-A +A
صلاح عبد الشكور ـ مكة المكرمة
أكد مدير الإدارة العامة للمتابعة بإمارة منطقة مكة المكرمة وإمام وخطيب جامع الخليفي الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الخليفي، أن جريمة التشهير بالآخرين تعد واحدة من الجرائم التي تثير القلق والاهتمام، خاصة في هذا العصر الذي اتسع فيه نطاق التشهير، مشيرا إلى تفنن المشهرين في ارتكاب جرائمهم باستخدام الوسائل التقليدية والحديثة للنيل من سمعة المشهر بهم والتعدي على أعراضهم، وإلحاق الضرر بهم، في ظل التقدم التقني والتطور الهائل والسريع في أنظمة الاتصالات والأجهزة الحاسوبية، حتى أصبحت هذه الجريمة ظاهرة سلبية تهدد استقرار المجتمعات المعاصرة وأمنها. وقال لـ(الدين والحياة): إن النشاط الإجرامي لهذه الظاهرة يتعدى أماكن حدوثها إلى مناطق أخرى قد تكون خارج نطاق إقليم الدولة، كالتشهير عبر الإنترنت الذي قد يرتكب في دولة ويكون أثره الإجرامي في دولة أخرى والمستفيد منه في دولة ثالثة. داعيا إلى أهمية تضافر الجهود بين الحكام والمحكومين على المستوى الوطني، وتضافرها بين الحكومات على المستويين الإقليمي والدولي لمواجهة مخاطر هذه الجريمة التي ينتج عنها في الغالب أضرار ومفاسد تخل بتوازن المجتمع وقيم العدالة، وتؤدي إلى غرس الأحقاد والضغائن بين فئات المجتمع.
وأضاف: لا يستطيع عاقل أن ينكر الأثر الذي يتركه التشهير بالآخرين من الناحية الاجتماعية، وعلى الأخص إذا كان عبر الهاتف المحمول الذي يتم بواسطته نشر صور العوائل والفتيات في الإنترنت بشكل فاضح، فيكون لذلك الأثر السيءعلى هذه العائلة أو تلك الفتاة التي ربما تحرم من الزواج بسبب التشهير بها وإن كانت متزوجة ربما طلقت، فيترتب على ذلك العديد من المشاكل الأسرية والانحرافات الأخلاقية التي تهدم كيان المجتمع، والقصص في ذلك أكثر من أن تحصى، يضاف إلى ذلك ما يصيب نسيج العلاقات الاجتماعية من خلل واضح واضطراب واهتزاز للثقة فيما بين الأفراد بسبب الخوف من جرائم التشهير وآثارها المدمرة.

وقال الدكتور الخليفي: ولما كان التشهير بالآخرين بهذه الخطورة، فقد حرصت الشريعة الإسلامية على محاربة هذا النوع من الجرائم وقفل منافذه ونوافذه والطرق المؤدية إليه في إطار التشريع الجنائي الإسلامي، حيث فرضت العقوبات الحدية والتعزيرية لكل من تسول له نفسه التعدي على أعراض الآخرين والنيل من سمعتهم، وإن ردع هؤلاء المعتدين الذين ينالون من أعراض الناس ويشوهون سمعتهم ويشهرون بهم علنا أصبح أمرا ملحا خاصة في هذا الزمان الذي كثرت فيه وسائل التشهير، لكن ثمة إشكالية قد تعوق من ذلك، ألا وهي تخفي بعض الأشخاص وراء أسماء وهمية في شبكة الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة حيث وجدوا لهم في هذه الوسائل مرتعا خصبا لارتكاب جرائمهم بسبب سهولة وسرعة انتقال المعلومات والصور والإشاعات فيها من دون معرفة مصدرها وصعوبة إثبات فاعلها في كثير من الأحيان، مشيرا إلى أن المملكة قد جرمت هذه التجاوزات بموجب نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/17 في 8/3/1428هـ. في الإطار ذاته أصدرت وزارة الداخلية القرار الوزاري رقم 1900 في 9/7/1428هـ الذي حدد بموجبه الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف ومن ضمنها: انتهاك الأعراض بالتصوير والنشر أو التهديد بالنشر.