-A +A
عائض الردادي
كنت قد كتبت هنا عن معاناة المواطنات السعوديات في المدينة المنورة اللاتي افترشن الرصيف ببضائع متواضعة الثمن من أجل لقمة عيش كريمة لهن ولأولادهن، ولم أَرَ جوابا إلا ما وصلني من قراء يشكون الحال كما أشكوه، ويبدو أن الأمانات تساوت في ملاحقة هؤلاء النسوة الفقيرات، وكأن الأمور البلدية كلها قد أنجزت، ولم يبقَ غير ملاحقة هؤلاء النساء، فقد نشرت جريدة المدينة «16/2/1430هـ» تقريرا تدمع له عين كل قلب رحيم إلا قلوب مسؤولي أمانة جدة التي حتى الآن لم تستطع القضاء على الغربان وبحيرات المياه الآسنة ومياه الأمطار.
قامت أمانة جدة بإزالة بسطات مواطنات شريفات بحثن عن الرزق الحلال ثم قامت بمصادرة البضائع وإيداعها في حاويات البلدية، ويبدو أن كل الحلول غير ممكنة إلا هذا الحل، ولم يلتفت مندوب البلدية «الذي قد يكون على بند العمال» إلى توسلات هؤلاء الأمهات فأوامر رئيسه فوق كل شيء حتى دموع هؤلاء النساء وتوسلاتهن بعدم إتلاف البضائع التي اقترضن ثمن شرائها، فجمَعَ لهن بين قطع الرزق وتحميلهن الدين.
أم عائض السبيعي وهي ستينية قالت: أزالوا بسطتي وصادروا القمصان والبراقع والحناء والبخور والحقائب وقيمتها عشرة آلاف ريال، وأم علي الحويطي قالت: إن قيمة ما صودر منها 20 ألف ريال، وهي قرض من برنامج عبد اللطيف جميل «باب رزق جميل» وتسدده شهريا بمقدار «800» ريال، وأم محمد الحويطي أرملة وأم لسبعة أبناء سُدت في وجهها كل أبواب العمل، ولم تجد سوى قرض من «باب رزق جميل» لتربي أولادها وتكسب لقمة حلالا بعيدا عن ذل السؤال لتفاجأ بانقضاض الأمانة على بضاعتها انقضاض وحش مفترس على فريسة ضعيفة الحيلة، ومثلهن «ش.الحويطي» التي تشارك خالتها في البسطة، وأم زياد السبيعي التي قالت: إنها هددت بالضرب من المراقبات ما لم تنصع لهن.
والأعجب أن الناطق باسم أمانة جدة قال: «إن الأمانة حريصة على ملاحقة المفترشين ووأد هذه الظاهرة، وأن مصادرة البضائع أمر طبيعي، والأعجب كذلك استباق البلدية للحل الذي قدمه برنامج عبد اللطيف جميل «باب رزق جميل» وهو حصوله على التصاميم المناسبة من المهندس زهير فايز بشأن تنظيم بسطات هؤلاء النسوة على الرصيف: بعمل 10 بسطات كبيرة ومتساوية ومحاولة إصدار التراخيص في مدة قصيرة، وأن صاحب المشروع خاطب أمين جدة وأخذ منه موافقة شفهية بشأن إعطائهن التراخيص، وعسى أن يكمل جميله بالتصدق عليهن بإعفائهن من سداد القرض المصادر.
لو أن أمانة جدة لا يوجد لديها ما يشوه الشوارع سوى ذلك لكان لها العذر، ولو أن البلدية عملت بمقياس الرزق الجميل لما سارعت بالإزالة والمصادرة، وإن كان المراقب لا يعلم بما تم مع الأمين فتلك مصيبة، وإن كان من ينام على ريش نعام لا يحس بمعاناة من يفترش الرصيف فالأمر لمعالي وزير العمل الذي كثيرا ما أثنى على مشروع «باب رزق جميل» وإن كان هؤلاء النسوة اللاتي ظهرت صورهن وصور بسطاتهن المكسرة وبضائعهن المصادرة لا تثير أية شفقة فعلى القلوب الرحيمة السلام، بسطات متلفة وسيارة «باب رزق جميل» بجوارها، كل ذلك تناقض في تناقض، ورحمة إلى جوار قسوة.
هؤلاء المواطنات لم يسرقن، وبحثن عن الرزق الحلال على الرصيف.. فهل الأوْلى مساعدتهن أم مصادرة رزقهن وتحميلهن الديون؟.. آهٍ ليت من أتلف يحرم من الخبز يوما واحدا.
الفاكس: 012311053
IBN-JAMMAL@HOTMAIL.COM

، ولو أن البلدية عملت بمقياس الرزق الجميل لما سارعت بالإزالة والمصادرة.


للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 123 مسافة ثم الرسالة