-A +A
آدريان كروفت - لندن
ارتبط مفهوم معاداة السامية في اللغات الأوروبية بمعاداة الصهيونية، وذلك بعد سيطرة الخطاب الصهيوني على وسائل الإعلام الغربية. وبالأحرى، لم يعد هناك تمييز بين معاداة اليهود ومعاداة السامية، وبين معاداة اليهود على أساس عرقي ومعاداتهم على أساس ديني، وأصبحت معاداة الصهيونية، والدولة الصهيونية من ضروب معاداة اليهود. فالتصويت ضد إسرائيل في هيئة الأمم المتحدة، ونضال الشعب الفلسطيني ضد الاستيطان الصهيوني، أصبح ضربا من معاداة السامية. وفي مؤتمر دولي عن معاداة السامية التأم الثلاثاء، فند مشاركون أن الهجوم الإسرائيلي على غزة والركود الاقتصادي العالمي، حفزا تنامي وتيرة الهجمات البدنية والشفوية على اليهود في أنحاء العالم. واستشهد مدير رابطة مناهضة تشويه السمعة إبراهام فوكسمان، وهي جماعة أمريكية تدافع عن الحقوق المدنية، بأن الأسابيع الستة الماضية شهدت تفجر الأنشطة والسلوكيات المعادية للسامية، الذي وصفه بأنه أصبح وباء وذلك نتيجة لحرب غزة والأزمة الاقتصادية اللتين يلقى اللوم فيهما على اليهود. وقال خلال مؤتمر في لندن عن معاداة السامية يحضره 125 مشرعا من 40 دولة : « لم نر منذ الحرب العالمية الثانية مثل هذا العدد الكبير من الهجمات على اليهود والمؤسسات اليهودية والمعابد اليهودية». ويعضد هذا المنحى الوزير في وزارة الخارجية البريطانية مارك مالوش براون مقرا بأنه حدثت زيادة حادة في الحوادث المناهضة للسامية في بريطانيا وأماكن أخرى من أوروبا بعد حرب غزة. ولنا أن نقف عند إعلان عدة دول عن حدوث زيادة في الأنشطة المعادية للسامية خلال حملة إسرائيل على غزة التي استمرت 22 يوما وانتهت بهدنة في 18 من يناير مع حركة المقاومة الإسلامية حماس. فيما سجل الاتحاد الرئيس للجمعيات اليهودية في فرنسا أكثر من مئة هجوم في يناير صعودا من 20 إلى 25 هجوما في الشهر في العامين السابقين. وقالت جماعة خيرية تحمي الطائفة اليهودية الأسبوع الماضي إنها سجلت نحو 250 حادثا مناهضا للسامية في بريطانيا في الأسابيع الأربعة بعد بدء المعارك في غزة مقارنة مع 541 حادثا خلال العام الماضي برمته. ولم تنج حتى فنزويلا من الموجة؛ إذ عمد رجال مسلحون إلى تخريب معبد «تيفيريت» اليهودي في يناير ، بينما قالت الطائفة اليهودية في تركيا إنها تشعر بالقلق من معاداة السامية التي طفت على السطح خلال الاحتجاجات على حملة إسرائيل على قطاع غزة.

واستشعر الوزير الإسرائيلي السابق ناتان شارانسكي مبلغ الخطر على بني جلدته قائلا : « لا شك أنه كلما اضطرت إسرائيل إلى الكفاح والقتال لحماية مواطنيها، اشتدت المشاعر المعادية للسامية في كل أنحاء العالم».

وحملت استبانة استقصائية لرابطة مناهضة تشويه السمعة نشرت الأسبوع المنصرم، أن المعتقدات عن نفوذ اليهود في عالم الأعمال مازالت قوية في أوروبا، إذ أظهرت عبر آراء 3500 شخص في النمسا، فرنسا،المجر، بولندا، والمانيا، أسبانيا وبريطانيا أن 31 في المئة أنحوا باللائمة على اليهود في صناعة المال تسببهم في الأزمة الاقتصادية العالمية.

وأوضح المدير التنفيذي للجنة الأمريكية اليهودية ديفيد هاريس ، وهي جماعة ضغط ، أنه كان هناك إجماع في الرأي في المؤتمر على أن معاداة السامية وصلت إلى مستويات مرتفعة جديدة.

مسترسلا : « أن حملة إسرائيل في غزة كانت مجرد عامل إضافي في قضية أكبر كثيرا، وأن معاداة السامية تركزت إلى حد كبير في أوروبا بيد أنها مشكلة عالمية، فنمو المشاعر المعادية للسامية تأتي على خلفية الأزمة الاقتصادية التي تزيد الأمر سوءا باتهام اليهود بجرائم اقتصادية شنيعة».

وخلص المشرعون في المؤتمر ، ومعظمهم غير يهود، إلى إعلان يحث الحكومات على منع إذاعة البرامج المعادية للسامية عبر القنوات التلفزيونية الفضائية، وتوعية الأطفال بشأن محارق النازية والعنصرية ومعاداة السامية. ولكن، هل تتمكن مؤتمرات ونشرات وبرامج أن تمحو من الذهنية العالمية « بروتوكولات حكماء صهيون» التي تفضح على نحو صارخ مؤامرة اليهود للتحكم في العالم؟.