كنت مرة في حديث مع أستاذنا حمد الجاسر - رحمه الله - فأثنى على إنتاج شخص ومواصلته الثقافية بالرغم من أنه موظف، وقال لي: عادة أكثر الموظفين يبتعدون عن الثقافة إما لكثرة أعمالهم أو لأنهم حققوا بالشهادة مطلب الوظيفة، وتذكرت ذلك وأنا أشهد تكريم معالي د. عبدالعزيز الخويطر مرتين في يومين متتالين: تكريما من معرض الكتاب في الرياض وتكريما من المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية، فالدكتور الخويطر أكبر من موظف فهو قد تقلد مناصب وزارية كثيرة، كلها تستغرق الوقت والصحة، ولكنه بقي وفيا لعشقه الأول وهو القراءة والتأليف، ليس بكتاب واحد بل بأكثر من عشرين كتابا، بعضها زاد عن عشرين جزءا.
عبدالعزيز الخويطر درعمي (خريج دار العلوم في مصر) وهذه الكلية كان يشار لخريجيها بالبنان في مصر، ولعل دراسته فيها من أسباب دفعه لمواصلة الدراسة وبعد ذلك عدم الانفصال عن القراءة والإنتاج، وهو قد عاش في عدة مجتمعات بدءا من مجتمعه الصغير في عنيزة، إلى المجتمع المتنوع في مكة المكرمة، الى المجتمع المصري الذي يعد آنذاك جاذبا لتقليده وبخاصة في اللهجة، ثم المجتمع الإنجليزي المتطور، ومع كل ذلك بقي صاحب انتماء، فلم يعد بلهجة مصرية، ولا تسمعه يلوك كلمات إنجليزية بدون داع، حتى يظن من لايعرفه أنه لايعرف الإنجليزية، فهو نموذج لأوائل البعوث الذين طلبوا العلم وعادوا بالثوب والعقال.
لن أتكلم عن تواضعه بالرغم من تعدد المناصب الوزارية التي تولاها، ولن أتكلم من قربه من مجتمعه ومشاركته في مناسباته، فلم أره مزهوا بنفسه أو متخذا من الوظيفة مجالا للترفع على الناس، ولو كان كل وزير في تعامله مع الناس مثله لقلت: كل وزير إنسان، ارتفع وظيفيا وتواضع اجتماعيا.
إنتاجه ليس ذلك الإنتاج الملفق من كتاب هذا وكتاب ذاك، بل هو رصين في تأليفه العلمي، ومرتق بجمال العبارة في تأليفه عن التراث والذكريات، ولو كان كغيره لأغار على انتاج غيره (شراء أو اشتراكا) ولكن ما في بطون كتبه لايمكن ان يكتبه إلا هو، فهو طالب علم لاطالب وجاهة بالتأليف.
ومع أنه كرم في المجال الثقافي المحدود بالتأليف فإنني أرى (أن ثقافته أوسع من تأليف كتاب: إنها ثقافة سلوك اجتماعي شامل لكل أصناف الثقافة، وأهمها السلوك الإداري النزيه)، فهو يوصف بأنه شديد الحفاظ على المال العام في كل مناصبه، وقد تروى حوله بعض الطرائف في هذا المجال، ولو كان لي أمر في التكريم لكرمته عن مكافحة الفساد المالي والحفاظ على النزاهة، ولعله كما استرسل قلمه في الكتابة عن المجتمع والتراث أن يكتب عن تجربته الادارية فهي أكثر نفعا للأجيال ولاتقل عن حفظ التاريخ لها، بل هي جزء من التاريخ الخفي الذي يجب أن يكتب ليكون قدوة حسنة.
لا أقول إن عبدالعزيز الخويطر خال من كل عيب، ولكن حسبه أن تعد معايبه، وترجح فصائل فضله في العلم والإدارة والتعامل مع الناس، وأنه لم يغرق بين الملفات الادارية، بل سبح بمهارة بينها، وابحر على شواطئ العلم فتى وشيحا، وهو إن جلست معه أبحر بالأحاديث بما ينسي الهموم ويزرع البسمة دون أن ينال من عرض أحد، أو ينتقص منه، يعطي الحكاية الشعبية مدلولها، ويفسر الحادثة التاريخية بعبرها يأنس لحديثه الصغير والكبير، والمثقف وغير المثقف، كتب عنه في مناسبة التكريم، ولكن الحاجة قائمة لكتابته عن رحلته مع الإدارة والمال فهذا تاريخ حياة لاتاريخ حوادث، وقل من يحسن كتابته بتجرد، وهو من يحسن الكتابة، لأنه عاش التجربة ولديه القدرة، ولو تأخر النشر إن كان الزمن مبكرا لنشره.
الفاكس: 2311053-01
IBN-JAMMAL@HOTMAIL.COM
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي تبدأ بالرمز 123 مسافة ثم الرسالة
عبدالعزيز الخويطر درعمي (خريج دار العلوم في مصر) وهذه الكلية كان يشار لخريجيها بالبنان في مصر، ولعل دراسته فيها من أسباب دفعه لمواصلة الدراسة وبعد ذلك عدم الانفصال عن القراءة والإنتاج، وهو قد عاش في عدة مجتمعات بدءا من مجتمعه الصغير في عنيزة، إلى المجتمع المتنوع في مكة المكرمة، الى المجتمع المصري الذي يعد آنذاك جاذبا لتقليده وبخاصة في اللهجة، ثم المجتمع الإنجليزي المتطور، ومع كل ذلك بقي صاحب انتماء، فلم يعد بلهجة مصرية، ولا تسمعه يلوك كلمات إنجليزية بدون داع، حتى يظن من لايعرفه أنه لايعرف الإنجليزية، فهو نموذج لأوائل البعوث الذين طلبوا العلم وعادوا بالثوب والعقال.
لن أتكلم عن تواضعه بالرغم من تعدد المناصب الوزارية التي تولاها، ولن أتكلم من قربه من مجتمعه ومشاركته في مناسباته، فلم أره مزهوا بنفسه أو متخذا من الوظيفة مجالا للترفع على الناس، ولو كان كل وزير في تعامله مع الناس مثله لقلت: كل وزير إنسان، ارتفع وظيفيا وتواضع اجتماعيا.
إنتاجه ليس ذلك الإنتاج الملفق من كتاب هذا وكتاب ذاك، بل هو رصين في تأليفه العلمي، ومرتق بجمال العبارة في تأليفه عن التراث والذكريات، ولو كان كغيره لأغار على انتاج غيره (شراء أو اشتراكا) ولكن ما في بطون كتبه لايمكن ان يكتبه إلا هو، فهو طالب علم لاطالب وجاهة بالتأليف.
ومع أنه كرم في المجال الثقافي المحدود بالتأليف فإنني أرى (أن ثقافته أوسع من تأليف كتاب: إنها ثقافة سلوك اجتماعي شامل لكل أصناف الثقافة، وأهمها السلوك الإداري النزيه)، فهو يوصف بأنه شديد الحفاظ على المال العام في كل مناصبه، وقد تروى حوله بعض الطرائف في هذا المجال، ولو كان لي أمر في التكريم لكرمته عن مكافحة الفساد المالي والحفاظ على النزاهة، ولعله كما استرسل قلمه في الكتابة عن المجتمع والتراث أن يكتب عن تجربته الادارية فهي أكثر نفعا للأجيال ولاتقل عن حفظ التاريخ لها، بل هي جزء من التاريخ الخفي الذي يجب أن يكتب ليكون قدوة حسنة.
لا أقول إن عبدالعزيز الخويطر خال من كل عيب، ولكن حسبه أن تعد معايبه، وترجح فصائل فضله في العلم والإدارة والتعامل مع الناس، وأنه لم يغرق بين الملفات الادارية، بل سبح بمهارة بينها، وابحر على شواطئ العلم فتى وشيحا، وهو إن جلست معه أبحر بالأحاديث بما ينسي الهموم ويزرع البسمة دون أن ينال من عرض أحد، أو ينتقص منه، يعطي الحكاية الشعبية مدلولها، ويفسر الحادثة التاريخية بعبرها يأنس لحديثه الصغير والكبير، والمثقف وغير المثقف، كتب عنه في مناسبة التكريم، ولكن الحاجة قائمة لكتابته عن رحلته مع الإدارة والمال فهذا تاريخ حياة لاتاريخ حوادث، وقل من يحسن كتابته بتجرد، وهو من يحسن الكتابة، لأنه عاش التجربة ولديه القدرة، ولو تأخر النشر إن كان الزمن مبكرا لنشره.
الفاكس: 2311053-01
IBN-JAMMAL@HOTMAIL.COM
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي تبدأ بالرمز 123 مسافة ثم الرسالة