-A +A
جولة: عدنان الشبراوي ـ جدة
ثمة أسئلة وتساؤلات تنضح بالمرارة، طرحها العديد من المواطنين الذين التقيناهم خلال جولة على أحياء شرق الخط السريع في عروس البحر الأحمر. وطالبوا أمانة جدة والجهات المختصة الأخرى بالتعجيل بخطوات معالجة مشاكل بحيرة المسك، مرمى النفايات، وتشاليح السيارات؛ لتصحيح الصورة المشوهة لأحيائهم، التي يقطنها قرابة 350 ألف نسمة . الجولة التي استمرت عشرة أيام كشفت لنا عورات 22 حياً ، حيث اشتكى الأهالي كذلك من الحشرات الطائرة والزاحفة ومستنقعات طفح المياه الجوفية وما تنبعث منها من روائح لا تطاق. وقالوا إن الحفر والتشققات باتت سمة للشوارع التي تنتظر الصيانة منذ وقت طويل. أما التعديات على الأراضي والصكوك الموقوفة فقد أصبحت قاسماً مشتركاً بين مختلف الأحياء.
بدأت جولتنا ببحيرة المسك، التي ما تزال تشكل خطراً ماثلاً يهدد بإغراق أحياء شرق الخط السريع بالمياه الآسنة، رغم المعالجات التي بدأت أمانة جدة تطبيقها. ومع أن إيقاف الرمي في مرمى الصرف الصحي الذي يصب في هذه البحيرة يتصدر خطوات الاستراتيجية المعتمدة من قبل الأمانة ، رصدت «عكاظ» عدداً من الوايتات وهي تلقي حمولتها فيه وقت الظهيرة . ولاحظت عشرات المشاتل الزراعية على الطريق المؤدي للبحيرة التي يصل منسوبها إلى مايقارب 150 متراً فوق سطح البحر، ويبلغ حجم المياه فيها حوالي 20 مليون متر مكعب .

وفي حال انهيار سد البحيرة، الواقعة في مسار وادي الحفنة ـ لا قدر الله ـ ستنساب مياهها في وادي بني مالك، مسببة خسائر بشرية ومادية في كافة أحياء شرق جدة، إضافة إلى الأمراض والأوبئة، الأمر الذي استدعى إقامة سد احترازي عند مدخل الوادي .
استراتيجية المعالجة
وحسب مصادر مطلعة في الأمانة، فإن استراتيجية معالجة هذه المشكلة تطبق على ثلاث مراحل ، حيث تتضمن المرحلة الأولى إنشاء مرمى مؤقت لمياه الصرف الصحي، ومحطة معالجة ثلاثية، وتشغيل محطة المعالجة الحالية بكامل طاقتها على أن تبدأ بمعالجة 70 في المائة من مياه البحيرة و100 في المائة من المياه الواردة يوميا.
وتشتمل المرحلة الثانية على ثلاث خطوات، تتمثل في إيقاف الرمي في المرمى مع معالجة 25 في المائة من مياه البحيرة ، تشغيل المرمى الجديد المؤقت ومعالجة 100في المائة من المياه الواردة يوميا، إضافة إلى إنشاء مصنع أسمدة ومزرعة لنبات ورد النيل في موقع البحيرة بعد تجفيفها .
أما المرحلة الثالثة التى ينتظر تطبيقها على مدى عشرة أعوام، اعتباراً من العام الحالى 1430 هـ فتتضمن ثلاث خطوات، تشمل توسيع شبكة الصرف الصحي في مدينة جدة لتشمل 80 في المائة من الأحياء ، ضخ المياه المعالجة من محطة معالجة المرحلة الأولى جنوبي المطار إلى شرق جدة وتغطية كامل جدة بشبكة الصرف الصحي.
متنزه بري
وتعتمد الفكرة التصميمية للمخطط البيئي لمنطقة مرمى الصرف الصحي، على إنشاء متنزه بري في وادي الحفنة شمال بحيرة المسك ، ليكون نقطة جذب. ويعتمد على مياه الصرف المعالجة ثلاثيا والمنحدرة طبيعيا نحو المتنزه عبر مجرى مائي يخترقه، وبعد اكتمال شبكة الصرف تضخ المياه المعالجة إلى بداية المجرى المائي . ويحتوي المتنزه المقترح على مساكن ريفية (استراحات) ، ملاعب جولف، جلسات عائلية، ألعاب أطفال، مشاتل، أسواق تجارية، مسجد، مركز صحي، مركزين للشرطة والدفاع المدني، مواقف، منطقة استثمارية ، مطاعم، وإسطبل للخيل .
مخطط بيئي
ويركز المخطط البيئي على إيقاف رمي مياه الصرف الصحي في مرمى بحيرة المسك، لتخفيف الضغط على جسم السد الترابي الحالي، التخلص من أعمال الردم والتدعيم المستمرة له، البدء في معالجة مياه البحيرة والاستفادة منها في أغراض الري والأعمال الإنشائية والخرسانية. ويمكن إنشاء مصنع للأسمدة للاستفادة من المواد العضوية المترسبة في قاع البحيرة بعد الانتهاء من معالجة المياه.
كما تتم معالجة تربة المنطقة خاصة في المواقع المتأثرة بالتلوث نتيجة لتسربات البحيرة بما فيها المجرى المائى الذي يصل بين موقع التفريغ الحالي والبحيرة، بسبب ما خلفته مخلفات المصانع وغيرها من تلوث . وإنشاء مزارع إنتاجية تعتمد على المياه المعالجة .
ويهدف الوضع المستقبلي المقترح لشرق جدة إلى إنشاء حدائق في مسارات الأودية المؤثرة على جدة لتتخلل النسيج العمراني المستقبلي مع تنمية النشاط الزراعي في المناطق الزراعية.
هروب من البعوض
لكن المواطن حمد الشهراني ـ من سكان حي الأجواد ـ لا يملك غير الشكوى، والهروب بأسرته إلى مكان آمن من خطر اسراب البعوض المنتشرة والمياه الموبوءة وحمى الضنك. وقال لـ «عكاظ» إنه توجد في الحي مستنقعات للمياه الراكدة، تشكل مرتعاً خصباً لتكاثر البعوض والحشرات الأخرى الناقلة للأمراض، وتتسبب في هذه المستنقعات المياه الجوفية إلى جانب بحيرة المسك .
وتسيطر على كل من خالد المالكي، سعد الغامدي، وصالح الغامدي حالة من الضيق والفزع من تكاثر البعوض و الروائح الكريهة المنبعثة من البحيرة، لاسيما أن هناك تمددأ عمرانيا باتجاهها .
وفي موضوع آخر ذي صلة بالصحة العامة يشكو أهالي أحياء الأجواد، المنار، ظلال جدة، الأطلال، والسامر شرق الخط السريع من مصنع لمعالجة النفايات الطبية. ويقولون إن فرحتهم بالشروع في معالجة مشكلة مردم النفايات، لم تكتمل، إذ تجددت إصابات الأطفال وكبار السن بنوبات الحساسية وضيق التنفس، من جراء الأدخنة والأبخرة المتصاعدة من المصنع الذي لا يبعد سوى أمتار معدودة عن المنازل.
ويشير كل من حسن الشهري، إبراهيم الشهري، وعدنان الفهيد إلى أنهم طالبوا الجهات المختصة بالتدخل العاجل لإيقافه عن العمل ومن ثم نقله إلى خارج العمران، خاصة أنه يستغل ساعات المساء لتشغيل ماكيناته ـ حسب قولهم ـ لحرق النفايات الطبية التي تنتج كميات كبيرة من الغازات الضارة. ولذلك أصبح هروب سكان أحياء شرق جدة من منازلهم سمة بارزة لهم .
مشكلة التشاليح
ولاتقتصر أوجاع الأهالي على هذا المصنع أو بحيرة المسك أو مرمى النفايات. فالملف القادم هو ملف تنفيذ قرار نقل تشاليح السيارات من موقعها الحالي.
ويقول إسماعيل السلطان - من سكان حي بريمان - إن السعادة غمرتهم عندما علموا أن الأمانة اعتمدت مخططاً جديداً لورش تشاليح السيارات التي تجثم على صدورهم وتشوه منظر الحي. بينما يشير كل من محمد إبراهيم، سلمان إبراهيم، وعلى غانم إلى أنهم يتطلعون لنقل تلك التشاليح إلى موقعها الجديد في أسرع وقت ممكن، قائلين إنها تقع عند مدخل الحي وتضطرهم إلى قطع مسافة طويلة، لكي يصلوا إلى منازلهم، إذ لا بد من أن يصلوا أولا إلى كوبري القاعدة الجوية في شمال جدة قبل أن يعودوا أدراجهم .
ومن جانبها أوضحت بلدية بريمان القديمة أنه سيتم نقل جميع محلات التشاليح من بريمان إلى مخطط جديد يقع على بعد سبعة كيلومترات شرق موقعها الحالي. وأشارت إلى أنه تم توقيع العقد مع المستثمر الجديد، وجار حالياً تجهيز الموقع تمهيداً لانهاء إجراءات الانتقال اليه.