ثروة الأمم تكمن في عقول أبنائها المفكرة, وركيزة إبداع وإنتاج هذه العقول هو توفر الأمن والاستقرار والحرية, بما يتيح لهذه العقول العمل بكفاءة واستقلالية لخدمة المجتمع والدولة. لكن تعطيل قدرة العقول المفكرة عن الانتاج والعمل الجاد يمكن أن يحصل بطرق عديدة, لعل من أهمها وأخطرها على الإطلاق، هو خطر انتشار وتعاطي المخدرات.
بالأمس القريب أعلنت الجهات الأمنية المعنية في وزارة الداخلية عن ضبط 3 عصابات لتهريب المخدرات, بالتالي إحباط محاولة تهريب كمية كبيرة من الحشيش وأقراص الكبتاغون, تمثلت في 1.7 طن من الحشيش ونحو 3.4 مليون قرص من حبوب الكبتاغون. ناهيك عن تورط نحو 34 شخصاً في عملية التهريب المحبطة, يمارسون نشاطهم في عدة مناطق من المملكة, قاموا بتحويل مبلغ مالي ضخم للخارج. هناك دلالات عديدة لهذه الحادثة, تتجاوز كونها تدخل في باب الجريمة المنظمة، لأنها تناولت الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال.
أولاً, حجم الكمية المضبوطة, وتعدد جنسيات من قام بهذا العمل, إضافةً إلى شمولية عملية توزيعها على مناطق المملكة. هذا كله يعني أن خلف هذا العمل المشين بنية تحتية متكاملة تعمل من خلال شبكات معينة, على تواصل مع نظيراتها في الخارج. كذلك فإن مشاركة مقيمين بها ومن جنسيات عربية وغير عربية, كما تم الإعلان عن ذلك, دليل على أنه عمل مقصود ومخطط له, وأن الفرد السعودي هدف لتدمير أثمن ما لديه, عقله. ثانياً, المبالغ المالية التي تجاوزت 400 مليون ريال التي تم تحويلها بين حسابات بنكية محلية وخارجية مؤشر على أن غسل الأموال تجارة رابحة ولها زبائنها في الداخل والخارج, ويجب تشديد الرقابة المالية على الحسابات المشبوهة, خاصةً الحوالات الخارجية منها.
أخيراً, كون نصف المشاركين في هذا الفعل القبيح من غير السعوديين يثير مرة أخرى دور العمالة الوافدة في الإخلال بالأمن. فوجود أكثر من 6 ملايين مقيم, جزء لا يستهان به منهم يقيم بين ظهرانينا بشكل غير شرعي, مدعاة للقلق من ناحية, ويتطلب مزيداً من العمل للحد من هذه الظاهرة من ناحية أخرى, كي يتم تلافي إسقاطاتها البغيضة على الأمن الوطني. والواقع أن المسؤولية هنا ليست على الأجهزة المعنية وحدها, التي تبذل جهدا مشهودا في مكافحتها, بل إن المواطن المتستر والمتواطئ والمستفيد من هذه الوضعية غير النظامية مسؤول أيضاً, وعليه يقع جزء كبير من اللوم والعتب, بل العقاب.
لا للمخدرات شعار جميل ومعبر, تم تبنيه والعمل على تحقيقه. لكن يجب أن ندرك أنه رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات المسؤولة في هذا الشأن, ورغم تكوين مديرية مستقلة لمكافحة المخدرات, وتقديم الدعم الكامل لها, ورغم ما تحققه من إنجازات في هذا الشأن, إلا أن القضاء التام على هذه الظاهرة المقيتة ليس بالأمر الهين. وأذكر أنه في الولايات المتحدة, كان من الخيارات المطروحة للدراسة ذات يوم, جعل المخدرات مسموحاً بها, كي يتم الحد من المتاجرة بها, وكي لا تصبح مربحة. طبعاً هذه ليست دعوة للسماح بها بقدر ما هو دليل على جسامة مسؤولية مكافحة المخدرات, وضرورة تقدير الجهد المبذول في هذا الشأن, ودعمه بشكل مستمر. والمسؤولية في هذا الشأن مشتركة تبدأ من التوعية الأسرية والمجتمعية, مروراً بالمواطن نفسه سواءً كان متاجراً أو مستخدماً. نتمنى أن نرى حداً لظاهرة تعاطي المخدرات والمتاجرة بها, من خلال قيام كل فرد من أفراد المجتمع, مواطناً كان أو مسؤولاً, بالدور المطلوب منه. حمانا الله وأياكم من هذا الخطر المميت.
knhabbas@hotmail.com
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي تبدأ بالرمز 145 مسافة ثم الرسالة
بالأمس القريب أعلنت الجهات الأمنية المعنية في وزارة الداخلية عن ضبط 3 عصابات لتهريب المخدرات, بالتالي إحباط محاولة تهريب كمية كبيرة من الحشيش وأقراص الكبتاغون, تمثلت في 1.7 طن من الحشيش ونحو 3.4 مليون قرص من حبوب الكبتاغون. ناهيك عن تورط نحو 34 شخصاً في عملية التهريب المحبطة, يمارسون نشاطهم في عدة مناطق من المملكة, قاموا بتحويل مبلغ مالي ضخم للخارج. هناك دلالات عديدة لهذه الحادثة, تتجاوز كونها تدخل في باب الجريمة المنظمة، لأنها تناولت الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال.
أولاً, حجم الكمية المضبوطة, وتعدد جنسيات من قام بهذا العمل, إضافةً إلى شمولية عملية توزيعها على مناطق المملكة. هذا كله يعني أن خلف هذا العمل المشين بنية تحتية متكاملة تعمل من خلال شبكات معينة, على تواصل مع نظيراتها في الخارج. كذلك فإن مشاركة مقيمين بها ومن جنسيات عربية وغير عربية, كما تم الإعلان عن ذلك, دليل على أنه عمل مقصود ومخطط له, وأن الفرد السعودي هدف لتدمير أثمن ما لديه, عقله. ثانياً, المبالغ المالية التي تجاوزت 400 مليون ريال التي تم تحويلها بين حسابات بنكية محلية وخارجية مؤشر على أن غسل الأموال تجارة رابحة ولها زبائنها في الداخل والخارج, ويجب تشديد الرقابة المالية على الحسابات المشبوهة, خاصةً الحوالات الخارجية منها.
أخيراً, كون نصف المشاركين في هذا الفعل القبيح من غير السعوديين يثير مرة أخرى دور العمالة الوافدة في الإخلال بالأمن. فوجود أكثر من 6 ملايين مقيم, جزء لا يستهان به منهم يقيم بين ظهرانينا بشكل غير شرعي, مدعاة للقلق من ناحية, ويتطلب مزيداً من العمل للحد من هذه الظاهرة من ناحية أخرى, كي يتم تلافي إسقاطاتها البغيضة على الأمن الوطني. والواقع أن المسؤولية هنا ليست على الأجهزة المعنية وحدها, التي تبذل جهدا مشهودا في مكافحتها, بل إن المواطن المتستر والمتواطئ والمستفيد من هذه الوضعية غير النظامية مسؤول أيضاً, وعليه يقع جزء كبير من اللوم والعتب, بل العقاب.
لا للمخدرات شعار جميل ومعبر, تم تبنيه والعمل على تحقيقه. لكن يجب أن ندرك أنه رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات المسؤولة في هذا الشأن, ورغم تكوين مديرية مستقلة لمكافحة المخدرات, وتقديم الدعم الكامل لها, ورغم ما تحققه من إنجازات في هذا الشأن, إلا أن القضاء التام على هذه الظاهرة المقيتة ليس بالأمر الهين. وأذكر أنه في الولايات المتحدة, كان من الخيارات المطروحة للدراسة ذات يوم, جعل المخدرات مسموحاً بها, كي يتم الحد من المتاجرة بها, وكي لا تصبح مربحة. طبعاً هذه ليست دعوة للسماح بها بقدر ما هو دليل على جسامة مسؤولية مكافحة المخدرات, وضرورة تقدير الجهد المبذول في هذا الشأن, ودعمه بشكل مستمر. والمسؤولية في هذا الشأن مشتركة تبدأ من التوعية الأسرية والمجتمعية, مروراً بالمواطن نفسه سواءً كان متاجراً أو مستخدماً. نتمنى أن نرى حداً لظاهرة تعاطي المخدرات والمتاجرة بها, من خلال قيام كل فرد من أفراد المجتمع, مواطناً كان أو مسؤولاً, بالدور المطلوب منه. حمانا الله وأياكم من هذا الخطر المميت.
knhabbas@hotmail.com
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي تبدأ بالرمز 145 مسافة ثم الرسالة