كان مساء الاثنين 21/2/1430هـ موعد الحدث، وفي المكان الذي جرت عليه كامل التفاصيل مساء، بمعطياته وقيمته الحضارية، أسمن وأثمن من غيره من المساءات، التي أرهقت التاريخ وأزعجت الذاكرة، فلما أثر ذلك وربا، كل من الإحباط والقنوط، إلى أن صح الصحيح، فجب ما قبله.. مساء أتى منصفا، حضر بكل أناقته الأدبية وزينته الثقافية، يرفل في ثوبي التميز والإبداع.. مساء.. ولا أجمل ولا أحلى بما حصل من مفاهيم ومعان ومضامين، تجلى فيها الصدق والحب، وكل أنواع التقدير.. مساء.. كما في بدايته، أتت نهايته محملة بالشوق والحنين، فعانق الوفاء فيه ذلك العطاء القادم من هناااااك.. من دانة الجنوب (فرسان) ممثلا في شخص وشخصية (مفتاحها الذهبي) الذي لا يصدأ ما شاء الله.. فكان المشهد مبهجا مثيرا، ومؤثرا مهيبا «خليط من المشاعر الجياشة» تجسد من خلاله المعنى الحقيقي للتكريم المثالي، ما أدى إلى ظهوره بتلك الصورة الزاهية وحق له أن يكون على ذلك.. لأن المتبنى أو الراعي الحصري هو «اثنينية» الوجيه عبدالمقصود خوجة، وأعضاءها هي الشهيرة في الوسط الثقافي والضليعة في نفس الوقت، بجهد أعضائها وثقافتهم الفكرية العالية، اللذين خولا لهم حق إطلاق المبادرات التي تعنى بالرموز الأدبية والمواهب في شتى المجالات، التي تنضوي تحت لواء (الفكر والثقافة والأدب) أيا وأينما كانوا، لتنزلهم بهذا الاهتمام منازلهم، التي أساها في الأصل، تميزهم الأدبي وتألقهم الثقافي والمعرفي، وقبل ذلك سيرهم الذاتية العطرة، المؤطرة بالكفاح والطموح والإنجاز، المثري للذائقة، وبناء العقول. عليه جاء تكريم الأديب الأستاذ إبراهيم عبدالله مفتاح على تلك الصورة الجميلة، التي تحول بها ومعها إلى «كرنفال» أدبي ثقافي اجتمع فيه احتفاء واحتفالا، كوكبة من ألمع نجوم الفكر والثقافة والأدب، إلى جانب ثلة من قرائه ومتابعيه ومحبيه، وعدد من أبناء مدينته «فرسان» وعلى رأسهم الشيخ محمد حسين صيادي، ونجله الخلوق رمزي محمد صيادي.. إذ كان لحضورهم المميز أثره الطيب في نفسه، وهذا ما وضح على محياه، حيث استمد منهم طاقته وطلاقته وانطلاقته العفوية.. مقومات قلما تحضر وتجتمع إلا لمن كان مثله، أذعنت طوعا وحبا، تجاوبا مع ما أبداه من إيثار على نفسه، لمسه الجميع وذاك حين حول مجرى كلمته، بحديث شيق ومرتب انصب حول فرسان الزمان والمكان والعراقة والتاريخ، فرسان الأرخبيل والصيد والغوص، فرسان الآثار والطيور والضبا، فرسان التجارة والديانة قبل الإسلام والفلكلور والشعر الشعبيين، في مناسبات السفر والعودة من الحج والغوص والصيد، وفي الزواج وختان الصبيان.. تفاصيل أطنب فيها (المحتفى به) من غير مال، ظاهرها التألق وباطنها البر والولاء، لمسقط رأسه، التي احتضنته غضا، في كتاتيبها ومدارسها، حتى بلغ ذروة مجده الثقافي والفكري والأدبي، ما مكنه من تبوؤ مناصب تعليمية على مستوى المدارس المتوسطة والثانوية، وتقلد عدة مناصب في لجان مختلفة منها الاجتماعية ومنها الأدبية ومنها الرياضية، كما أسفر هذا الحراك الأدبي عن مشاركته بالقصيدة الرئيسية في مهرجان الجنادرية الثامن لعام 1414هـ، وكذلك حصوله على جائزة (الشعر الفصيح) في جائزة أبها الثقافية لعام 1417هـ برعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير عسير آنذاك، وهذا غيض من فيض وإلا فإن القائمة تطول.. على أي حال، كل ما جاء في ذلك المساء يدعوك لأن تشكر القائمين على أمر التكريم على ما قدموه وبذلوه من جهد استقبالي وتنظيمي، حتى مع حضور تلك العبارة التي تحسس منها الكثير، والتي لم يكن لحضورها أي داع، ولكن من أجل عين تكرم مدينة، هذا والشكر مني موصول للأستاذ محمد صالح يماني، على المعلومات التي قدمها لي عن الأديب إبراهيم عبدالله مفتاح.
عبدالله بن معيض - جدة
عبدالله بن معيض - جدة