-A +A
الجوهرة بنت محمد العنقري
عندما تجرّب المرأة الأمومة لأول مرة.. من بداية الحمل ومعاناته.. إلى الولادة.. وتعرضها للآلام ومخاطره إلى الهم والخوف والقلق على أبنائها في مرضهم وصحتهم في حضورهم وغيابهم.. في نجاحهم والخوف من الفشل.. في توسلها لله عز وجل أن يحميهم من السوء أن يحفظ عليهم دينهم وصلاح أمرهم.. في محاولاتها تعويضهم ما ينقصهم.. أب غائب.. أو امكانيات ضعيفة تتمنى أن تقطع من جسدها وتعطيهم، ولا تسمعهم أو تراهم في حاجة أو ضنك ومن أول لحظة في ساعات حياتهم.. تبدأ المرأة مشوار الأمومة.. الذي لا تنتهي مشاعره، حتى وإن كبروا حتى وإن كوّنوا أسراً.. وبيوتاً وأبناء.. حتى وان استغنوا.. حتى وإن برّوا.. حتى وإن عقّوا.. تظل تدعو لهم.. محبة فيهم وخوفاً عليهم من غضب الله إن هم فرطوا.. هذه الأم كيف نعبر عن مكانتها.. محبتها.. غلاها.. ليس إلا شاعراً من يتمكن من هذه الصورة.. وبالرغم من انها لم تجرب مشاعر الأمومة بعد.. إلا أنها برقي احساسها عبّرت.. وأجادت.. وهو يؤكد ولادة شاعرة.. منال العبدالرحمن الغامدي.. التي تستعد الآن لطباعة أول ديوان شعري لها.. ويمّه.. إحدى القصائد النبطية في الديوان.. ولتسمح لي الابنة منال.. أن أهديها لأمي الحبيبة.. ولكل أم.. قامت بالدور كاملاً.. رغم غياب الشريك بالوفاء أو بالنكران.. لكل أم تحملت الكرهَ.. وأدت الواجب واستحقت رحمة الله عز وجل بأن جعل الجنة تحت أقدامها.. تقول منال في قصيدتها يمّه:
إذا فاضت بي همومي وضاقت كل أحوالي

وعاف الحزن في عيني صديق كنت له شاري
وزادتني الهموم هموم هدّت عاتي جبالي
وملّ مصاحبي ربعي وملّ مجاوري جاري
وعشت بغربة غطت بقايا ماضي آمالي
تغيّب كل ما فيها وجفّ غدوق أنهاري
عزيز كنت بين الناس في حلّي وترحالي
وإذا صاب الكدر قلبي وحيدٍ ما لي مداري
حكوا عنِّي رزي القول غشّوا حسن أفعالي
وصرت بعين خلاني ذليل وحافي عاري
كثير من البشر ربعي إذا زانت لي أحوالي
ولا أحد ساءلن عنّي إذا هدّ الأسى داري
بجيك وشايل حزني على ظهري وأحمالي
وبحضن قلبك وبنسى ظلام كحّل أنواري
ولو ضاق الفضا فيني وزاد الناس غربالي
دُعاك وحضنك وخوفك وطيبك غاية أسفاري
أنا يمّه بحضنك وليد من الحزن خالي
أبغفي لا تصحّيني دفاك يطيّب أكداري
جروحي من يداويها وكلّ الناس عذالي؟
ومرّ الوقت في دنياي من غيرك له يداري؟
دفا حضنك ينسيني كثير القيل والقال
وبرد الثلج في كفك يطفي حرقتي وناري
ولامنّك دعيتي لي تزيّن بالهنا حالي
تبدّل همّي بسعد يفوح بطيبه أزهاري
جميع الخلق تقبلني إذا زيّنت بأقوالي
وقلبك لا حشا مارد كثر خطاي وأعذاري
ألا يا دنيتي وملي ويا أغلى من الغالي
ويا من سعدها سعدي ومشقاها بأوزاري
قصوري يمّه بحقك وقلّ الحسن بأفعالي
ويا كثر المزن منّك يفيض وتعشب قفاري
وإذا برّك على قدرك بسقي عذب وزلالي
وأسقي أرض تمشيها وبأنثر أعطر أزهاري
وأضوّي دنيتك يمّه بضيء بارق عالي
لجل ياسعك يا قلب ببرّه زاد مقداري
أنا ودّي أوفي لك ولو دمّي لك ينهال
أنا يمه بلا حضنك جدبت وشحّت أمطاري
أنا طفل غذى منك حنان وبذل متوالي
سمع دعواتك بضيقه سمع رجواك للباري
عرف خوفك إلا منّها برقت به عين عذال
لمح في ضعفه عيونك تهلّ ودمعها جاري
وشاف بحاجته كفك تشيل أثقال وأثقال
ويشفق في دجى ليله حنانك يغلى الأطهار
أنا مالي سواك إنتِ بقاي ورأس أموالي
أحبك يمّه وربّي عليم بخافي أسراري
وش اللي يوفي بقدرك وقدرك مضرب أمثال
ملا صافي الحشا يمّه ملا سمعي وأبصاري
عظيمة حيل يا أمي، عظيمة يا بعد حالي
عظيمة كثر ما ربي فرض لك جل مقداري
عساني ما انحرم منّك ولاني عنّك بسالي
فديت بدنيتي وصلك وفدوة عينك أشعاري