-A +A
عبدالكريم الرازحي
هناك علاقة بين نشوء دولة إسرائيل وبين نشوء المخيم الفلسطيني، وثمة علاقة بين المخيمات الفلسطينية وبين المستوطنات الإسرائيلية. ولكيما يستطيع اليهودي القادم من بولندا او روسيا او من أي دولة في العالم المتحضر أن يقطن في بيت حديث وفي مستوطنة حديثة فإن على هذا الفلسطيني العربي البدوي أن يغادر بيته ويغادر قريته ويعود إلى خيمته. وهو إن لم يغادر منزله تحت نيران الدبابة في ايام الحرب فانه سوف يغادرها تحت غبار الجرافة في ايام السلم.
ومنذ قيام دولة إسرائيل وحتى العدوان الإسرائيلي على غزة لعبت الجرافة الإسرائيلية دوراً أكبر وأعظم من دور الدبابة ومن دور جيش الدفاع الإسرائيلي. وإذا كانت الدبابة الإسرائيلية هي بطل الحرب وهي بطل الحروب جميعها فإن الجرافة هي بطل السلم وهي البطل التاريخي.
إنها تعمل يوميا وبدأَب فلا تكلُّ ولاتملُّ من هدم البيوت وجرف الأرض والحقول واقتلاع الأشجار المثمرة.
وهي بعملها هذا تُحِيل كل فلسطيني إلى لاجئ يبحث عن خيمة وعن مخيم. ولو أن لدى العربي مركز بحث خاص بالجرافة الإسرائيلية، لو أن هذا المركز يرصد فقط مافعلته وماتفعله الجرافة الإسرائيلية منذ قيام دولة إسرائيل وحتى اليوم لتبين لهم أن سلاح إسرائيل الحقيقي والاستراتيجي ليس الدبابة ولا الطائرة وإنما هو الجرافة.
الجرافة هي سلاح إسرائيل الاستراتيجي، وهي أخطر سلاح تمتلكه إسرائيل، وهي من لعب الدور الاكبر في ظهور المخيمات الفلسطينية وفي بناء المستوطنات الإسرائيلية.
لكنها فعلت ذلك بهدوء وفي أيام السلم وفي الأيام العادية ومما ساعدها على فعل ذلك هو أن العرب المتخلفين تركوها بدون رقابة فقد كانت عيونهم على الدبابة وليس على الجرافة اعتقادا منهم بأن الصراع بينهم وبين الإسرائيليين هو صراع عسكري وليس صراعاً حضارياً، وهو مواجهة بين الدبابات وليس بين الجرافات.


للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم
88548 تبدأ بالرمز 155 مسافة ثم الرسالة