-A +A
أحمد العرياني ـ جدة
في ظل تراجع مبيعات السيارات في أسواق المملكة, اتجه بعض الوكلاء إلى رفع أسعار قطع الغيار, من أجل تعويض التراجع الذي حدث بسبب الأزمة المالية العالمية التي عصفت بقطاع السيارات في العالم. وسجلت أسعار بعض قطع الغيار ارتفاعا ملحوظا بلغ 35 في المائة تقريبا في بعض القطع, وفقا لعاملين في مجال قطع غيار السيارات. وبين مراقبون أن شركات السيارات قادرة على تحقيق أرباح طائلة من سوق قطع غيار السيارات، الذي يعتبر من أكثر وأسرع القطاعات نموا. لافتين إلى أن مالكي السيارات والسائقين, أصبحوا في حالة من الحيرة والمعاناة بسبب غلاء أسعار قطع الغيار الأصلية خاصة في الوكالات, مما دفع الكثير منهم إلى شراء قطع غيار تقليدية لسياراتهم هروبا من غلاء أسعار القطع الأصلية. أوضح عدد من العاملين في محلات قطع غيار السيارات, أن أسعار قطع الغيار تختلف بحسب أهمية القطعة نفسها ومكوناتها، فالقطع سريعة الاستهلاك التي يتم استبدالها بشكل دوري مثل البطاريات، والفلاتر وأقمشة الفرامل سجلت ارتفاعا ملحوظا في أسعارها. مشيرين إلى أن أسعار بعض البطاريات ارتفعت من 95 إلى 180 ريالا, وطالب مستهلكون بوضع قائمة لأسعار قطع الغيار وإجبار محال بيعها على الإلتزام بها، وإيقاع العقوبات المشددة بحق المخالفين المتسببين في ارتفاع الأسعار بهذا الشكل. وحذر اقتصاديون من أن لجوء بعض الشركات إلى رفع أسعار قطع غيار سياراتها, سيضر ببعض المستهلكين, ويشكل خطرا مباشرا على حياتهم نتيجة إتجاههم لشراء قطع الغيار المستعملة والتجارية بدلا من الأصلية.
وأوضحوا أن هناك عوامل أخرى ساهمت في ارتفاع أسعار قطع الغيار في السوق المحلية, من أهمها ارتفاع سعر صرف بعض العملات العالمية مثل الين واليورو بشكل كبير في الفترة الماضية.

وقال ناصر الحربي, الذي كان متواجدا في أحد محلات قطع غيار السيارات: إن ما تشهده سوق قطع الغيار من ارتفاعات مبالغ فيها يجب إيقافها فورا, حتى لا تتفاقم المشكلة ويتجه المستهلكون إلى السلع المقلدة والتجارية والتي دائما ما تكون ذات أضرار جسيمة على المستخدمين لها.
مكافحة الغلاء
وطالب الحربي وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك, بوضع آلية للحد من ارتفاعات أسعار قطع غيار السيارات, لمساعدة أصحاب السيارات في الحصول على أسعار مناسبة.
تفاوت الأسعار
أما بندر مجلي صاحب سيارة متعطلة في إحدى ورش المنطقة الصناعية فقال: لم أترك محلا لبيع قطع السيارات إلا وذهبت إليه لكي أحصل على بعض القطع الخاصة بسيارتي, إلا أني وجدت ارتفاعا وتفاوتا في الأسعار من محل إلى آخر, فقد وصل سعر أقمشة الفرامل إلى 150ريالا, والتجاري إلى 60 ريالا.
الطلب يحدد الأسعار
وبين سعيد عبدالقادر بائع في أحد محلات قطع غيار السيارات أن أسعار القطع يحددها نوع القطعة وكذلك الحجم ونوع السيارة, ومدى حجم الطلب عليها, مشيرا إلى أن أسعار قطع غيار السيارات تفرضها السوق والمنافسة الموجودة فيها, وقال: هناك تجار كثيرون في السوق, بعضهم لديه بضائع اشتراها في وقت سابق بأسعار أقل, ويستطيعون المنافسة بأسعار مناسبة للمستهلك.
وأكد ضرورة عدم الاستخفاف بموضوع قطع الغيار, واستخدام القطع الأصلية لأنها تشكل ضمانا حقيقيا لسلامة السائقين بالدرجة الأولى ومن ثم سياراتهم, مشيرا إلى أنه على الرغم من وجود تفاوت بين أسعار القطع المقلدة وغير الأصلية والأخرى الأصلية والمضمونة إلا أن أي توفير في السعر قد يكون ثمنه باهظا إذا ما قيس بمقدار الضرر الذي قد يصيب الأشخاص والسيارات وحتى الممتلكات نتيجة لاستخدام تلك القطع الرخيصة، والضرر مكلف جدا وقد تكون كلفته أكبر من أن تعوض.
عبدالعزيز فاضل بائع في محل قطع غيار سيارات قال: إن قطع الغيار الأصلية هي قطع تنتجها الشركة الصانعة للسيارة عن طريقها مباشرة، أو تنتجها شركة أخرى متخصصة في هذا النوع من قطع الغيار، طبقا لمتطلبات الشركة الصانعة للسيارة بحيث تقوم الأخيرة بنفسها بالرقابة الفنية على الجودة سواء بسحب عينات أو التفتيش أثناء الإنتاج، وتمر القطع على الشركة الصانعة للسيارات لتوسم باسمها أو علامتها التجارية قبل تسويقها. بينما قطع الغيار التجارية هي قطع تنتجها شركات متخصصة في قطع الغيار وطبقا للمواصفات القياسية الوطنية مع مراعاة متطلبات الشركة الصانعة للسيارة، ولا تخضع هذه القطع لرقابة أو تفتيش صانع السيارة ولا تحمل اسمه ويتم تسويقها عن طريق الشركة المصنعة لقطع الغيار مباشرة.
وأشار فاضل إلى أن فارق السعر بين القطع التجارية والأصلية هو من أهم العوامل التي تدفع كثيرا من الناس للإقبال على الأولى, فالفارق تجده في كثير من الأحيان يتجاوز أربعة أضعاف.
و قال عبدالرحمن النمر مسؤول قطع الغيار في إحدى الشركات إن أسعار قطع الغيار مرتبطة بعملية إنتاج السيارات, وفي حالة وجود زيادة في إنتاج السيارات يحدث انخفاض في التكلفة في قطعها و كلما قل الإنتاج زادت تكلفة القطع.
ارتفاع الأسعار
وأشار إلى أن أسعار قطع غيار السيارات شهدت ارتفاعات ملحوظة في الفترة الماضية والنسب تختلف من شركة إلى أخرى لكن بشكل عام وصل ارتفاع الأسعار إلى ما يقارب 35 في المائة في بعض القطع. مبينا أن سبب ارتفاع أسعار قطع الغيار في الفترة الماضية ليس مقتصرا فقط على تراجع الطلب على السيارات بل هناك عامل آخر مهم هو ارتفاع سعر صرف بعض العملات العالمية مثل الين الياباني الذي ساهم بشكل مباشر وكبير في رفع سعر قطع غيار السيارات المستوردة من اليابان.
وبين أن نسبة الزيادة السنوية لقطع الغيار تتراوح بين 2 و 5 في المائة, لافتا إلى أن هذه الزيادة تأتي بما يتناسب مع استراتيجية المصنع في ترويج منتجاته والاستعداد لتلبية سوق قطع غيار الموديلات الجديدة.
مصاريف تشغيلية
وأكد محمد الحجي مسؤول مبيعات في إحدى شركات السيارات أن زيادة أسعار قطع الغيار في هذه الفترة نتاج طبيعي في ظل ارتفاع المصاريف التشغيلية بشكل كبير إلى جانب مضاعفة تكلفة الشحن والنقل. معتبرا أن البطاريات وزيوت المحرك والفلاتر والمكابح والإطارات من أكثر قطع الغيار تأثرا بالزيادة. مشيرا إلى أن الارتفاع في قطع غيار السيارات كالإرتفاع في أسعار كل المنتجات اليابانية أو الأوروبية التي زادت أسعارها بسبب ارتفاع أسعار العملتين اليابانية والأوروبية, لافتا إلى أن شركات السيارات تحاول التقليل من آثار ارتفاع أسعار قطع الغيار على المستهلكين بقدر الإمكان.
حماية المستهلكين
وأقر رئيس لجنة صيانة السيارات في غرفة جدة كمال العيتاني ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات, مشيرا إلى أنه لا توجد حتى الآن آلية لحماية المستهلكين من هذه الارتفاعات التي تحدث نظرا لأن الوكيل هو الذي يضع السعر ونسبة الخصم المقدرة ولا توجد آلية تحد من ذلك عن طريق وزارة التجارة أو أي جهة أخرى.
زيادة تكلفة النقل
وقال صالح القايدي مدير وكالة لبيع قطع غيار السيارات: إن وكالات السيارات تعتبر أن الزيادة في أسعار قطع غيار السيارات ضرورية ومبررة, في ظل زيادة تكاليف التشغيل والبيع، إلى جانب مضاعفة تكلفة الشحن والنقل. وأشار إلى أن العوامل التي أسهمت في رفع الأسعار متعددة, ولكنها لا تتعلق بالعوامل الخارجية فقط، وساعدت عليها بعض العوامل الداخلية من ارتفاعات في تكاليف المعيشة وغيرها.
العملات تحرك الأسعار
من جانبه قال استاذ الاقتصاد الدكتور سالم باعجاجة: إن سبب ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات الجديدة والمستعملة, وتحديدا الأوروبية, يرجع للمكاسب التي حققتها العملة الأوروبية مقابل العملات الرئيسية منذ أواخر العام الماضي، حيث بلغت مستويات قياسية، إضافة لارتفاع تكاليف الشحن والمواد الخام الداخلة في تصنيع هذه القطع في دول المنشأ. مشيرا إلى أن قطع الغيار من السلع المعمرة، وهي عادة لا تتأثر محليا بشكل مباشر وسريع باختلاف الأسعار عالميا، وتحتاج إلى وقت خصوصا أن هناك مخزونا كبيرا منها لدى التجار والمستوردين، وهذا على عكس أسعار السيارات التي ينعكس عليها الارتفاع مباشرة.
وأوضح نبيل بن أمين ملا محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة في تصريح سابق أن الهيئة أصدرت العديد من المواصفات القياسية السعودية في مجال قطع الغيار مثل (الإطارات ـ المكابح ـ فلاتر الزيت والوقود والهواء ـ السيور والبطاريات) وتحدد هذه المواصفات القياسية مستوى الجودة الذي يجب أن تكون عليه قطع الغيار التي ترد إلى المملكة لحماية المستهلك من الغش والتدليس، كذلك أصدرت الهيئة المواصفة القياسية السعودية رقم 2278 / 2004 "السيارات ـ قطع الغيار ـ المتطلبات العامة"، التي تضمنت الشروط والضمانات التي تهدف إلى عدم دخول قطع الغيار غير المطابقة للمواصفات القياسية إلى أسواق المملكة.
مشيرا إلى أن الهيئة تقوم بإلزام الصانع بتقديم شهادة مطابقة مع تقرير اختبار لقطع الغيار التي تدخل المملكة. مبينا أن الهيئة تبذل جهودا حثيثة لزيادة وعي المستهلك وذلك بإصدار نشرات توعوية لبعض قطع الغيار، كذلك تشارك الهيئة في المعارض التي تقام في المدن المختلفة في المملكة للرد على استفسارات الزائرين.
ويبلغ حجم تجارة قطع غيار السيارات في الشرق الأوسط نحو 11 مليار دولار وتسيطر على 30 في المائة منها سوق قطع الغيار المقلدة بقيمة تصل إلى نحو 3،3 مليارات دولار. وأشارت دراسة إحصائية قامت بها وزارة التجارة في المملكة إلى أن نسبة 40 في المائة من قطع غيار السيارات المباعة في المملكة هي قطع غيار مقلدة أو غير أصلية.
يذكر أن المملكة هي خامس أكبر الأسواق لأجزاء السيارات ومعدات التشغيل الأمريكية على مستوى العالم، وتمثل الصناعة اليابانية 35 في المائة من حصة سوق قطع الغيار السعودية، أما الألمانية فتمثل 15 في المائة والكورية والاســترالية لكل منهما 7 في المائة وفرنسا 6 في المائة.