل أعلنوا عن سعودة بعض الوظائف لكن ولا شيء تغير وإذا تبغوا تصدقوا خلوا واحد منكم يروح حلقة الخضار ويشوف، طبعا طبقوا السعودة في حلقة الخضار لكن كل اللي شغالين فيها ما هم سعوديين من بين كل عشرة عمال وافدين تلاقي سعودي واحد طيب فين النظام وتطبيق القرار، وأنا شخصيا سألت واحد من الشباب اللي هناك عن الوضع اللي شفته، وقال هذا الواقع وأقسم ان هذه العمالة الوافدة هي اللي مسيطرة على السوق وهي اللي تبعد الشباب بتكتلاتهم وتحالفهم مع بعض وأساليبهم الغريبة.
هشام: خلوها على الله يا شباب وإن شاء الله تنحل، المهم أن الواحد فينا يعيش على أمل وما يقطع هذا الأمل أبدا وبعدين ربنا هو اللي يرزق عباده من فوق احنا نسوي اللي علينا والباقي على الله.
سامر: نتمنى أن هذا الوضع يتعدل ونحصل على حقوقنا، والله حرام ان الواحد يتعب ويشتغل ساعات طويلة ويستلم راتب ما يمشيه حتى نص الشهر لازم يعرفوا هذا الشيء ولازم تكون هناك حلول.
أحمد: الله يسمع منكم المهم، ولا تنسوا تدعوا لهشام بالتوفيق في الوظيفة الجديدة، وخلاص كفاية هم وحزن يالله خلونا نروح لبيوتنا، الحال من بعضه ما في أحد أحسن من أحد كلنا في الهوى سوى!