-A +A
نجم الدين أحمد ظافر
في عام 1955عندما كانت السيدة روزا باركس من ولاية ألاباما فى طريقها إلى عملها، استقلت كعادتها كل يوم الحافلة في ذهابها لمعمل الخياطة، والحافلات في ذلك الوقت كانت كغيرها من الأماكن العامة تتميز بسياسة الفصل العنصري حسب القانون والنظام. فأصحاب البشرة البيضاء لهم المقاعد العشرة الأولى وللسود ما بعدها، ولا يجوز لأى أسود مهما كان وضعه أن يجلس فيها. في اليوم الأول من ديسمبر 1955 صعدت السيدة السمراء للحافلة، وجلست فى المقعد الحادي عشر، مطبقة سياسة الفصل العنصري مجبرة مكرهة. لكن وبعد دقائق من تحرك الحافلة امتلأت المقاعد المخصصة للبيض. وصعد رجل أبيض فلم يجد مقعدا، فطلب منها بازدراء أن تقوم ليجلس مكانها، غلت الدماء في عروقها بعد أن أحست بإهانة، جحظت عيناها، صممت على أن لا تترك مقعدها لرجل عنصري مهما حصل، فهي طبقت قانونهم ولذلك لها الحق بأن تعامل كأي راكب. حاول قائد الحافلة والركاب البيض معه أن تترك المقعد الحادي عشر للسيد الأبيض لكن دون جدوى، فقد كانت مطبقة للنظام التافه ولا تريد نظاما أتفه، ومع كل كلمة منهم تتمسك أكثر بمقعدها.
صممت على موقفها حتى لو حضرت الشرطة، اعتقلت وأودعت السجن، حاكمتها الولاية وغرمت بـ 14 دولارا فأصبحت قصتها تروى بين الناس، غضب السود لأجلها ولأنفسهم، ومن تلك الحادثة بالتحديد ولدت حركة المواطنين السود وظهر مارتن لوثر كنج، ذلك القس الذي أخذ الموضوع بجدية فنادى بمقاطعة السود للحافلات بولاية ألاباما. فالتف المواطنون حوله وقاطعوا الحافلات حتى أفلست شركة النقل. روزا فصلت من عملها بعد الحادثة بعامين فتركت الجنوب نحو الشمال، حصلت بعد سنوات وفي عام 1966على أعلى وسام رئاسي للحرية، لكن لا يذكرها الناس كذكرهم مارتن لوثر كنج وهي التي بإصرارها بالحفاظ على كرامتها وموقفها الصارم بحقها في وقف الإهانات، مهدت الطريق له وللقس جسي جاكسون ولكولن باول وكونداليزا رايس وغيرهم من أبناء البشرة السمراء، رفضت روزا أن تقوم من المقعد لتغير التاريخ حتى جلس عليه باراك حسين أوباما. ماتت ولم تره في البيت الأبيض لكنها أحسته بداخلها.

najmzafer@hotmail.com


للتواصل ارسل sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 102 مسافة ثم الرسالة