-A +A
سالم الجهني ـ جدة
اعتاد محمد الغامدي اصطحاب زوجته وأطفاله نهاية كل أسبوع لتناول العشاء في مطعم صيني في جدة، يؤكد أن نكهة الطعام الصيني أصبحت محببة لدى أفراد عائلته «أبنائي يعرفون أنواع الطعام الصيني ويطلبونه بالاسم».
ومثل عائلة الغامدي، كثير من العائلات السعودية تستهويها النكهة الصينية للأطعمة، وتنتشر في جدة لوحدها أكثر من 150 مطعماً صينيا، وهو ما يفسر الإقبال على المطاعم ذات التصاميم المستوحاة من التراث العمراني للصين التي برزت في السنوات الأخيرة كقوة اقتصادية لها ثقل لا يستهان به على مستوى العالم.

على مدى عقدين غزت المطاعم الصينية معظم مراكز ومجمعات الأسواق في عروس البحر الأحمر، وأصبحت هذه المطاعم التي تحمل مسميات صينية تنافس أشهر مطاعم الوجبات السريعة، بما فيها الأمريكية التي استأثرت بالسوق ردحاً من الزمن.
هناك من يفسر الإقبال على المطاعم الصينية إلى قوة التأثير الصيني الذي تغلب على المد القادم من دول آسيوية صعدت سلم الحضارة الحديثة قبلها بعقود مثل اليابان وتايوان، ويشيرون إلى أنه فتح شهية المستثمرين لإنشاء مجمعات تجارية تحمل سمات طابع الحياة الصينية بكامل تفاصيلها بما في ذلك الطابع المعماري لمباني تلك المجمعات التي ينتظر أن تضم إلى جانب المطاعم، محلات لعرض مختلف أنواع منتجات الصين.
محمد ساعد الثبيتي يقول إن الزائر لجدة يلاحظ بوضوح مدى تأثر هذه المدينة الساحلية بكل ماهو صيني ابتداء بالمنتوجات الصينية ومرورا بالمأكولات الصينية وانتهاء بالمحاكاة المعمارية.
بينما يشير ماجد سالم إلى أنه لم يكن للتأثير الصيني أي موقع في الحياة العامة لأهالي جدة قبل أكثر من ثلاثين عاما، لكن التطور الكبير الذي عاشته الصين في السنوات الأخيرة ساهم على ما يبدو في رسم معالم الطريق للحياة الصينية للانتقال إلى خارج محيطها، وبسرعة مذهلة غزت المنتوجات الصينية الرخيصة والمقلدة معظم متاجر المملكة، وما هي إلا سنوات قليلة حتى انتشرت المطاعم التي تقدم الوجبات الصينية ذات السمات الآسيوية المتميزة، والتي صارت في وقت قياسي تحظى بالإقبال عليها من قبل عدد كبير من العائلات السعودية بعد أن كان زبائنها في السابق من أفراد الجاليات الآسيوية.
ولم يقتصر المد الصيني على المنتوجات والمأكولات والطراز المعماري، بل امتد ليشمل إقامة المعاهد المتخصصة في تدريس اللغة والثقافة الصينية، وبدأ يأخذ خطاً موازياً للمد الأوروبي والأمريكي ويتفوق عليه في بعض الأحيان، ومن غير المستبعد أن تجد الثقافة الصينية في المرحلة المقبلة رواجا يفوق الثقافات الغربية بحكم التقارب بين الثقافات العربية والآسيوية نظراً للتقارب المكاني.
ويتوقع وليد سالم بن محفوظ عضو لجنة المطاعم في الغرفة التجارية الصناعية في جدة ارتفاعاً كبيراً في أعداد المطاعم الصينية خلال الأعوام القليلة، ويعلل ذلك التوقع بالإقبال المتزايد من الأسر السعودية على الوجبات التي تقدمها هذه المطاعم بنفس نكهاتها في الصين، وتتميز بجودتها الغذائية ورخص أسعارها نسبياً مقارنة بغيرها .