-A +A
وحول استقلالية بعض المثقفين طرح الكاتب والباحث نواف القديمي طرحاً يقارب ما ذهب إليه د. الدخيل من أن "هناك تمايزا واضحا حصل في الأزمة بين فريق خاضع لرأي السلطة الرسمية أو الاتجاه السياسي الذي ينتمي إليه وآخرون كانوا يعبرون عن قناعاتهم الشخصية وموقفهم السياسي المستقل، وذلك بمعزل عن تقييم تلك الأراء"، وأضاف القديمي: "في فورة الغضب تجاه حدث ما يغيب أحياناً التمييز بين التعبير عن الموقف والرأي (الانفعال العاطفي)، وبين التحليل السياسي والمقاربة الفكرية، وفي مجزرة غزة مارست غالب النخب الثقافية الفعل الأول عبر إدانة هذه الجريمة البشعة ـ وهو دون شك موقف إنساني مشروع ونبيل ـ أي أن كثيراً من النخب اكتفت بـ (التعبير عن الموقف) أو (إبراء الذمة) دون أن تتجاوز ذلك".
وفي سؤال (الدين والحياة) عن ما كان يتوجب على هذه النخب أن تفعله.

أشار القديمي إلى "أن أهم ما على النخب الثقافية أن تفعله في هكذا حالات ـ إضافة لحقها في التعبير عن موقفها ـ ممارسة التحليل والتفكير العلمي عبر دراسة أخطاء المرحلة السابقة لكل الأطراف، ومقاربة مواطن الخلل في الممارسة السياسية، وطرح التصورات البديلة واستعراض السيناريوهات المستقبلية المتوقعة"، وحول استخدام بعض النخب لهذه الأزمة لتصفية حسابات فكرية وسياسية قال القديمي: "هذه الممارسة تتكرر دائماً في أجواء الاحتقان السياسي والثقافي بين التيارات المختلفة، وهي نوع من الأيديولوجية الطاغية عند الأطراف المتصارعة في الوسط الثقافي، بحيث يحاول كل طرف استغلال أي حدث لتوظيفه في نقد خصومه الفكريين"، ووصف القديمي هذه الممارسة "بالمبتذلة وغير المحترمة في السجال الثقافي"، ودلل القديمي على كلامه بما حصل في غزة فقال: "في أحداث غزة لاحظنا هذه الممارسة بشكل واضح، فبعض الكتاب المحسوبين على التيار الليبرالي تفرغ للهجوم على المقاومة بشكل عنيف وكأنها هي من تقوم يومياً بقصف مدارس الأطفال بتل أبيب بطائرات الـ (إف 16).
قد تكون هناك أخطاء في عمل المقاومة وضعف في إدارة المعركة السياسية في المرحلة السابقة، ولكن حين يكون الهجوم والتعنيف بهذا الشكل الانفعالي الذي يتجاوز مجرد الخلاف السياسي أو الأيديولوجي، لا يمكن حينئذ إلا أن نضع هذه الممارسة تحت لافتة (تصفية الحسابات)".