-A +A
حامد عمر العطاس ـ جدة
التعاملات العقارية في السوق المحلية, والبالغ حجمها أكثر من تريليوني ريال, يشهد بعضها بين فترة وأخرى خلافات بين البائع والمشتري تكبد أحد الطرفين خسائر كبيرة , مما يحتم وضع آلية معينة لحماية هذه التعاملات سواء عبر توثيق العقود العقارية من قبل المحامين, أو إنشاء محاكم متخصصة في وزارة العدل, أو تفعيل مجالس الصلح , أو غير ذلك.
كيف يتم تفعيل هذه الحماية المطلوبة للتعاملات العقارية؟

سؤال طرحناه على عدد من رجال الأعمال والمستشارين القانونيين وتباينت آراؤهم بين مؤيد لإنشاء المحاكم العقارية المتخصصة وغير مؤيد لهذه الخطوة, وأكدوا أهمية تفعيل دور مجالس الصلح العقارية ,ونشر ثقافة صناعة العقار بمختلف فروعه, وتوثيق عمليات البيع والشراء في الصفقات العقارية في مكاتب المحامين حماية لحقوق جميع الأطراف, إضافة لإنشاء دائرة متخصصة في المحاكم للإسراع في إنجاز القضايا العقارية.
ضمان الحقوق
يقول المحامي والمستشار القانوني المعروف خالد أبوراشد العقود أهمية كبيرة, وهي أفضل طريقة لضمان الحقوق بالتوثيق والإقرارات والمستندات, وتتمثل في عقود محددة للحقوق والالتزامات بين البائع والمشتري.
وحول مطالبات البعض بإنشاء محاكم عقارية متخصصة قال: إن المحاكم العامة تنظر القضايا العقارية كما هو الحال في محاكم العالم, بينما المحاكم المتخصصة تجارية ومرورية وجمركية ولكن يصعب تحقيق محاكم عقارية على أرض الواقع .
وطالب أبو راشد بسرعة تنفيذ الإجراءات في المحاكم بصفة عامة , مع وضع آلية لتحديد مواعيد الجلسات واستقبال أكبر عدد من القضايا والبت فيها .
وأضاف أن تنظيم الدورات التدريبية المتخصصة التي يحرص المشاركون على حضورها بشكل متزايد يعكس اهتمام المتعاملين والمستثمرين بالسوق العقارية وتطوراتها المتسارعة في الآونه الأخيرة, ونشر الوعي في المجتمع, وتوضيح مالهم وماعليهم من حقوق والتزامات والتعريف بآلية كيفية حماية حقوق الطرفين .
المحاكم العقارية
يقول رئيس اللجنة العقارية في غرفة المدينة المنورة المستشار محمد أديب عبد السلام إن المحاكم صاحبة ولاية عامة وتحال إليها جميع القضايا وبذلك تجد الناس في أمان في الشرع , ولكن الاحتيال موجود للأسف سواء في الأجل أو المخططات العشوائية أو المساهمات العقارية والمحاكم تعج بهذه القضايا في أروقتها.
وأضاف بذل الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة جهودا كبيرة في وقف تعديات واستعادة مساحة (60) مليون م2 للدولة حسب ما نشرته الصحف وهذا يعني حماية الأراضي من المتلاعبين .
وزاد نتطلع لوضع ضوابط وقوانين صارمة لمعاقبة المحتالين, إذ لا تكفي إعادة الحق منهم ... مثلا لو أن شخصا أخذ مليون ريال وبعد مقاضاة ومداولات استمرت (5) سنوات صدر الحكم ضده ,هل هذا يكفي؟ وما ذنب المتضرر خاصة أن القيمة الشرائية تقلصت والسيولة والعائد انخفضا ؟ وما هي الضوابط الكفيلة بحماية المواطن والمستثمر من ظاهرة النصابين في العقار الذي أصبح مهنة من لا مهنة له, وكل واحد يدعي أنه عقاري, مع ملاحظة أن المثمن العقاري في الخارج شخص (محلف) له وضعه ويحاسب على تثمينه .. أما المثمن المحلي يقيم الأراضي الكائنة في حي ما بمبلغ كذا .. وهو لا يعرف ولا يفقه شئيا ويأخذ 500 ريال. والضحية في هذه الحالة مشتري الأرض .
وقال لا ضمان للحقوق إلا عن طريق الشرع, وهذا يعني أننا نرهق المحاكم ونثقل كاهل القضاة بالقضايا العقارية التي زادت في الآونة الأخيرة بشكل لافت للنظر نتيجة لاعتبارات عديدة .
محاكم متخصصة
وطالب المستشار محمد أديب بسرعة إنشاء المحاكم العقارية المتخصصة في وزارة العدل مما يسهم في سرعة النظر في الدعاوى والمشكلات العقارية وحقوق المواطنين, وتوفير الضمانات المناسبة لهذا المواطن ووضع الجزاءات، لافتا إلى أن مجالس الصلح العقارية وشيوخ طائفة الدلالين أصبح دورهم محدودا, فيما تفرغت اللجان العقارية في الغرف السعودية لإقامة المعارض والمنتديات وأعضاؤها يهتمون بتنظيم المعارض ويتركون الأهداف الرئيسية للجان ودورها في هذا المجال.
وأضاف الأهم هو سرعة البت في القضايا العقارية وفق آلية معينة, حيث أن التأخير لايخدم السوق العقارية ولا يطورها, مؤكدا أهمية حماية الثروة العقارية في الوقت الذي شهد فيه القطاع العقاري طفرة كبيرة في السنوات الماضية, في ظل وجود توجه لإنشاء بورصة عقارية, مطالبا بإنشاء محكمة عقارية بهدف مناقشة العقار وحل مشكلاته وهمومه .
وقال : للأسف نسمع عن مخططات ومساهمات عقارية وهمية نصب محتالون فيها على المواطنين وأخذوا أموالهم وشيدوا بها أبراجا في دبي على أكتاف الضحايا.
وأضاف استغرب وقف بيع مشروع في جدة لعدم حصول شركته على تصاريح البناء , حيث إن هذه الشركة واصلت حملاتها الترويجية لمدة سنة جمعت خلالها أموال المواطنين ويأتي بعد ذلك أمر بعدم البيع .. ونتساءل : لماذا لم يتم ذلك منذ بدء إعلانات الشركة المسوقة .
شريعة المتعاقدين
ويشير الدكتور لؤي بكر الطيار أمين غرفة المدينة «سابقا» والاقتصادي المعروف إلى أن العقود التجارية هامة بين الطرفين ويجب أن تكون الزامية , لافتا إلى أن للجان العقارية في الغرف التجارية دورا كبيرا في حل القضايا العقارية الناشئة.
وزاد أن اللجان العقارية كانت تدرس أن يكون العقد «بصيغة موحدة» لحماية المواطنين «البائع والمشتري», إلا أن الموضوع لم يكتب له النجاح, وقال لا يوجد عقد عقار موحد حاليا يحفظ حقوق الطرفين .. مبينا أن العقد شريعة المتعاقدين يضمن للمواطنين حقوقهم.
وأيد الدكتور الطيار الفكرة التي طرحها المستشار محمد عبدالسلام لإنشاء المحاكم العقارية المتخصصة في وزارة العدل, لافتا إلى أن هذه المحاكم ستكون صمام أمان للثروات الوطنية في القطاع العقاري الضخم في السوق المحلية, وقال: إن هذا الموضوع تمت دراسته في سنوات مضت في غرفة المدينة المنورة .. وتمت مخاطبة وزارتي التجارة والعدل بشأنه ..
تنامي السوق
وقال رجل الأعمال محمد حسن يوسف : إن العقار يعد من القطاعات الحيوية ومن أهم قطاعات الاستثمار في الاقتصاد الوطني ، ولاشك أن سوقا عقارية حجمها 2 تريليون ريال ,يعكس تنامي معدلات تسارع نمو هذا القطاع العقاري, لافتا إلى أن تأثير هذا النمو على السوق العقارية وقتي, ويختلف من منطقة إلى منطقة أخرى.
وأضاف إن الشيء الملفت للنظر هو أن المحاكم تأخذ وقتا طويلا للبت في القضايا العقارية ,مما يضيع مدخرات المواطنين في المحاكم , لذا لا بد من النظر في هذا الموضوع لحماية الثروات الوطنية العقارية من الضياع .
وأكد محمد يوسف على أهمية نشر ثقافة صناعة العقار في ظل النمو المتسارع في السوق السعودية من خلال دورات متخصصة تسهم في التعريف بالعقود والصفقات المتداولة بين المستثمرين والمتعاملين ,خاصة إن السوق العقارية السعودية مهيأة في المرحلة المقبلة لانتعاشة كبيرة وطفرة عقارية ضخمة, في ظل توفر المحفزات الاقتصادية, والبيئة المناسبة لنمو تدريجي ينسجم مع متطلبات المرحلة القادمة في عهد خادم الحرمين الشريفين الذي لايألو جهدا في تنمية وتطوير اقتصاد الوطن .
الثقة المطلقة
وأكد المحامي والمستشار القانوني جروان الهمزاني أن العقد يمثل أهمية كبيرة في حماية أية مبايعات, أوصفقات, وقال : أحيانا للأسف الشديد تطغى الثقة على التعاملات التجارية والعقارية، كما أن البعض لا يهتمون بتوثيق العقود في التعاملات رغم أهمية ذلك في ضمان الحقوق بين الطرفين, لافتا إلى أن البعض يتفقون على مشروع معين بعد مناقشات طويلة, دون توثيق المعاملات, وتكون الكارثة ظهور خلافات وصراعات جانبية بين الطرفين, والدخول في محاكم نحن في غنى عنها، هذا كله نتيجة عدم التوثيق .
وزاد يأخذ البعض بمبدأ الثقة المطلقة دون الاهتمام بالعقد الذي يوضع بالدرجة الأولى لحماية الطرفين من نشوء خلافات في المستقبل المنظور لاسمح الله ، مبينا أن تزايد الخلافات والقضايا في المحاكم يرجع لضبابية العقود المبرمة بين الطرفين .
وزاد إن حجم القضايا العقارية المنظورة لدى الجهات الحكومية يصعب تحديدها ولكنها تختلف من قطاع عقاري إلى قطاع تجاري, وجزء كبير منها في قطاع العقارات والمقاولات, وللأسف الشديد تستغرق القضايا العقارية سنوات طويلة في ردهات المحاكم مما يؤجل البت فيها بسرعة ويكبد المواطنين خسائر فادحة في مدخراتهم في نهاية المطاف .
وأضاف: إن المحاكم العقارية المتخصصة قد لاتؤدي الغرض بينما الذي نحتاجه هو إنشاء دائرة متخصصة في المحاكم ,تضم مهندسين وخبراء يساعدون القضاة في النظر في القضايا العقارية وسرعة البت فيها .
ويقول المستشار غسان سويدان مستشار التخطيط والدراسات وتطوير المشاريع: إن السوق العقارية المحلية والفرص الاستثمارية المتاحة فيها تعد ثروات وركائز اقتصادية كبيرة لم تستثمر بعد بالصورة التي تتوافق مع مكانة المملكة إقليميا وتجاريا, لافتا إلى أن تجدد طموحات واحتياجات المواطن تطويريا وما يعيشه القطاع العقاري في المملكة من عشوائية في الوقت الحاضر سببه غياب السرعة في تنفيذ وتطبيق القرارات الصادرة ، والتنفيذ يحتاج لآلية عمل دقيقة ومرنة وفعالة في كل الأجهزة والدوائر المعنية بتطبيق تلك المعطيات والآليات .
آلية ضمان شرعية
وأكد على ضرورة إيجاد آلية ضمان شرعية لاتفصل بين صحة البيع والاستحقاقات المالية المترتبة لضمان حقوق البائع من عبثية المتلاعبين في السوق.
ودعا إلى وضع آلية للدلاين ومكاتب العقار تحدد مسؤوليتهم عن عمليات البيع أو الشراء لضمان صحة بياناتها .